من أبي تمام الى الزعني وسورية

من أبي تمام الى الزعني وسورية

من أبي تمام الى الزعني وسورية

 عمان اليوم -

من أبي تمام الى الزعني وسورية

جهاد الخازن

قبل أن يولد بشار حافظ الأسد، قال شاعر الشعب عمر الزعني:

بين سوريا وروسيا

في حرفين مختلفين

حط السين بدل الرا

وحط الرا بدل السين

بتلاقيهم بالألفاظ

والحروف متساوين

من شان هيك بالتجارة

والسياسة متفقين.

 

قيل هذا الزجل سنة 1955، وهو لا يزال صحيحاً اليوم بعد 60 سنة على قوله.

موضوعي اليوم ليس عن زجل عمر الزعني، إلا أنني وجدته يعبر عن واقع الحال أفضل مني وهو يقول سنة 1918، أي قبل حوالى مئة سنة: الموت، الموت يا محلاه/ قلبي والله بيتمنـّاه/ وصار لي زمان بستنـّاه/ حتى الموت محروم منه واأسفاه/ ما دام الشعب عايف «سماه»/ الموت أشرف/ يمـّا عيشة مليحة وإلا بلاه.

سورية ولبنان خير وجمال، وآثار تروي كيف بدأت حضارة العالم وأين. كان جدي يحتفظ بأوراق عملة قديمة تعود إلى الفترة بعد استقلال البلدين. كان الفرق الوحيد بينها أن العملة السورية تحمل اسم سورية، والعملة اللبنانية تحمل اسم لبنان. وتوالت الانقلابات في سورية، واختار الحكم أن يتحالف مع النظام الاشتراكي (الشيوعي) وتراجع اقتصاد البلد، فكان جدي يحتفظ بأوراق عملة قطع منها اسم سورية، ووضع مكانه اسم لبنان، لأن الليرة اللبنانية أغلى.

سورية غالية على قلبي عزيزة مثل لبنان، وكل بلد عربي. وكنت أعجب أن يفتقر بلد عربي غني جداً بموارده الطبيعية، وأهله من أذكى الناس وأنشطهم. اليوم نسيت الفقر أمام هجمة الموت. عدد الضحايا في سورية يقترب من ثلاثمئة ألف، ومعهم ملايين اللاجئين في بلدان الجوار، وحول العالم، ثم هناك الذين غرقوا في البحر هرباً من الموت في بلادهم. فرّوا من الموت إلى الموت، ولفظهم البحر إلى الشاطئ إن لم يأكلهم السمك.

كلنا مسؤول. القارئ وأنا والأمة كلها. المسؤولية الكبرى يتحملها النظام والجماعات الإرهابية، وأيضاً المعارضة الوطنية التي ليس لها في الوجود غير اسمها.

عندما كنا صغاراً نستقبل المراهقة، أخذنا الأهل لحضور معرض دمشق بجوار بردى. كبرت وقرأت لشوقي: مضى وصفق يلقانا بها بردى/ كما تلقاك دون الخلد رضوان. أجد اليوم أن ذلك عهد مضى، وقد ابتعد رضوان عن الشام وأهلها، وإن بقي تصفيق فهو لطم الخدود على الأحبّاء الراحلين.

لا أكتب شيئاً لا يعرفه القارئ. أحاول أن أنفث عن الصدر. هل أقضي وأمضي من دون أن أرى مرة أخرى دمشق، بردى والغوطة وجبل قاسيون؟ الجامع الأموي. السور. سوق الحميدية. الشارع المستقيم. ألف ذكرى وذكرى، فأختار الحارس على باب الجامع الأموي. لم يكن يسأل الزائر هل هو عربي أو أجنبي، مسلم أو غير مسلم. كان يسأل: بالله قدّيش الساعة؟ وإذا جاءه الجواب بالعربية يرحب بالزائر من دون أن يسأل عن دينه أو جنسيته. قلب العروبة النابض، أخشى أنه توقف عن الخفقان.

ذهب الأتاسي والقوتلي والجابري والعظم والبرازي والعظمة ومردم بك والقدسي وأبو ريشة وقباني، لا أحد مثلهم اليوم أو غداً.

لن أضحك على نفسي أو القارئ. لن أخدع أحداً. اليوم أسوأ من أمس، والغد أسوأ من اليوم. أمة أتقنت الفناء. كنتم خير أمة أخرجت للناس. واليوم؟ اليوم أنتم آخر الأمم. المؤخرة.

يكفي بكاء، سورية في حضن روسيا وقد بدأت بزجل الزعني عنهما، فأختتم بشعر لأبي تمام قاله قبل 1200 سنة، وكأنه يتحدث عمـّا يجرى اليوم:

ما اليوم أول توديع ولا الثاني/ البَيْن أكثر من شوقي وأحزاني

بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا/ بالرقَّتين وبالفسطاط إخواني.

إخواني عند رب كريم.

... وأخيراً أكدت موسكو أن إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء هو عمل إرهابي. ولنذكر أن الضحايا كلهم أناس مدنيون لا علاقة لهم بما يجري في سورية والعراق. لكن الأكيد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجعل المنفذين يدفعون الثمن. وكأن سورية لا يكفيها ما هي فيه.

omantoday

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 09:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 09:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 09:13 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 09:12 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 09:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أبي تمام الى الزعني وسورية من أبي تمام الى الزعني وسورية



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025
 عمان اليوم - المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025

GMT 16:54 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab