عودة الى شعراء الأمة

عودة الى شعراء الأمة

عودة الى شعراء الأمة

 عمان اليوم -

عودة الى شعراء الأمة

بقلم : جهاد الخازن

كنت أقرأ العدد الأخير من مجلة «العربي» الراقية، عندما وقعت على موضوع قيّم كتبه المفكر الدكتور جابر عصفور عن شاعر فلسطين والأمة الصديق الراحل محمود درويش.

كان عنوان الموضوع «الرسم بالكلمات»، ما أثار شجوني. فبعد وفاة أخينا نزار قباني الذي نشرت له «الحياة» مقالات خصّها بها ونشر بعضها بعد الوفاة، عرضت على محمود أن يكتب لنا أيضاً، وهو قبِل إلا أن المرض غلبه وغلبنا وتوفي بعد قليل.

الدكتور جابر تحدث عن الفراغ في فن الوصف بالقصيدة العربية، إلا أن بعض السطور المختارة ذكّرني بالشاعر الذي كتب «أنا عربي» وطلب من يهود فلسطين أن يرحلوا عنا. توقفت عند عبارة «الشمس غير المحتلة» في ما كتب محمود درويش وقرأت: أزهار صفراء توسع ضوء الغرفة/ تنظر إليّ أكثر مما أنظر إليها/ هي أولى رسائل الربيع/ أهدتنيها سيدة لا تشغلها الحرب/ عن قراءة ما تبقى لنا من طبيعة متقشفة/ أغبطها على التركيز الذي يحملها/ إلى ما هو أبعد من حياتنا المهلهلة/ أغبطها على تطريز الوقت بإبرة/ وخيط أصفر مقطوع من الشمس غير المحتلة...

كلمات محمود درويش ذكرتني بمصير الأمة التعسة، وكيف أن شاعرنا مضى فلم يشاهد ما نعيش اليوم من ألم ويأس.

عدت إلى معروف الرصافي وقصيدته التي تبدأ بقوله: أنا بالحكومة والسياسة جاهل/ عمّا يدور من المكائد غافل/ لكنني هيهات أفقه كوننا/ شعباً يتامى جُلـّه وأرامل.

أختار من القصيدة التي كأنها كتبت عن العراق أمس: إما قتيل شعبنا أو هارب/ متشرد أو أرمل أو ثاكل/ سحقاً كفى حزبية ممقوتة/ راحت تمايز دينها وتفاضل/ ما الحزب إلا سرّ فُرقة روحنا/ فقبائل هو شعبنا وعوائل/ لا لم تعد نجف تفاخر باسمكم/ لا كوفة لا كربلا لا بابل/ أنتم كأندلس الطوائف أجهضت/ والموت إما عاجل أو آجل/ يتآمرون على العراق وأهله/ زمرٌ على وطن الإبا تتطاول/ فهنا عميل ضالع متآمر/ وهناك وغد حاقد متحامل/ يحيا العراق برغم شائكة الدما/ للنور نبع للحياة مناهل/ ما أعظم الوطن الفخور بحتفه/ متشائم بحياته وبموته متفائل.

ما سبق كله جعلني أبحث في أوراقي عن قصيدة قالها نزار قباني في مهرجان المربد الخامس في بغداد سنة 1985، استفزت أهل الحكم فلم يُدعَ نزار إلى العراق بعد ذلك، وهوجم بشدة وحدّة بعد 1990 واحتلال الكويت. القصيدة غير مسجلة في ديوان شعر نزار قباني وهو عندي في ثلاثة أجزاء فأختار: مواطنون دونما وطن/ مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن/ مسافرون دون أوراق... وموتى دونما كفن/ نحن بغايا العصر/ كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن/ نحن جواري القصر/ يرسلوننا من حجرة إلى حجرة/ من قبضة لقبضة/ من مالك لمالك/ ومن وثن إلى وثن/ نبحث عن قبيلة تقبلنا/ نبحث عن ستارة تسترنا/ وعن سكن.

يكمل نزار: مواطنون نحن في مدائن البكاء/ قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء/ حنطتنا معجونة بلحم كربلاء/ طعامنا شرابنا/ عاداتنا راياتنا/ زهورنا قبورنا/ جلودنا مختومة بختم كربلاء.

وينتهي نزار قائلاً: مسافرون خارج الزمان والمكان/ مسافرون ضيعوا نقودهم وضيعوا متاعهم/ ضيعوا أبناءهم وضيعوا أسماءهم وضيعوا انتماءهم/ وضيعوا الإحساس بالأمان/ فلا بنو هاشم يعرفوننا/ ولا بنو قحطان/ ولا بنو شيبان/ يا وطني كل العصافير لها منازل/ إلا العصافير التي تحترف الحرية/ فهي تموت خارج الأوطان.

أكتفي بما سبق، نقلاً عن شعرائنا الثلاثة. هم رأوا المصيبة قبل أن تقع.

omantoday

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

GMT 14:42 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو عمار... أبو التكتيك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الى شعراء الأمة عودة الى شعراء الأمة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 16:54 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab