إيران الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة

إيران: الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة

إيران: الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة

 عمان اليوم -

إيران الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة

أمير طاهري

أسهم حلم التوصل إلى اتفاق مع إيران، على مدى عقود، في ازدهار صناعة أصيلة في الولايات المتحدة. وعلى غرار نظيراتها تعرضت هذه الصناعة إلى تغيير دوري لتزدهر في بعض الأوقات وتعاني في أوقات أخرى. ومنذ إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما شهدت صناعة «التفاوض مع إيران» ازدهارا غير مسبوق، فتبدو إدارة أوباما الثانية كما لو كانت عازمة على التزلف إلى الملالي في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق. ويظهر اختيار أوباما لوزير خارجيته ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي ورئيس الاستخبارات المركزية الأميركية أن طهران ما كانت لتأمل في اختيار فريق أفضل من هذا في واشنطن. يستخدم لوبي «التفاوض مع طهران» نفس العبارات القديمة مثل «المفاوضات أفضل من الحرب» أو «الأفضل أن تكون خبيرا في حل النزاعات من أن تكون مثيرا للمتاعب»، من يقدر على رفض ذلك؟ ولأن عقد الصفقات جزء من ثقافتهم يفتتن الأميركيون بالسياسيين الذين يتمكنون من إنهاء الصراع عبر التسوية. ومن ثم فإن سياسة الاسترضاء التي روج لها باعتبارها دبلوماسية خلاقة تمخض عنها ما تعرفه الحكومة الأميركية بـ«المدرسة الواقعية للسياسة الخارجية». قامت هذه المدرسة على الكثير من الافتراضات، أولها أن الصراعات بين الدول تنتج بشكل أساسي عن المصالح المادية المختلفة، حيث تتنافس الدول على الوصول إلى الموارد الطبيعية والأسواق والمستعمرات، كما كان الحال في الماضي. ربما تكون لدى هذه الدول مزاعم حدودية أو أحلام باستعادة جزء مسلوب منها، وقد تعاني البعض من مخاوف أمنية بشأن مسارات التجارة و/أو معاملة الأقليات المنتمية لها في دول أخرى. هذا نوع من التفكير الماركسي، حيث يضع المحللون الاختلافات المادية في جذور الصراعات الإنسانية، واستبعاد، ضمنيا، إمكانية التهديدات الوجودية التي تسببها الاختلافات الفكرية. يقودنا هذا إلى الافتراض الثاني الذي يرى أن الاختلافات يمكن أن تضيق إلى قضية واحدة أو اثنتين. فاستخدمت الإدارات الأميركية المتتابعة هذا النهج على مدى عقود في خفض الصراع مع الاتحاد السوفياتي إلى قضية السيطرة على السلاح وعقدوا الكثير من الاتفاقات مع موسكو. لاحظ قليلون عبث هذه الممارسة، وقيل لنا إن الأسلحة النووية حالت دون وقوع حرب بسبب عقيدة الدمار المتبادل المؤكد، فصرح روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأميركي إبان عهد جون كيندي: «الأسلحة النووية أداة للسلام»، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا ترغب الأطراف جميعها في خفض فاعلية «أداة السلام»؟ وخلال ثلاثة عقود من الدبلوماسية الخلاقة خفضت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق قدراتهما لتدمير الأرض بالأسلحة النووية من 40 مرة إلى 22 مرة! في الوقت ذاته واصل الاتحاد السوفياتي استراتيجيته التوسعية واستمر في فرض تهديد وجودي للولايات المتحدة. وخلال السبعينات وصل الاتحاد السوفياتي إلى ذروة نفوذه العالمي، بدعم مالي من الولايات المتحدة وهو ما يثير المفارقة. وما إن توقفت روسيا عن لعب دور الاتحاد السوفياتي توقفت عن تشكيل تهديد وجودي للولايات المتحدة وحلفاؤها. ويبدو أن فريق الاسترضاء الذي شكله أوباما متوجه نحو تكرار أخطاء المدرسة الواقعية، حيث يحاول دمج قضايا النزاع مع إيران في قضية واحدة هي الطموحات النووية الإيرانية. ثم يعمد بعد ذلك إلى تبسيط القضية بشكل أكبر لتتحول إلى مدى أحقية إيران في تخصيب اليورانيوم. ثم المزيد من التبسيط لتتحول إلى حق إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، والمرحلة الأخيرة من التبسيط هي السماح لإيران بالتصرف كيفما تشاء تحت رقابة دولية. لكن ما الذي يضمن ألا تقوم الجمهورية الإسلامية بإدارة برنامج سري؟ أعلن رامين مهمان باراست، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أن طهران تقترح إصدار فتوى من المرشد الأعلى علي خامنئي إلى الأمم المتحدة كضمان لالتزام بلاده بعدم تطوير أو اختبار أو نشر أسلحة نووية. وعلى افتراض صدورها، فإن الفتوى لا تلزم قانونيا الجمهورية الإسلامية بأي شيء، وليس لها تأثير بموجب القانون الدولي. ففي عام 1989 عندما أصدر آية الله الراحل الخميني فتواه بقتل الروائي البريطاني سلمان رشدي وصف المسؤولون الإيرانيون المتعاقبون الفتوى صراحة بأنها رأي ديني غير ملزم للحكومة الإيرانية. كان خامنئي في ذلك الوقت رئيسا للجمهورية الإسلامية. وخلال زيارة رسمية له إلى بلغراد صرح في مؤتمر صحافي أن فتوى الخميني تخص كل المسلمين في العالم لكن لا يمكن اعتبارها موقفا رسميا لإيران. وحتى في داخل إيران فليس للفتوى أي سلطة قانونية. ورغم كونه أعلى سلطة سياسية في النظام، لم ينل خامنئي مكانة «مرجع التقليد» الدينية. والفتوى رأي ديني يأتي جوابا لسؤال يوجه إلى «المرجع» وينبغي ألا يتعارض مع فتوى للمرشد. وكي تصبح ملزمة قانونيا يجب على فتوى خامنئي أن تمر من خلال عملية تشريع دستورية ثم مناقشتها والتصديق عليها في نهاية الأمر. لكن حتى وإن حدث كل هذا لا توجد ضمانات بألا يصدر خامنئي فتوى تالية لإلغاء الفتوى السابقة. والنظام الذي ينتهك دستوره الخاص بصورة يومية لن تكون لديه مشكلة في خداع «الكفار» بإصدار فتاوى لكسب مزيد من الوقت. هذه الممارسة تتطلب وتستلزم بعض العقوبات الدينية عبر مبدأ «التقية» أو الإخفاء لخداع عدو «كافر». ما من شك في أن أوباما يظن أنه عبقري كبير وقادر على النجاح فيما فشل فيه خمسة رؤساء أميركيين سابقين. ربما يكون أوباما عبقريا في السياق الأميركي، لأنه فقط استطاع إقناع أكثر من 60 مليون أميركي بالتصويت له في الانتخابات الرئاسية، لكن عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الملالي فربما يقع ضحية غطرسته. والمؤشرات تدل على أن الملالي يستعدون لقيادة أوباما على نفس المسار الذي قادوا عليه أسلافه. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

omantoday

GMT 19:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يخطئ مرتين في سوريا

GMT 19:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والمسألة الثقافيّة قبل نكبة «حزب الله» وبعدها

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حب وزواج في زمن الحرب

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرة على الأزمة السورية

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بلاد الشام... في الهواء الطلق

GMT 19:07 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: بدء موسم المبادرات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة إيران الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab