ماذا يعني انهيار الحدود العراقية  السورية

ماذا يعني انهيار الحدود العراقية / السورية؟

ماذا يعني انهيار الحدود العراقية / السورية؟

 عمان اليوم -

ماذا يعني انهيار الحدود العراقية  السورية

غسان الإمام

 أميركا أوباما باتت على أهبة التدخل المسلح ضد أحد مكونات العراق. وهي بذلك «تتأهّل» لارتكاب خطأ استراتيجي كبير في المنطقة، يضاف إلى الأخطاء المتواصلة التي ارتكبتها. وأدت إلى تراجع دورها. ونفوذها. وسمعتها في العالم العربي.
من هو شريك أميركا أوباما في حربها الافتراضية في العراق اليوم، وربما غدا في سوريا؟ آه. هذه المرة إيران الخميني. خامنئي. روحاني. قاسم سليماني هي المرشحة لأداء دور الشرطي «لضبط» البلدين.
تجري الآن فبركة عملية دعائية ضخمة في المنطقة العربية والعالم، للمبالغة والتهويل، في تصوير سنة العراق كإرهاب داهم خطر على سلامة العالم. والغرب. والمصالح الأميركية في المنطقة. والهدف التمهيد للتدخل العسكري الجوي والمخابراتي. وقصف المنطقة السنية في العراق وامتدادها السني العشيري في شرق سوريا.
لا شك أن إيران في غاية السرور والغبطة. والترحيب بالقيام بدور الشرطي في المشرق العربي. وعلى هامش التسوية التفاوضية النووية. تجري مفاوضات سرية أميركية إيرانية. للمساومة على حدود هذا الدور. وحجمه. وإمكانية التدخل العسكري الإيراني في العراق وسوريا.
انقسام السنّة العراقية يُضعف من بلورة وتقديم موقف واضح لها إزاء الوضع الناشئ عن طردها قوات المالكي الميليشيوية من معظم المنطقة السنية. كان الكرد الرابح الأكبر في هذه الجولة بين السنة والشيعة. فقد اجتاحوا محافظة كركوك. وسيطروا على المدينة ومنشآتها النفطية. كما عززوا وجودهم في محافظة ديالى (شمال شرق بغداد). واحتلوا قرى وبلدات كانوا يطالبون بها أصلا.
لست من أنصار داعش. ولا أؤيد تفسيرها وتطبيقها المتزمت للشريعة الإسلامية. لكن المعلومات الوثيقة التي لديّ من مصادر على صلة بقيادات التحرك السني في الموصل، تفيد وتؤكد بأن داعش هي مجرد فصيل واحد من فصائل وتنظيمات مرتبطة بقيادة عربية سنية مشتركة.
وأستطيع أن أقول إن ضباطا بارزين من ضباط الجيش العراقي السابق الذي حله الأميركيون ثم ندموا، هم الفريق الأبرز في هذه القيادة. وقد تولى ضابطان منهم رئاسة محافظتي نينوى (الموصل) في الشمال. ومحافظة صلاح الدين في الوسط وعاصمتها تكريت.
هؤلاء الضباط هم البقية الباقية من الضباط الذين شاركوا في الحرب العراقية / الإيرانية. ثم قتل صدام رفاقا لهم خشية منهم. ثم أجهزت مخابرات المالكي والحرس الثوري الإيراني على عدد آخر بالاغتيال. وبصورة خاصة الطيارين.
نعم، بعض هؤلاء الضباط الذين يشاركون في قيادة وتوجيه الحراك السني، ينتمون إلى حزب «البعث» لكنهم أجروا مراجعة نقدية في السنوات الماضية. وانتهوا إلى ضرورة تشكيل العراق الجديد. على أساس تعددية سياسية. وديمقراطية. عربية غير طائفية. ومصالحة ومسالمة الدول الخليجية الشقيقة.
غير أن هذا الموقف السني الجديد أصيب بإحباط. وخيبة. ويأس من تصرف التحالف الشيعي الحاكم بزعامة نوري المالكي المدعوم أميركيا وإيرانيا. فقد رفض إشراك السنة في القرار السياسي. والإدارة. والجيش والشرطة. بل فتح المالكي الحدود أمام الألوف من عناصر الحرس الثوري وفيلق القدس بقيادة سليماني الذي يتولى حاليا إعادة تجميع ميليشيات الشيعة بالمشاركة مع المالكي، واعتمادها في شن حرب طائفية لاستعادة المنطقة السنية «المتمردة».
كان في تصور القيادة السنية أن تتحرك أيضا العشائر الشيعية العربية في جنوب العراق التي قاتل أبناؤها في صفوف الجيش العراقي خلال الحرب مع إيران، مغلبين انتماءهم الوطني والقومي، على الانتماء الطائفي. لكن جرى تأديب هذه القبائل. وقيام المخابرات الإيرانية، بتصفية عدد من شيوخها وضباطها. وأمرت المالكي برشوتها بالمال، لضمان سكوتها وولائها.
وتضم قيادات الحراك السني ضباط الجيش العراقي من مستقلين وبعثيين. بما في ذلك جناح عزة الدوري. وتنظيمات إسلامية أبرزها تنظيم «داعش» الذي يتشكل معظم أفراده من أبناء العشائر العراقية والسورية.
خارج هذا التحالف، هناك أجنحة من عشائر «الصحوة» التي ما زالت تأمل في أن يستوعبها المالكي في أجهزته الأمنية. ثم جناح الشيخ حارث الضاري الذي يدير الأوقاف الإسلامية. هناك زعامات وواجهات سياسية، من أمثال أسرة النجيفي التي أساءت علاقتها بالمالكي إلى موقفها.
أقول إن الحراك السني تمكن من هدهدة تنظيم «داعش» وحال دون فرض تطبيق ديني متزمت وصارم في المناطق «المحررة». أو تدمير الإدارة المدنية الرسمية. أو الاستيلاء على أموال فروع المصرف المركزي والمصارف التجارية. وقد عاد معظم النازحين (نصف مليون) إلى الموصل وغيرها من كردستان.
مع ذلك، فقد ارتكبت داعش أخطاء في التحرك الأخير. نعم، لم يصدر عنها أي تهديد أو استفزاز لأميركا. لكن كان إعلانها عن اعتزامها مهاجمة بغداد «والعتبات المقدسة» في النجف وكربلاء. فوق قدرتها الميدانية.
ماذا عن إعلان الحراك السني العراقي عن إسقاط وانهيار الحدود العراقية / السورية؟ توضيحا، أقول إن العشائر السنية على جانبي الحدود، لم تلتزم بها، منذ أن فرضها اتفاق سايكس / بيكو، قبل نحو مائة عام. فالعلاقة العشيرية كانت أقوى من الحدود الاستعمارية.
لم يجرؤ حافظ الأسد على تخريب الخطوط الخلفية للجيش العراقي خلال الحرب مع إيران. لأن العشائر السنية كانت يقظة وساهرة لكن صدام أخطأ عندما رفض مشروع الوحدة مع سوريا في نهاية السبعينات. لو تمت الوحدة، لما تمكن الإعلام الأميركي والإيراني من وَصْمِ السنة بأنهم مجرد «أقلية» في العراق.
في هذا الزمن الرديء. زمن دويلات الطوائف الذي تحدثت عنه في الثلاثاء الفائت، من دون أن تشوهه أخطاء الكومبيوتر، أستطيع أيضا أن أقول إن يأس السنة العراقية، من قبول الشيعة العراقية إقامة ديمقراطية تعددية حقيقية، كل ذلك يدفع قيادات السنة العشيرية. والعسكرية. والسياسية إلى المغامرة، بإقامة دولة سنية تجهر بوطنيتها وعروبتها وتمتد من وسط العراق، إلى المنطقة الشرقية السورية (الرقة. دير الزور. الميادين. البوكمال). فالمدن السنية الكبرى غربا (حلب. حماه. إدلب. حمص).
هذا «البلوك» السني الضخم الذي يأخذ شكل وحجم مستطيل هندسي مجاور للدولتين السنيتين السعودية والأردنية، سيشكل الجدار الذي يحمي عروبة المشرق، بعد اختراق إيران العراق. و(مدَّ هيمنتها) على سوريا ولبنان.
من هذه الدولة السنية قد تنطلق محاولة تعرية وتفتيت الدويلات الطائفية التي نصبتها وتنصبها إيران، في عراق المالكي. سوريا بشار. ولبنان. هذا يعني أن الحدود الجديدة في المشرق العربي سوف تشهد اشتباكا وتداخلا مستمرا لأمد طويل.
هناك اليوم في الرقة وجود لـ«داعش» السورية. لكن الحراك السني العراقي / السوري يفرض أيضا وجوده هناك، ممتدا بالتدريج إلى سائر المنطقة السورية الشرقية. وهو ينصح داعش بهدهدة غلواء الحنين إلى دولة الخلافة المستحيلة.
بقي أن أضيف قائلا إن جانبا كبيرا من أبناء العشائر السنية السورية هاجر بسبب الإهمال والاضطهاد، إلى الأردن والخليج. واحتل هؤلاء. وأبناؤهم. وأحفادهم، منذ خمسينات القرن الماضي، مراكز مرموقة في الإدارات المدنية والعسكرية.
ولعل هؤلاء المهاجرين على استعداد، بما يملكون من خبرة. وكفاءة. ودِراية. للمساهمة في بناء وتطوير الدولة السنية السورية / العراقية، في حال قيامها، وفي تفويض الكيانات الطائفية. وإقناع داعش سلما بصرف النظر عن دولتها الأسطورية، واستعادة وجه العراق وسوريا العربي الصافي.
هل أحلم، في زمن الكيانات العنصرية والطائفية. وفي الزمن الإيراني الرديء؟! لست أدري.

 

 

 

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعني انهيار الحدود العراقية  السورية ماذا يعني انهيار الحدود العراقية  السورية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab