بشار الأسد الأول والآن الثاني

(بشار الأسد الأول والآن الثاني)

(بشار الأسد الأول والآن الثاني)

 عمان اليوم -

بشار الأسد الأول والآن الثاني

(بشار الأسد الأول والآن الثاني)
جهاد الخازن

مؤتمر الشرق الأوسط للمنتدى الاقتصادي العالمي ضم جلسة عن سورية. وكان كل من المتحدثين خبيراً في حقل تخصصه، إلا أنني سرحت بأفكاري عنهم إلى البلد الذي أحببته صغيراً كبيراً وضاع عني قبل أربع سنوات، فقد بت أعتقد أن هناك اثنين باسم بشّار الأسد، واحداً عرفته حتى نهاية 2010 وآخر برز بعد 3/2011 ولا زال معنا، ولا أعرفه.
الشاب بشار الأسد الذي عرفته وهو في ظل أبيه الرئيس كنت أراه مرة كل سنة أو مرتين في مكتب في وسط جبل قاسيون اسمه «المكتب الخاص». كان يحدثني عن إصلاح الاقتصاد وعن الفساد. وهو حدثني كيف أرغم عمّه جميل على ترك عمل تخليص البضائع في ميناء اللاذقية وأخذ عمولات، وكيف وقّع بعض وكلائه سندات تعهد بعدم التعامل معه، وكيف يحاكم آخرون.
كان يجيب عن كل سؤال، ولا أقول إن كل إجابة له كانت صحيحة أو صريحة وإنما أقول إنه كان أكثر تهذيباً من أن يقول: لا جواب.
في الحكم حدثني بصراحة تامة عن العلاقات مع المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما. أزعم أنني ساعدته على إصلاح علاقته مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وزار الإثنان بيروت معاً. ثم فوجئت بانتكاس العلاقة خلال أسابيع، وبعد أن حذرته: إذا زعل الملك عبدالله مرة ثانية لن يرضى أو يُسترضى.
عملت وسيطاً بين الرئيسين بشار الأسد وحسني مبارك وكلفني الأخ جمال مبارك واللواء عمر سليمان أن أحدثه (نقول «اللي يكذب يكذب على الميتين» واللواء الصديق رحل إلى جوار ربه إلا أن الأخ جمال موجود). في 2010 قمت بثلاث زيارات لدمشق ضمن هذه المهمة، وبما أنني تحدثت عنها في السابق فأكتفي اليوم بنهايتها فقد فشلت فشلاً ذريعاً وكانت آخر رسالة من الدكتور بشار للرئيس مبارك عن طريقي: قول لحسني مبارك لا هو أبي ولا أنا ابنه. يحلّ عني. قلت له أن يقول ذلك بنفسه للرئيس المصري فقد خشيت أن أخسر علاقتي معه بمثل هذا الكلام.
الرئيس الشاب كان دائم البسمة، لطيفاً حسن الاستقبال، يستقبل ويودع سائراً مع ضيفه إلى خارج المكتب أو القصر بعده. هو أصرّ على أن أخاطبه بلقب «دكتور» على أساس العشرة القديمة ولم يجلس مرة وراء مكتبه، بل كنا نجلس على مقعدَيْن متقابلين أمام المكتب. كنت دائماً آخذ ورقاً وقلماً من على طاولته لأكتب ما يقول لي، وأخذت مرة ورقاً بلون أخضر فاتح وجدته من مخلفات القمة العربية وقلت له: شو ما جاء أحد؟ وضحك. مرة قلت له إنني في سياحة مع أصدقاء وزوجاتنا في سورية، وأخذ موظف في مكتبه أسماءهم وأنا خارج ودعتهم السيدة أسماء الأسد إلى شاي في بيتها في اليوم التالي.
هذا هو الطبيب الرئيس الذي عرفته حتى آخر 2010. كنت في ضيافته في حلب بمناسبة ألفية مار مارون وعندما أنطلقنا بسيارات دفع رباعي وراء سيارته الصغيرة في أسواق المدينة. تنبَّه الناس إلى الموكب وأحاطوا بنا، وعجوز مع بنتين صغيرتين وأكياس مشتريات من البلاستيك، زلغطت أمام نافذة السيدة أسماء الأسد.
السيدة أسماء ذات سمعة طيبة من لندن إلى سورية. قامت بجهود إنسانية واجتماعية هائلة، ولا أزال أحتفظ بتقرير 2010 عن نشاطها عندما أطارت أحداث آذار (مارس) وما تلاه أحلامي. ليس لها عندي سوى التقدير فولاؤها الأول والأخير لأبنائها الثلاثة، صبيين وبنت.
التاريخ الطيب انتهى في درعا، وكل شهر بعد 3/2011 كان أسوأ من سابقه، ولا يزال النظام مصراً على حل أمني أدى إلى خسارته ثلثي الأرض، مع 250 ألف قتيل أو أكثر، ودمار ستحتاج سورية إلى أجيال لإصلاحه. النظام مسؤول قبل الإرهابيين.
هل تعود سورية كما عرفتها وأحببتها؟ لا أعرف. كيف أعرف وأنا لا أعرف الرئيس السوري منذ 2011؟ هل كنت ساذجاً أو أن الأحداث غلبت بشار الأسد وغلبتني؟ لا أعرف.

omantoday

GMT 19:41 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 19:40 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 19:39 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 19:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 19:37 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

GMT 19:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

«قيصر» وضحايا التعذيب في سوريا

GMT 19:34 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

GMT 19:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

عالم جديد جداً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشار الأسد الأول والآن الثاني بشار الأسد الأول والآن الثاني



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab