ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته

ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته

ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته

 عمان اليوم -

ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته

أمير طاهري

عندما أعلن الرئيس بشار الأسد، قبل أيام، ترشحه لفترة رئاسية ثالثة، تذكرت جملة لصموئيل بيكيت في مسرحيته «في انتظار غودو»، تلك المسرحية الكلاسيكية من مسرح العبث أو اللامعقول.
في تلك الجملة، أكد «استراجون»، أحد المشردين بالمسرحية، قائلا: «لن يسوء الأمر أكثر من ذلك»! ورد عليه المتشرد الآخر، الذي يُدعى «فلاديمير»، قائلا: «هذا ما تعتقده أنت!».
وقد اتضح ذلك الانطباع بوجود مسحة من العبث بشأن الموقف السوري في وقت لاحق عندما أفادت وسائل الإعلام الرسمية في طهران أن الجمهورية الإسلامية تخطط لإرسال «مراقبين»، من أجل ضمان «حرية ودقة» عملية الانتخابات السورية المقرر انعقادها في شهر يونيو (حزيران) المقبل. فهل يمكن اعتبار نظام «الملالي» بمثابة ضامن لإجراء انتخابات حرة؟
حسنًا، هذا ما تعرفه أنت.
قليلون هم من يعدون الحرب الأهلية السورية أمرا غير مأساوي، لكن المأساة تحدث عندما يكون هؤلاء المتورطون في الصراع محكوما عليهم بالفشل جراء اتباع المسار الموضوع لهم من قبل قوى خارجية، والتي دائمًا ما يكون هدفها هدّاما.
إن الشخصية المأساوية أصبحت برمتها موجودة بالفعل في شخص الرئيس بشار، وذلك لأنه يتطابق ويتلازم مع ذاته، ولا يمكنه تغيير المسار ومفاجأتك بالتطور عبر محاور مختلفة.
لقد بدأ الصراع السوري على مدى الثلاث سنوات الماضية، ويرجع سبب ذلك ببساطة إلى أن فئة من السكان كانوا قد سئموا من عقود من الحكم الاستبدادي المتغطرس على يد عشيرة الأسد، ومساعديه الفاسدين. وخلال أشهر قليلة، وجدت المظالم، التي أعرب عنها المحتجون، في البداية، في مدينة درعا، صدى كبيرا لدى معظم - وربما غالبية - السوريين.
المؤكد هو أن بشار لم يكن بالتأكيد، هو المسؤول عما وقع بالفعل من تجاوزات في سوريا منذ أن وقعت البلاد تحت سيطرة المجالس العسكرية المتعاقبة، التي كانت دائما ما تعتمد على شريحة محدودة من المجتمع.
وفي الحقيقة، من المحتمل أن يكون بشار، قليل الحيلة وغير الحاسم، مجرد دمية لجماعة تعمل في الخفاء.
ومع ذلك، في غضون أسابيع قليلة من اندلاع الانتفاضة في درعا، أصبح مطلب رحيل بشار بمثابة هدف موحد للثورة الشعبية، التي وحدت عددا كبيرا من الجماعات التي تشترك في آيديولوجيات وتطلعات سياسية مختلفة.
وبحلول عام 2013، أصبح مطلب رحيل بشار الهدف الوحيد الذي يسعى إليه الجميع تقريبا، بما فيهم الكثير داخل نظام الأسد. ويمكنني الكشف أن المبادرة الدبلوماسية أو «المسار الثاني»، التي تضمنت كبار الشخصيات في دمشق وإدارة أوباما في واشنطن، بنيت حول فكرة «تنحي» بشار، من أجل السماح بتشكيل حكومة ائتلافية انتقالية. وقد تم اختيار لفظ «التنحي»، بدلا من «الاستقالة»، لطمأنة الروس، الذين عارضوا تغيير النظام في سوريا.
وجدير بالذكر أن عبارة «ضرورة رحيل بشار» أصبحت بمثابة هدف أساسي لكافة الجهود الدبلوماسية، بدءًا من المهمة البائسة لكوفي أنان، وصولا إلى المهمة البطولية للأخضر الإبراهيمي، ولكن تلك الجهود كان محكوما عليها بالفشل في نهاية المطاف. وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية جنيف الأولى، التي حظيت بتأييد كل من واشنطن وموسكو، كانت تقوم على فكرة رحيل بشار.
إن رحيل بشار من شأنه أن يمهد الطريق لانتقال أكثر أو أقل سلمية؛ حيث إنه من شأنه أن يسمح لهياكل الدولة السورية أن تبقى قائمة إلى حد كبير، بما يحول دون حدوث انهيار شامل للنظام، وسيكون حزب البعث وحلفاؤه قادرين على الحفاظ على نصيب من السلطة في اتفاق وطني جديد، ينال دعم أغلبية السوريين، ومضمون من جانب القوى العظمى من خلال الأمم المتحدة. وفي الوقت ذاته، فإن الإقرار بأن التسوية والوصول إلى حل وسط يعد بمثابة إحدى الوسائل الفعالة لحل النزاع، من شأنه أن يسحب البساط من تحت كلا طرفي النزاع، اللذين تقوم رؤيتهما السياسية على القمع والعنف.
والأهم من ذلك، قد تعمل تلك التسوية على إنقاذ السوريين من المحنة الناجمة عن حدوث انشقاقات داخل الأسر، والعشائر، والطوائف، بينما يجري التخفيف من لهيب الشك والكراهية الطائفية المستتر عبر العصور.
حسنًا، لم يحدث ذلك.
فربما تقرر الجماعة (التي تمسك بزمام السلطة في دمشق) - بتشجيع من فئات متشددة بالقيادة في طهران - ليس فقط رفض تقاسم السلطة، ولكن أيضا قد تقرر إذلال المعارضة من خلال الحفاظ على وجود بشار في منصبه، وربما يجري ذلك تحت تهديد السلاح. وحسب ما تنبأت به وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، فإنه سيجري إعادة انتخاب بشار، بل «وحصوله على الأغلبية»؛ فمنذ أن فاز بـ97 في المائة من الأصوات المرة السابقة، فهذا قد يعني فوزه بنسبة 100 في المائة في شهر يونيو المقبل، وهذا لا يعني سوى تكرار ما حققه صدام حسين في العراق.
لقد بدأت الثورة السورية نظرًا لأن الوضع الذي كان قائما في عام 2011، أصبح يتعذر الدفاع عنه، وأسفرت ثلاث سنوات من الصراع عن وضع جديد، يسوده عدم الاستقرار. وفي كلتا الحالتين، كان الوضع القائم - سواء كان على حق أو على باطل - يعبر عنه بشار الأسد، كرمز له، وبالتالي، إذا كان رحيل الأسد يعد أمرا ضروريا من أجل تغيير الوضع القائم في عام 2011، فهذا الأمر أصبح أكثر حتمية اليوم.
إن القرار برمي الكرة في ملعب بشار مرة أخرى من شأنه أن يعمل على وأد خيارات التغيير داخل النظام.
تكمن المسألة الآن في تغيير النظام، ويمكن أن يحدث هذا الأمر بطريقتين؛ إما أن تنجح الجماعة التي توجد على سدة الحكم في سحق المعارضة، الأمر الذي لا أعتقد حدوثه، أو أن تعمل المعارضة على تجميع صفوفها، وإعادة تسليح نفسها من أجل خوض جولة جديدة نحو دمشق، الأمر الذي أعتقد أنه لا يزال محتمل الحدوث، رغم الخلافات الحالية.
وقد يتمثل الخيار الثالث في تحويل سوريا إلى خليط من الأقاليم غير المحكومة، التي قد يقع جزء منها تحت سيطرة جماعة الأسد.
إن خبر ترشح الأسد للرئاسة يعد خبرا سيئا، ليس فقط بالنسبة للسوريين، ولكن أيضا بالنسبة لما تبقى من حزب البعث، وكذلك بالنسبة لكل من طهران وموسكو، حيث سيضطرون لتمويل الحرب المطولة، مع عدم وجود احتمالات للنصر. وفي الواقع، ستعمل كل من طهران وموسكو على الإنفاق على صديقة، تصبح أكثر قبحًا وأكثر تكلفة يومًا بعد يوم.
وأخيرا، إن ترشح بشار قد يعود بالضرر على بشار ذاته، وقد تسمح له تسوية «التنحي جانبا»، ولعائلته أن يصبح بمأمن، ولكن قد تحول مناوراته الأخيرة دون تحقيق هذا الخيار.

omantoday

GMT 22:20 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 22:19 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 22:17 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 22:16 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 22:15 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 22:14 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 22:13 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 22:12 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته ترشح بشار الأسد يضر الجميع وبشار ذاته



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 22:33 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 عمان اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab