لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية

لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية؟

لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية؟

 عمان اليوم -

لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية

أمير طاهري

كان معروفا عن أتباع الخميني خبرتهم العميقة في تلفيق الحقائق كي تتسق مع أهدافهم السياسية حتى قبل أن يستأثروا بالسلطة في طهران.
وكانوا يسيرون خلال المظاهرات المناهضة لحكم الشاه وهم يحملون توابيت خاوية تتجمع حولها نساء متلفعات بالسواد، يرفعن أصواتهن بالصراخ، ويمزقن شعورهن، وينتحبن أيما انتحاب على «الشهداء» الوهميين في صورة سريالية مسرحية باهرة.
واستخدم ملالي الخميني خطب المساجد في ترويج الأكاذيب وفي الدعوة العلنية لقتل خصومهم السياسيين.
ومن الأساليب الخمينية المعروفة خدعة تسمى «مظلوم نماعي»، وتعني «التظاهر بالظلم». وهي الزعم بأننا ضحايا ومظلومون من قبل أعدائنا الذين يحتقرون كوننا من الأتقياء عشاق العدالة.
وعلى المنوال المسرحي الباهر نفسه خرج علينا الرئيس الإيراني في يوم آخر محاولاً إلقاء اللائمة في فشل حكومته على استمرار فرض «العقوبات الأميركية»، مدعيا عدم السماح لإيران بشراء احتياجاتها من الغذاء والدواء بسبب العقوبات الاقتصادية. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن الغذاء والدواء قط من بين قضايا العقوبات الدولية المفروضة على أي دولة، ناهيكم عن إيران. فحتى في ظل عقوبات الأمم المتحدة القاسية للغاية، لم يُحرم العراق إبان حكم صدام حسين من تلبية احتياجاته من الغذاء والدواء.
على أي حال، فند روحاني بنفسه مزاعمه الذاتية في عام 2013 حينما أكد على أن الجمهورية الإسلامية «أجبرت» على استيراد ما نسبته 80 في المائة من احتياجاتها الغذائية خلال حكم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد. وما كان ذلك إلا ادعاء كاذبا في صورة مناورة سياسية لتشويه صورة أحمدي نجاد. فالحقيقة أن إيران تشتري، وبصفة روتينية، ما يصل إلى 40 في المائة من احتياجات الغذاء من الخارج.
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن إيران استوردت، خلال العام الأول فقط من حكم روحاني، ما قيمته 6.8 مليون طن من القمح، أغلبها قادم من الولايات المتحدة. وتشير دلائل قوية إلى أن إيران تعاني من نقص في أنواع معينة من الإمدادات الطبية. ومع ذلك، فلا علاقة للأسباب الكامنة وراء ذلك بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
وأحد الأسباب يفيد بأن الحكومة الإيرانية، التي تسيطر على القطاع المصرفي، لا تتعامل مع الواردات الدوائية كأولوية من حيث توفير التسهيلات الائتمانية لها. وتمنح البنوك المملوكة للحكومة الأولوية للواردات التابعة للمؤسسة العسكرية والأمنية بدلا من الواردات المصادق عليها من قبل وزارة الصحة العامة الإيرانية.
ولدينا سبب آخر وهو الهبوط الحاد في قيمة العملة الإيرانية، مما جعل قيمة العديد من الأدوية المستوردة مكلفة للغاية بالنسبة للمواطن الإيراني من الطبقة المتوسطة، بجانب انخفاض هوامش الأرباح وعدم تشجيع الواردات.
منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، حينما وافقت طهران على خطة العمل المشترك في جنيف مع دول مجموعة «5+1»، تم الإفراج عن نحو 7 مليارات دولار من الأرصدة المجمدة من صادرات النفط الإيرانية، وهو ما يكفي لتمويل واردات الغذاء والدواء التي تحتاجها إيران خلال تلك الفترة.
وعلى الرغم من ذلك، لم تذهب الأموال إلى تغطية الاحتياجات الضرورية الإيرانية، بل لتغطية متطلبات المؤسسة العسكرية والأمنية. ومن بين الأموال المفرج عنها كان هناك 400 مليون دولار أنفقت على الطلاب الإيرانيين الدارسين بالخارج في صورة مصروفات دراسية ورواتب شهرية. كما أنفقت الحكومة الإيرانية 250 مليون دولار على توزيع السلال الغذائية بين 20 مليون مواطن من المعوزين في جميع أنحاء البلاد، وحتى إلى أولئك الذين ليسوا بحاجة إليها.
وجاءت القفزة الديماغوجية الجديدة لإسناد الرئيس روحاني في زعمه أنه، وليس أحمدي نجاد، الصديق الصدوق للمواطنين «المظلومين».
أنفقت حكومة روحاني 2.3 مليار دولار أخرى لمساعدة بشار الأسد في ذبح المزيد من المواطنين السوريين، ونال حزب الله نصيبا من الأموال للاستمرار في احتجاز لبنان رهينة. كما احتجزت حكومة روحاني كذلك 800 مليون دولار من أجل تمويل مشتريات منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس – 300» (وقد تسلمت الحكومة الروسية الدفعة الأولى من تلك الصفقة بمبلغ 250 مليون دولار في 2010).
وخصصت الحكومة الإيرانية أيضا مبلغ 100 مليون دولار للتعاقد مع كوريا الشمالية لتطوير جيل جديد من الصواريخ طويلة المدى القادرة على حمل الرؤوس النووية والكيميائية.
مع ذلك، فإن نصيب الأسد من الأموال المفرج عنها استحوذت عليه المؤسسة العسكرية والأمنية الإيرانية في صورة زيادة ضخمة في الميزانية تقدر بـ26 في المائة يذهب معظمها لتغطية الأجور والرواتب المرتفعة (من المثير للاهتمام، زعم الحكومة مواجهة الصعوبات في دفع رواتب الموظفين، على سبيل المثال)!
تزعم المصادر القريبة من الرئيس روحاني أنه على يقين من أن أوباما عاقد العزم على «استيعاب» إيران بصرف النظر عن نتائج الجولة الجديدة من المحادثات النووية التي بدأت يوم الأربعاء الماضي. حتى إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق رسمي فسيكون روحاني مغتبطا مع تمديد ترتيبات جنيف والتي بموجبها تستمر طهران في الوصول إلى جزء من أموال النفط والتي تقدر حاليا بنحو 100 إلى 150 مليار دولار.
وإذا تم التوقيع على شيء، افتراضيا أي شيء، في 30 يونيو (حزيران) فسوف تحصل إيران على الفور على مبلغ 50 مليار دولار، وهو أكثر مما يكفي لإعادة انطلاق اقتصادها المنهك عشية الانتخابات الحاسمة للمجلس الإسلامي ومجلس الخبراء.
يعتقد الفصيل الموالي لرفسنجاني، والذي يعد روحاني أحد أضلاعه، في إمكانية مساعدة الاتفاق النووي على الفوز في انتخابات كلا المجلسين، وبالتالي تأمين السيطرة الكاملة على مقاليد الأمور في طهران ثم تهميش المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يعتبرونه مثيرا للكثير من المشاكل.
في رسالة طويلة وصلتني الأسبوع الماضي، حاول أحد المقربين من دائرة روحاني إقناعي بأنه لم يكن أمام الرئيس من بد سوى منح المؤسسة العسكرية والأمنية نصيب الأسد من أموال النفط المفرج عنها في ذلك الوقت تحديدا لضمان حيادها إزاء الصراع المقبل على السلطة ضد خامنئي ومعسكره، حيث زعم قائلا «يريد الجيش الأموال والسلاح. ولقد منحناه ما يريد. وما من سبب الآن يدعوهم لمناوءة التغييرات الاستراتيجية لدينا إذ ما نالوا ما يريدون». 
مرة أخرى نقول إن المنحى الذي ينتهجه الفصيل الموالي لرفسنجاني يتوازى مع الصين في السنوات الأخيرة من حكم ماو تسي تونغ، حينما تمكن الفصيل الموالي لدينغ شياو بينغ من كسب مودة الجيش بالأموال والهيبة، وبالتالي عزل «الربان»، وتمكن من تحويل جمهورية الصين الشعبية من مركبة ثورية جامحة إلى دولة قومية تبحث عن القوة الاقتصادية والمكانة الدبلوماسية.
اصطف قادة المؤسسة العسكرية الإيرانية خلال الأسبوعين الماضيين للتعبير عن تأييدهم، وإن كان لا يزال تأييدا فاترا، لاستراتيجية التطبيع المقبلة مع «الشيطان الأكبر». 
وفي مقالة افتتاحية نشرت في صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي، أشار محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، إلى تلك الاستراتيجية بقوله «إن مجال المشاركة البناءة (مع الولايات المتحدة) ليمتد إلى ما هو أبعد من المفاوضات النووية». 
حسنا، لسوف نرى.

omantoday

GMT 19:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 19:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 19:53 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 19:52 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 19:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 19:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 19:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 19:47 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية لماذا يسعى روحاني لكسب ود المؤسسة العسكرية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab