«القراءة الثانية» تفتح العقل

«القراءة الثانية» تفتح العقل

«القراءة الثانية» تفتح العقل

 عمان اليوم -

«القراءة الثانية» تفتح العقل

جهاد الخازن

في السياسة الأنغلو - أميركية القراءة الثانية تعني في بريطانيا أن يناقش اللوردات أو النواب مشروع قانون قدمته الحكومة في جلسة سابقة، وفي الولايات المتحدة أن يدرس المشترعون تقرير لجنة من الكونغرس عن مشروع القانون المُقتَرَح.

عادت إليّ العبارة وأنا والزميل غسّان شربل، رئيس تحرير «الحياة»، نراجع كيف تغيرت نظرة الواحد منا إلى أمور كثيرة بعد أن كبرنا وأصبحنا أكثر معرفة. وشكرته في نهاية الحديث حول فنجان قهوة لأنه أعطاني فكرة مقال أدبي، كنت أستطيع أن أجعله في حلقات، إلا أنني أكتفي بحلقة واحدة.

كان جدي، رحمه الله، مدير مدرسة وفي البيت مكتبة عامرة، وهو شيء نادر في بلادنا. كان التلفزيون بالأبيض والأسود، فقرأت صغيراً دواوين شعراء قدامى ومحدثين، وروايات تاريخية ومجلات أدبية وعلمية وغيرها، وربما لم أفهم كل ما قرأت في تلك الأيام، أو تغير فهمي بعد إعادة القراءة، فأختار اليوم أمثلة أرجو أن تعجب القارئ.

- «رسالة الغفران» عظيمة، وأبو العلاء المعري أكبر من أن يحتاج إلى رأيي فيه، غير أن قراءتها الثانية تركتني مع انطباع بأن الفكرة العبقرية التي طلع بها المؤلف وهو يتنقل بين الجنة والنار كان هدفها اللغة والمرفوع والمنصوب والمخفوض قبل أي شيء آخر.

هو يبدأ كتابه بالحديث عن الحماطة وأنها نوع من الشجر ويورِد شعراً عنها، ويكمل بالأسودَيْن ثم الأبيضَيْن، وينتقل منهما إلى شاعر اسمه أبو الهندي وإقواء في بيتين من شعره.

أبو العلاء، على لسان راويته إبن القارح يورد بيتين من الشعر هما:

ألم بصحبتي وهم هجوع

خيال طارق من أم حصن

لها ما تشتهي عسلا مصفّى

إذا شاءت وحوّارى بسمن

وهو يغير روي الأبيات على حروف الهجاء كلها بما فيها الظاء. ويحاور واحداً من الجن اسمه الخثيعرر من بني الشيبصان.

- في ديوان حافظ إبراهيم الصفحات 77-97 كلها عن الفاروق عمر شعراً، حياته، موته، بيعة أبي بكر، خالد بن الوليد، عمر بن العاص، ابنه عبدالله وآخرين.

حافظ يخالف عباس محمود العقاد في عبقرياته ويأخذ جانب قبول خالد العزل وتسليم القيادة إلى أبو عبيدة الجرّاح، ويقول:

ألقى القياد إلى الجرّاح ممتثلا

وعزة النفس لم تُجرَح حواشيها

وأنضم للجند يمشي تحت رايته

وبالحياة إذا مالت يفدّيها

كنت أعتبر شوقي وحافظ أعظم شعراء العربية في زمانهما غير أنني بعد قراءتي الثانية لديوانيهما وجدت أن حافظ مدح أحمد شوقي في ست قصائد، بين طويلة وقصيرة، ومنها مبايعته إمارة الشعر، وذلك البيت الخالد:

أمير القوافي قد أتيت مبايعاً

وهذي وفود الشرق قد بايعت معي

شوقي بك في المقابل أهمل حافظ، إبن البلد، فقد كان شاعر القصر، وأكثر مدائحه السياسية في الأتراك، ثم حكام مصر، و «الخديويات» في ديوانه تشغل الصفحات 969 إلى 1126، وهو القائل:

شاعر العزيز وما

بالقليل ذا اللقب

لو مدحتكم زَمَني

لم أقم بما يجب

وأيضاً:

أأخون إسماعيل في أبنائه

ولقد ولدت بباب إسماعيلا

حافظ مات قبل شوقي بأسابيع سنة 1932 ورثاه أمير الشعراء رثاء جميلاً مطلعه:

قد كنت اؤثر أن تقول رثائي

يا منصف الموتى من الأحباء

لكن سبقت وكل طول سلامة

قدر وكل منية بقضاء

القراءة الثانية مهمة، وأرجو كل قارئ شاب أن يفكر بيوم يعيد فيه النظر في ما كان يعتقد أنه يعرف.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القراءة الثانية» تفتح العقل «القراءة الثانية» تفتح العقل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab