المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية

المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية

المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية

 عمان اليوم -

المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية

أمير طاهري

يتبقى على انتخابات الرئاسة الأميركية أكثر من عام، ورغم ذلك تسير حملة البيت الأبيض على قدم وساق بوتيرة أعلى من مثيلاتها التي جرت منذ أربعة أعوام.

ولأنه لم يظهر منافس على الرئاسة، فإن المجال مفتوح أمام عدد من الشخصيات السياسية للمنافسة مع بعضهم البعض في إطار نظام الحزبين.

وعلى عكس نظام الأحزاب الأوروبية ذات الجذور التاريخية الآيديولوجية التي تجعلها أقل عرضة للتغييرات الجذرية في المناصب، فإن الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين هما في حقيقة الأمر تكتلات انتخابية تضم مجموعة متنوعة من الجماعات ذات الاهتمامات الآيديولوجية والاجتماعية والسياسية، وغالبا ما يأتي على رأسها قائد ذو شخصية كاريزماتية. فيمكن لحزب أميركي أن يغير برنامجه كي يساير الواقع السياسي، وغالبا ما يضع عينه على سؤال: كيف تكسب الانتخابات؟

في السياسة الأميركية، كانت البراغماتية دوما أكثر أهمية من الاعتبارات الآيديولوجية. إلا أنه خلال العقد الأخير، وتحديدا خلال فترة الكساد الكبير، أبرز الحزبان شخصيات مميزة يصعب استبعاد إحداها.

يختلف الحزبان الديمقراطي والجمهوري الآن في ثلاث طرق على الأقل.. الطريقة الأولى منها تتعلق بالأدوار الواضحة للدولة والأفراد. فالديمقراطيون يفضلون أن يكون للدولة الدور الأكبر، ليس فقط في وضع برنامج العمل الوطني، لكن أيضا في إعادة توزيع الدخل، وكذلك في إصلاح المبادئ الاجتماعية والثقافية. واختارت هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية الأبرز في الانتخابات المقبلة، لكتابها اسم «تربية طفل تتطلب جهد قرية كاملة»، في إشارة لإيمان الحزب بالجهد الجماعي التعاوني أكثر من الجهد الفردي لمؤسسة واحدة.

وفى أول حملة انتخابية رئاسية، وجه بيل كلينتون، زوج هيلاري كلينتون ومستشار حملتها، اللوم لجورج بوش الأب لفشله في تسخير موارد الدولة لمواجهة البطالة والنهوض بالاقتصاد مجددا. وكان بيل كلينتون قد قال متباهيا: «إذا لم تستطع استخدام الحكومة، فدعني أفعل ذلك».

وكان المعنى الخفي هنا هو أن «الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت هو من استخدم موارد الدولة في القضاء على الكساد الكبير» (بينما يجادل الديمقراطيون بأن فترة الكساد الكبير كانت على وشك الانتهاء بالفعل عندما دخل روزفلت البيت الأبيض).

وظهر آخر تعبير يعكس الطريقة العاطفية الجماعية الأوروبية للحزب الديمقراطي، عندما استخدم في مشروع الرعاية الصحية المعروف باسم «أوباما كير». إلا أن إجراءات المشروع تعتبر معقدة ومشوشة للدرجة التي يصعب معها الحكم عليه (على الأقل كاتب هذا المقال لم يستطع فهمها بالكامل)، إلا أن الهدف واضح وهو وضع 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في القطاع العام، وهي أكبر عملية تأميم تشهدها الولايات المتحدة على الإطلاق.

وعلى النقيض، يلعب الجمهوريون على وتر «الحلم الأميركي» مشددين على دور الفرد والأسرة.
 
فالأميركي الحقيقي من وجهة نظرهم هو الذي يعتمد على مصادره الخاصة، والمستعد دائما لتقديم يد المساعدة لكل من هم أقل منه حظا.

ويرى عضو الحزب الجمهوري العادي الحكومة كشر لا بد منه، إلا أنه واثق من أن الساسة والبيروقراطيين ليسوا محل ثقة في «إنفاق المال العام» بحكمة وتدبر. ولذلك فإن شعار «أنزلوا واشنطن من فوق ظهورنا» يجد صدى وانتشارا بين الجمهوريين.

تاريخيا، يؤمن الجمهوريون بالدور القيادي الذي اعتادت الدولة أن تبرره لنفسها للتدخل. لنضع جانبا مغامرات الرئيس الجمهوري تيودور روزفلت، حيث يتحمل الديمقراطيون المسؤولية عن كل الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة خارجيا انتهاء بقرار الرئيس جورج بوش الإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان وبصدام حسين في العراق (هناك استثناء آخر هو العملية العسكرية الصغيرة في غرينادا).

الاختلافات بين الحزبين ليست مقتصرة على الآيديولوجية والتاريخ، فهناك أيضا الاختلافات الاجتماعية.
 
فالديمقراطيون يعتبرون أقوياء في ما يخص طرفي الدخل، الفقراء والأغنياء، بينما يعتمد الجمهوريون بشكل كبير على الطبقات المتوسطة والأغنياء. ويجتذب الديمقراطيون خريجي الكليات أكثر مما يجتذبهم الديمقراطيون، ويتمتع الديمقراطيون بدعم أكبر وسط المثقفين والإعلام. وبعيدا عن الكاثوليك المنقسمين بين الحزبين، يحظى الديمقراطيون بقبول أكبر بين الطبقات العلمانية في المجتمع، بينما يحظى الجمهوريون بتأييد أكبر بين المسيحيين المتدينين.

وحتى الفروق بين الحزبين لها أبعاد جغرافية. فيعتبر أداء الديمقراطيين أفضل بين غالبية الولايات القريبة من المحيط والبحيرات العظمى والأنهار الرئيسية وغيرها من أماكن المياه (باستثناء ولاية تكساس التي كانت معقلا للديمقراطيين حتى الثمانيات من القرن الماضي). في حين يعتبر أداء الجمهوريين أفضل في الولايات الداخلية. وفي حين يسيطر الديمقراطيون على أغلب المدن الكبيرة، يعتبر الجمهوريون حزب الضواحي والمدن المتوسطة والصغيرة والريف.

وخلال العقود الماضية، خلق الديمقراطيون لأنفسهم قاعدة شعبية قوية من الأقليات الدينية والعرقية. يشكل الأميركان من أصول أفريقية نسبة 12 في المائة من الناخبين، واللاتينيون 12 في المائة كذلك، واليهود 2 في المائة، والمسلمون 2 في المائة والأميركان الأصليون 1 في المائة، ويصوتون بنسبة ساحقة للحزب الديمقراطي. على النقيض، يتمتع الجمهوريون بتأييد ساحق فقط بين الأميركيين من أصول آسيوية الذين يشكلون 2 في المائة من الناخبين، وذوي الأصول وسط وغرب الأوروبية (1.2 في المائة)، وذوي الأصول الإيرانية (0.5 في المائة).

ولذلك يعود الفضل لجبهة الأقليات المتماسكة في أن المرشح الديمقراطي الرئاسي يخوض الانتخابات ومعه 40 في المائة من الأصوات التي يحتاجها للفوز. ولن تكون مفاجأة لو أن السيدة كلينتون حاولت شحن تلك القاعدة الانتخابية بأن تطلق على الجمهوريين اسم العنصريين المخفيين الذين يحلمون بالانتقام لانتخاب أوباما (حقيقة أن أوباما نصف أميركي بالعرق قد نسيت تماما لكن الذي يهم هو لونه).

فبعد الجولة الأخيرة التي استغرقت عشرة أيام في خمس ولايات أدركت حقيقتين مهمتين في هذه الانتخابات:
الأولى هي أن الأمن القومي يعود كمطلب رئيسي. وفي هذا السياق يتحصل الديمقراطيون على أسواق فقيرة من دون قدرة الجمهوريين على الاستفادة، على الأقل حتى الآن. اعترف الكثيرون ممن تحدثت إليهم بأن سياسة أوباما الخارجية شكلت كارثة، أو على الأقل احتاجت للتوجيه. إلا أن الغالبية تبدو متفقة مع أوباما في أن الخيار محصور بين ألا نفعل شيئا أو نغزو الدول الأخرى غزوا كاملا، وهو شيء لا يتمناه سوى قلة من الأميركان في هذا الوقت الحاسم.

لن يستطيع مرشح جمهوري الفوز في مناظرة السياسة الخارجية من دون أن يقنع الآخرين بأن هناك خيارا ثالث ممكنا ومرغوبا.

الحقيقة الثانية هي أن مناظرة هيلاري كلينتون وجيب بوش لم تتأكد بعد.

وتظل هذه الانتخابات مفتوحة للمفاجآت.

omantoday

GMT 19:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 19:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 19:53 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 19:52 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 19:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 19:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 19:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 19:47 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية المفاجآت لا تزال واردة في الانتخابات الأميركية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab