إيران الدخيل يحزم حقائبه

إيران: الدخيل يحزم حقائبه

إيران: الدخيل يحزم حقائبه

 عمان اليوم -

إيران الدخيل يحزم حقائبه

أمير طاهري

في الوقت الذي يظهر فيه هذا المقال، قد يكون الرئيس محمود أحمدي نجاد قد حزم أمتعته لمغادرة «القصر الرئاسي» بعد ثماني سنوات. حسنا، قد تكون عبارة «القصر الرئاسي» مبالغة. ويتمثل المبنى، الكائن في شارع باستور المحاط بالأشجار في وسط طهران، في فيلا متوسطة الحجم كانت في السابق مملوكة للأميرة شمس، شقيقة الشاه الراحلة. وفي عام 1965، اشترته الحكومة مقابل 38 ألف دولار وقامت بتحويله إلى مقر إقامة لرئيس الوزراء أمير عباس هويدا، الذي لم يكن له منزل في طهران. وعلى مر السنين كزائر للفيلا، كان بوسعي ملاحظة عيوب تصميمها ومرافقها، على الرغم من أن حديقتها الفارسية الصغيرة كانت بديعة. حينما استولى رجال الدين على السلطة، خصصوا المبنى لرئيس الوزراء. ولكن في عام 1988، مع إلغائهم رئاسة الوزراء، جعلوه مقرا للرئيس. هل كانت ثمة رمزية في هذه الخطوة؟ هل رغبوا في إظهار أن منصب الرئيس لا يعني أن من يتقلده أعلى مقاما من رئيس وزراء؟ على الرغم من ذلك، فإن هؤلاء الذين أصبحوا رؤساء ظنوا عكس ذلك، ودفعوا ثمن خطأهم. أجبر الأول، وهو أبو الحسن بني صدر، على الهرب من المدينة متخفيا على متن طائرة ركاب مختطفة. والثاني، محمد علي رجائي، تمزقت أشلاؤه إربا إربا جراء انفجار. أما عن الرئيس الثالث، وهو علي خامنئي، فقد نجا من محاولة اغتيال، لكن قص الخميني ريشه على الملأ. وكان الرابع هو علي أكبر باهريماني، الذي استخدم الاسم المستعار هاشمي رفسنجاني. وبوصفه أستاذا في الفنون الأفريقية، استطاع تدمير منافسيه مستخدما خامنئي، ثم روج لـ«المرشد الأعلى» كواجهة. كان ما لم يعرفه رفسنجاني هو أن تقليص قاعدة دعم النظام قد يفيد خامنئي الذي قد يستخدم سلطته الزائدة لتقليص حجم معلمه السابق. أما الرئيس الخامس، محمد خاتمي، وهو ملا لا يحظى بشهرة كبيرة، فقد جرى الدفع به إلى المنصب من قبل رفسنجاني. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سرعان ما أظهر خامنئي من كان الشخص المهم. أصبح خاتمي هو الوجه الباسم للنظام، من خلال قيامه بجولات بمختلف أنحاء العالم وحديثه عن هوبز وهيغل، فيما يقتل المجرمون المأجورون من قبل النظام المعارضين في طهران. بالنظر إليه في سياق معرض اللوحات هذا، يعتبر أحمدي نجاد دخيلا. فهو أول رئيس لم يكن ملا أو ابنا أو حفيدا لملا. كان طفلا من الطبقات العاملة الحضرية التي تحسنت أحوالها المعيشية في ظل حكم الشاه. كان والد أحمدي نجاد، الحداد، يكسب دخلا كافيا لتأمين تعليم عال لأطفاله. كان قادرا على شراء منزل في نارماك، وهي ضاحية قام الفرنسيون بتصميمها وبنائها للطبقات العاملة، لكنها أصبحت الآن جزءا راقيا من المدينة الكبيرة. كان أحمدي نجاد أيضا أول رئيس يحمل شهادة دكتوراه ويصر على أن يشار إليه بلقب «الدكتور». بالنسبة للإيرانيين، المولعين بالمناصب، يبدو هذا عظيما. وكان وجه تفرد آخر بالنسبة لأحمدي نجاد هو أنه كانت له خبرة إدارية على مستويات كثيرة. بوصفه ابنا لآية الله، كان بني صدر طالبا طوال حياته قبل أن يضحي رئيسا، ولم يقم مطلقا بعمل يومي. كان رجائي معلما بنظام الدوام الجزئي. قبل الثورة، تحول خامنئي من عمل لآخر لتجنب العمالة المنتظمة. حتى إنه لم ينه دراسته الدينية. شارك رفسنجاني في تعاقدات بناء في منطقة بعيدة، ولكنه لم يشارك مطلقا في وظيفة بعينها. تألفت تجربة عمل خاتمي قبل الثورة من فترة عمل في وكالة سفريات. كان ثمة اختلاف آخر. كان أحمدي نجاد متحدثا ثرثارا وقال بأعلى صوته ما كان يعتقده سابقوه في صمت. كان رفضه انتهاج أسلوب الطي والكتمان جديدا. تجده يعبر عما يدور بذهنك. لم يحاول التظاهر بأن الجمهورية الإسلامية ديمقراطية أو أن سياساته يحكمها إعمال العقل. قد يكون الأهم من ذلك أنه حاول، مع إخفاقه في المحاولة، أن يبعد الملالي عن المشهد السياسي. وزعم أنه تلقى «إلهاما» مباشرا من الإمام الخفي، المهدي المنتظر، الذي يتوقع كثير من الشيعة قدومه «نهاية العالم». ومن أجل تسليط الضوء على علاقته بالمهدي، عادة ما كان أحمدي نجاد يزور جامكوران، وهي قرية قريبة من قم حيث يفترض أن «الإمام الخفي» سيدير قناة اتصالات عبر بئر في مسجد. لم يذهب أي من سلف أحمدي نجاد إلى هناك، واصفين هذا المشروع استهزاء بأنه كوميدي. زعمت بطانة أحمدي نجاد أنه واحد من «الأوتاد»، الرجال الست والثلاثين الورعين، الذين، في حضور المهدي، «يمنعون العالم من الانهيار». غير أنه تمثل وجه اختلاف آخر في جولات أحمدي نجاد المحلية للتواصل مع أشد القطاعات فقرا بالمجتمع. وخلال العامين الأخيرين من ولايته، تعين عليه تقليص الجولات نظرا للاستقبال العدائي الذي لقيه. لكن خلال الأعوام الأولى، أجرى حوارا مع المهمشين. كانت علاقة أحمدي نجاد المتشعبة بالحرس الثوري الإسلامي مثيرة للاهتمام أيضا. فقد أتى إلى السلطة بدعم الحرس الثوري وعين شخصيات عسكرية في أولى حكوماته. صمم أول برنامج خصخصة رئيسي له، الذي تبلغ تكلفته 18 مليار دولار، لجعل قادة الحرس الثوري أكثر ثراء. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في فترته الثانية، تبنى موقفا عدائيا تجاه الحرس الثوري، مقللا حصته من عقود القطاع العام من 13% إلى 8%. ومع ذلك، فإنه في التحليل النهائي، كانت رئاسة أحمدي نجاد بمثابة مصدر إحباط لكثيرين، من بينهم هؤلاء الذين دعموه. لم تكن إدارته فاسدة مثل إدارة رفسنجاني، على سبيل المثال. إضافة إلى ذلك، فإنه لم يَقُد الاعتقالات والاغتيالات الجماعية، مثلما فعل سابقوه. إلا أن سياسته الاقتصادية كانت خطيرة على أقل تقدير، وشابت سياساته الاجتماعية والثقافية أخطاء بارزة. وكانت سياسته الخارجية بمثابة كارثة حقيقية، مما جعل إيران أكثر عزلة وأكثر عرضة لتهديد الحرب من أي وقت آخر، منذ أن استولى الملالي على السلطة. ومع غرابة هذه الحقيقة، فإن أحمدي نجاد ما زال يحظى بقاعدة دعم بين القوميين الإسلاميين الذين يعارضون السيطرة على الدولة من قبل الملالي والحرس الثوري الإيراني، ويأملون في دعم جيل جديد من الثوريين الأصغر. بحسب كل الروايات، لم يتعمد أحمدي نجاد أن يصبح في طي النسيان. ولكن ما الذي سيفعله؟ 

omantoday

GMT 19:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يخطئ مرتين في سوريا

GMT 19:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والمسألة الثقافيّة قبل نكبة «حزب الله» وبعدها

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حب وزواج في زمن الحرب

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرة على الأزمة السورية

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بلاد الشام... في الهواء الطلق

GMT 19:07 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: بدء موسم المبادرات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الدخيل يحزم حقائبه إيران الدخيل يحزم حقائبه



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab