تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام

تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام!!

تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام!!

 عمان اليوم -

تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام

زين العابدين الركابي

لم يعمّر الإخوان المسلمون في حكم مصر.. ما هي إلا سنة واحدة فحسب حتى فقدوا السلطة والحكم فلماذا حدث الانهيار بهذه السرعة الصاعقة؟ من الخطأ المنهجي: أن يسارع الإخوان والمتعاطفون معهم: إلى تفسير ما حدث بـ(عوامل خارجية): مصرية أو دولية. أولا: لأن العوامل الخارجية مهما تكاثرت واشتدت لا تقوض (البنيان السليم الحصين): ((وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)).. وليس في هذا تهوين من الكيد الخارجي. وإنما فيه بالتوكيد التنويه بعظمة (البناء الذاتي) القائم على السنن الكونية بمفهومها الصحيح، والقائم – كذلك - على السنن الدينية بمفهومها الصحيح أيضا. ثانيا: إن المنهج القويم في تفسير الأحداث هو البدء بالبحث في (أخطاء الذات) قبل المسارعة إلى تحميل الغير جرائر ما حدث.. والبرهان المبين على ذلك قوله جل ثناؤه: ((أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)).. والآية نزلت عندما خالف بعض الرماة الذين يحمون ظهر الجيش المسلم في معركة أحد أمر النبي، إذ وصّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرماة بأن يلزموا مواقعهم أبدا، أي في حالة النصر أو الانكسار. بيد أنه حين لمعت لمعة الغنائم في عيون بعضهم غادروا أماكنهم متوجهين إلى حيث الغنائم.. هنالك انتهز خالد بن الوليد - وكان فارسا في معسكر الشرك يومئذ - انتهز هذه الثغرة المتاحة فكرّ على المسلمين من وراء الجبل الذي كان يكمن خلفه.. وعندئذ انكسر الجيش المسلم، ووقعت المصيبة - حسب التعبير القرآني -.. ونلحظ - ها هنا - أن ليس في التفسير القرآني للحدث أي إشارة إلى الغير كخالد بن الوليد.. ليس فيها أن خالدا كان عبقريا عسكريا، وأن من كان معه من المشركين كانوا على أعلى درجة من التأهيل القتالي، ولا أن خالد استخدم دهاءه ومكره وحيله في هذه الجولة.. ليس في التفسير القرآني للحدث شيء من ذلك قط. بل تركز هذا التفسير على أن التبعة كلها تقع على الذات نفسها ((قل هو من عند أنفسكم)) لذا، فإن على إخوان مصر أن يعترفوا بشجاعة بأنهم هم أنفسهم (علة) ما حدث لهم. وأول الأخطاء عندهم أنهم (تعجلوا) القفز إلى الحكم.. والبدايات الخاطئة تقود – دوما - إلى نتائج خاطئة.. فليس من العقل، ولا من الرشد: المسارعة إلى تولي السلطة في بلد يئط - لأسباب شتى - تحت إرث ثقيل من التخلف في كل شيء تقريبا.. وعلة هذا الإرث الثقيل هو (تراكم الأخطاء والتقصيرات) خلال عقود عديدة.. وكانت النتيجة أنهم عجزوا عن معالجة هذه التراكمات في أي حقل من الحقول. ومن ثم فقدوا السلطة بسبب هذا العجز، على حين أن هدي المنهج ساطع جدا في قضية تحمل المسؤوليات: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)).. ((لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها)).. ((فاتقوا الله ما استطعتم)).. وفي الفقه أصل علمي واقعي عظيم وهو أن (الوجوب مشروط بالقدرة) فإذا انتفت القدرة ارتفع الواجب ولا نبرح نسأل: لماذا هذا التعجل؟ وما الدافع إلى ذلك؟ أ- هل الدافع نصيحة ماكرة من قوى كبرى - عبر سماسرتها - تعتقد أن هذا القفز العمودي (المؤقت) يخدم استراتيجيتها العظمى على المدى البعيد. ومن ذلك – مثلا - توريط الإخوان في مستنقع الحكم دون وجود أية مقومات معتبرة للنجاح الكامل أو النسبي.. ثم إسقاطهم من الحساب في المستقبل بعد تجربة فاشلة مكروهة. وهل يدخل ذلك في قاعدة (إذا أردت التخلص من حليف ما مؤقت فشجعه على ارتكاب الأخطاء القاتلة)!! ب- هل الدافع إلى ذلك: حساب سياسي خاطئ لقوة المعارضة المصرية؟ ج- هل الدافع إلى ذلك تصور سقيم بأن الشعار الإسلامي – وحده - يكفي في التأثير في الشعب المصري وجذبه إلى إطار حكم الإخوان؟ ذلك المحور الأول من المقال.. أما المحور الثاني فهو: إن فشل الإخوان في إدارة الدولة المصرية سُحب على الإسلام نفسه. والغريب أن التيارين المتناقضين في مصر يعملان على توريط الإسلام في هذا السجال السياسي العقيم والكريه، فالإخوان والمتعاطفون معهم يصورون الأمر وكأنه (هزيمة) للإسلام، وخفض صوته في مصر!! وهذا خطأ جسيم: يتجاوز السياسة إلى الاعتقاد.. نعم. إن الذي يعتقد أن تجريد فئة مسلمة من الحكم إنما هو انتقاص من الكتاب والسنة.. من يعتقد ذلك ففي عقيدته دخن أو زيغ من حيث جعل الإسلام يدور مع تلك الفئة وجودا وعدما. إن الإسلام الحق منظومة حقائق وتعاليم ومبادئ باقية أبد الدهر لا يتعلق وجودها وإطراؤها في الزمن بحياة أحد ولا بموته ولو كان هذا الأحد هو النبي نفسه صلى الله عليه وآله وسلم: حامل الرسالة ومبلغها. في أُحد أشاع المشركون بأن محمدا قد قتل. ولقد أحدثت هذه الشائعة هزة بين المسلمين.. هنالك تنزل الوحي بقول الله تعالى: ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)). وهي ذات الآية التي وفق الله الصديق أبا بكر - رضي الله عنه - إلى تلاوتها حين مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الحقيقة. وكان خبر الوفاة قد نزل على الصحابة نزول الصاعقة. بتعبير عصرنا هذا نقول: إن (المؤسسة هي الأبقى).. ومؤسسة الإسلام العظمى هي: حقائقه وتعاليمه ومبادئه وقيمه. في الطرف الآخر المضاد: هناك من يدير المعركة ضد الإسلام ذاته: شرائعه وشعائره. من خلال اعتبار تجريد الإخوان من السلطة: هزيمة الإسلام.. مثلا. منذ قليل قال أحد خصوم الإخوان: يجب اجتثاث الإخوان من الجذور.. يجب – مثلا - إغلاق المساجد في صلاة الفجر (ظنا منه أن الإخوان وحدهم هم الذين يصلون الفجر في المساجد). إن هذا الغلو السياسي الذي يربط بين الإسلام والإخوان ربطا مطلقا، بمعنى أن الإخوان هم الإسلام، وأن الإسلام هو الإخوان. هؤلاء كارهون للإسلام نفسه، وهم بغباوتهم هذه يخدمون الإخوان برفعهم فوق قدرهم، ومنحهم ما ليس لهم من التعظيم والقداسة. يا من طال لسانه وقصر عقله: إن الإسلام وُجد قبل الإخوان، وسيبقى بعدهم. وهو محفوظ بحفظ الله له ونختم بما ختمنا به مقال الأسبوع الماضي وهو: إن مصير مصر والمصريين مشروط ومرهون بوحدتهم وتصالحهم.. فالتاريخ يقول: إن مصر لم تستقر وتنهض وتنتصر يوما إلا وهي في حالة وحدة ومصالحة وتآخٍ وحضور عقل وضمير يؤثران مصر على الحزبية والأهواء السياسية.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام تياران نقيضان يلتقيان على خرافة أن الإخوان هم الإسلام



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab