أفغانستان عودة «اللعبة الكبرى»

أفغانستان: عودة «اللعبة الكبرى»

أفغانستان: عودة «اللعبة الكبرى»

 عمان اليوم -

أفغانستان عودة «اللعبة الكبرى»

أمير طاهري

كان الإعلان عن القائمة الرسمية للمرشحين الرئاسيين العنصر الرئيس لاستراتيجية الرئيس باراك أوباما للانسحاب من أفغانستان وسببا في استجلاء بعض المفاهيم التي كانت مبهمة في السابق. تقضي خطة أوباما، التي أعلن عنها مرارا، بإنهاء التدخل الأميركي الذي استمر 13 عاما بنهاية العام المقبل. ويفترض بالانتخابات الرئاسية الأفغانية، المزمع إجراؤها في أبريل (نيسان) 2014، أن تقدم إطار عمل سياسي يسمح للولايات المتحدة بالانسحاب. بيد أن هناك ثلاث مشكلات تواجه هذه الاستراتيجية. الأولى: هي تشجيع الإعلان المبكر عن الانسحاب معارضي الوضع الراهن الجديد، وتحديدا طالبان، على إعادة تنظيم صفوفهم والاستعداد لمحاولة جديدة للوصول إلى السلطة مرة أخرى في أعقاب رحيل الأميركيين. المشكلة الثانية: هي أن إعلان الأميركيين عن خططهم، سيجعل الرئيس الأفغاني المنتخب القادم يواجه صعوبة في ممارسة سلطة حقيقية. وعلى الأرجح، سيصبح رئيس فصيل آخر، مدعوما من قبيلته أو عرقيته. ويتفق غالبية الخبراء على حاجة أفغانستان إلى بضع سنوات أخرى من الوجود الأميركي والالتزام باستكمال بناء الإدارة والجيش الجديدين. وسوف يتسبب الانسحاب الأميركي السابق لأوانه في مشكلة ثالثة، وهي أنه سيزيد المنافسة بين القوى الإقليمية، وخاصة إيران وباكستان وروسيا، التي لا يريد أي منها إقامة حكم ديمقراطي في أفغانستان المجاورة. فقد أنفقت إيران مليارات الدولارات في محاولة لبسط نفوذها في أفغانستان. وكانت ثاني أكبر متبرع لأفغانستان بعد الولايات المتحدة خلال العقد الماضي. وبالطريقة نفسها التي استغلوا بها انسحاب أوباما من العراق، يأمل الملالي ملء الفراغ بالصورة ذاتها في أفغانستان. أما روسيا التي تدرك عدم شعبيتها الواسعة في أفغانستان، فسوف تنضم إلى إيران في استراتيجية تهدف إلى تشكيل جبهة جديدة معادية للولايات المتحدة. ومن جانبها، تبدو باكستان عازمة على حماية موقعها المهيمن في أفغانستان في سياق صراعها الخاص مع الهند. وترى باكستان في جارتها أفغانستان منطقة نائية توفر العمق الاستراتيجي. كما ستسعى الكثير من القوى العربية إلى دعم السياسة الباكستانية في أفغانستان كنتيجة لصراعها الإقليمي مع إيران. في المقابل، يمكن لباكستان أن تزودهم بالرؤوس النووية عند الحاجة لمواجهة تهديد نووي محتمل من إيران. إحدى المفارقات في كل هذا، أن واشنطن هي التي فرضت النظام الرئاسي في أفغانستان، حيث جعل غياب الإدارة الفاعلة والجيش عن ممارسة السلطة التنفيذية المركزية أمرا أكثر إشكالية. فعلى مدى أكثر من عشر سنوات، كان أفراد أمن الرئيس الأفغاني تابعين للقوات الخاصة الأميركية. نشأت أفغانستان لتكون دولة عازلة للفصل بين ثلاث إمبراطوريات متنافسة؛ هي: روسيا وبريطانيا وإيران، في سباق المنافسة الإقليمية الذي عرف باسم «اللعبة الكبرى». كانت أفغانستان مجموعة من المجتمعات القبلية والعرقية والدينية، المتعايشة في ظل سلطة ضعيفة لملك في كابل. وتجاهل الشيوعيون الذين استولوا على السلطة بمساعدة الاتحاد السوفياتي عام 1977 هذه الحقيقة وحاولوا فرض نظام مركزي. وجر خطأهم الروس إلى حرب لا يمكن الفوز بها. بعد الانسحاب السوفياتي، ارتكب الباكستانيون وحلفاؤهم العرب الخطأ ذاته عندما أنشأوا حركة طالبان وساعدوها في الاستيلاء على كابل. وكانت النتيجة سنوات من الحرب، انتهت بتدخل الولايات المتحدة في عام 2002. ومع طرد طالبان من كابل، كان الحل الأكثر واقعية هو مساعدة الأفغان على بناء نظام برلماني اتحادي، تكون فيه الرئاسة وظيفة رمزية. رفضت إدارة بوش هذا الخيار، لأنها اعتقدت أن الولايات المتحدة ستظل في أفغانستان لفترة كافية تتمكن فيها من تغيير الثقافة السياسية لذلك البلد. وقد نجحت استراتيجية مماثلة في عدة دول، وخاصة ألمانيا الغربية وكوريا الجنوبية واليابان، حيث أسهمت عقود من الوجود السياسي والعسكري الأميركي في بناء ثقافة ديمقراطية جديدة. لكن أوباما رفض تقديم التزام مطلوب وطويل الأجل، ولم يفعل شيئا لإقناع الأفغان ببناء نظام برلماني يقوم على التحالف والتوافق. سترحل الولايات المتحدة عن أفغانستان مخلفة مشكلات ناتجة عن انحرافات السياسة الأميركية، إذ لا يملك أي من المرشحين الاثني عشر التأثير الذي يمكنه من توحيد الأفغان في أعقاب الانسحاب الأميركي الوحشي. يتمتع خمسة مرشحين بنوع من التقدير؛ أحدهم هو عبد رب الرسول سياف، زعيم المجاهدين السابق المدعوم الآن من باكستان، لكنه لا يلقى قبولا لدى الطاجيك والأوزبك. والمرشح الآخر هو الدكتور عبد الله زامارياني، وهو مساعد سابق لزعيم المجاهدين الأسطوري أحمد شاه مسعود. يحظى زامارياني بشعبية واسعة بين الطاجيك، لكنه لا يلقى دعما من البشتون الذين يشكلون نحو 40% من السكان. أما وزير المالية الأسبق أشرف غاني، فيمتلك مقومات رجل الدولة، لكنه يفتقر إلى الكاريزما اللازمة لإثارة حماسة البشتون، أضف إلى ذلك أنه مقرب للغاية من الولايات المتحدة. بينما تراهن إيران على قطب الدين هلال، الزعيم السابق في «الحزب الإسلامي»، الذي دخل في تحالف تكتيكي مع طالبان. وأخيرا، هناك غل أغا شيرزوي، قائد حرب العصابات السابق وحاكم المقاطعة المشهور بذهابه إلى مكتبه مستقلا دبابة. ما يزيد من تعقيد المسألة، هو أن قرار الرئيس حميد كرزاي اللعب بورقة القومية عبر الوساطة في اتفاق يمكن قوة رمزية لـ«الناتو»، تتكون في معظمها من قوات أميركية، من البقاء بأفغانستان في سياق مشروع تدريب مشترك. كما يتودد كرزاي أيضا إلى الملالي في طهران طمعا في أن يساعد الدعم الإيراني لفصيله في الاحتفاظ بالرئاسة. وفي محاولة لتقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن، أدلى ببعض التصريحات الجيدة عن طالبان. وكانت النتيجة ارتباكا على طول الخط. من الطبيعي، أن تتمكن الولايات المتحدة التي أنفقت الكثير من الأموال والأرواح من التأثير في نتائج الانتخابات، بيد أنه في ظل إدارة أوباما لم تتصرف الولايات المتحدة كقوة طبيعية لها نهج طبيعي في السياسة الخارجية. فعراق الأمس وأفغانستان الغد، يظهران أن أوباما متخصص في انتزاع الهزيمة من بين فكي النصر.  

omantoday

GMT 19:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 19:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 19:53 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 19:52 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 19:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 19:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 19:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 19:47 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان عودة «اللعبة الكبرى» أفغانستان عودة «اللعبة الكبرى»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab