«الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية

«الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية

«الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية

 عمان اليوم -

«الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية

غسان الإمام

 التحليل السياسي يجب أن لا يكون «فزورة» رمضانية. الكتابة السياسية، في الإعلام الحديث، قائمة على المعلومات أولا وأخيرا. انشغل الإعلام العربي بالدولة الداعشية. طرح كل الأسئلة. استخدم مَن وأخواتها. وأولاد عمومتها: مَن؟ متى؟ هل؟ ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ كم؟… ثم عجز عن تقديم الأجوبة.
اختصر الإعلام الحديث عالمنا الواسع بقرية معلوماتية. لم تعد هناك أسرار وألغاز. ستتوفر سريعا وحتما كل المعلومات عن حسب ونسب داعش. عن الأصل والجذور. عن الولادة. النشأة. الهوية. التمويل…
غياب المعلومات المطلوبة لا يستدعي تأجيل النظر في داعش. في فن الصحافة والإعلام، لا يمكن تأجيل الجواب. لا بد من تقديم شيء ما. تحليل ما، إلى القارئ. وإلى الرأي العام. حتى ولو غابت وسائل الإيضاح والمعلومات. هذا هو سر المهنة: تقديم جواب ما. وليس طرح أسئلة و«فزورات» بلا حلول وأجوبة. في انتظار الحقائق والمعلومات عن ماهية داعش، يبقى السؤال الوحيد الذي نسيناه هو الذي نستطيع الإجابة عنه: داعش إلى أين؟
في الجواب، أقول إن الخلافة الداعشية سوف تبقى مجرد دولة افتراضية. بلا حدود. بلا سيادة. بلا استقلال. بلا اعتراف متبادل مع الأمم المتحدة. مع الجامعة العربية. والجامعة الإسلامية. مع النظام العربي الذي تجاهلها. ومع الرأي العام العربي الذي أبدى فتورا تجاهها. ومع النظام الدولي الذي اعتبرها دولة مارقة. ويهدد بمقاتلتها بصواريخ طائرة (درون).
«الخليفة» أبو بكر البغدادي يبدو، من سحابة الغموض التي تكتنفه، «فزورة» من حكايات السندباد وألف ليلة وليلة. طلب البيعة. فلم يختره وينتخبه أحد. هو أيضا شبيه بالخليفة الشيعي الوارث خامنئي. البغدادي شاه وخميني، في دولة بلا سقف. وبلا أبواب. وبلا منابر وأضرحة.
كم هو متقشف هذا الإسلام الجهادي. الطالباني. الداعشي! كم يخطئ الإعلام العربي عندما ينسب الدولة الداعشية إلى الإسلام السلفي. والإسلام الراشدي. النسب الأصح هو لإسلام الحصار. الإسلام المأزوم في عصر الحروب الصليبية! إسلام متزمت يفرض على نفسه جهادا وقتالا مع قوى ودول، هي في عصرنا أقوى. وأذكى سياسة. وحيلة. ومناورة. وأعمق ثقافة. وأوسع انفتاحا وتسامحا.
الخلافة الداعشية لم تقرأ التاريخ. تمزقت دولة الخلافة التاريخية عندما توارثها مماليك أجانب نصبوا أنفسهم خلفاء. فحكموا العرب بذريعة الدين المشترك خمسمائة سنة. ثم تخلف العرب عن العصر. والعلم. والواقع، عندما حكمتهم دولة الخلافة العثمانية أربعمائة سنة (1516-1916).
لا دولة بلا سياسة. ولا خلافة بلا حرية. لا بيعة بلا خيار حر. لا تفويض. ولا تكليف لخليفة تُسبغ عليه القداسة بالقرابة. لا خلافة بلا مصالحة الإسلام مع العصر. والحداثة. وحقوق الإنسان. لا دولة بلا ثقافة. لا خلافة بلا إيمان منفتح على عقل يؤمن بقدر ما يفكر.
لا دولة بلا تربية. وتعليم. وعلم. ومعرفة. وبلا إدراج للعلوم الإنسانية (السياسة. الاجتماع. التاريخ) في صميم مناهج الجامعات. ولا جامعات بلا مراكز للبحوث السياسية. والاجتماعية. والتاريخية.
رجال الدين علماء في فقه الدين. وثوابته. ومقدساته. نريد أيضا علماء اجتماع. وسياسة. وتاريخ. وفلسفة، يتحدثون إلى الإعلام والصحافة. فيحللون بالعلم، والمعلومة، والمنطق، سياسات وأحداث عصر باتت فوضاه وآيديولوجياته تشكل خطرا على حاضر ومصير دول. وأمم. وشعوب. ومجتمعات. وثقافات. وحضارات.
شئنا أو أبينا. فنحن أمام سوريا جديدة. وعراق جديد. دولة جديدة تولد هنا وهناك. لا نهرب منها إلى صمتنا التقليدي. نريد أن نعرف إلى أين تتجه؟ هل لها حاضر ومستقبل؟ هل هي عاقلة تكفل لنفسها الديمومة؟ أم هي فقاعة عابرة. زائلة، عند أول مواجهة. وأول صدمة؟
نريد أن نعرف علاقة الدولة الداعشية. بالحزب السّني. بالحزب القومي. السؤال موجه إلى العشيرة العربية. العشيرة العراقية والسورية التي ولدت داعش في حضنها. من يحكم الآخر داعش أم العشيرة؟ هل فرطت العشيرة بانتمائها القومي لحساب «خلافة» تعرف كيف تكسب عداء العالم. فتستعديه بسذاجة التفكير. وسطحية الفرز والتحليل، على العرب والمسلمين؟
العشيرة العراقية بالذات يجب أن تقول لنا هل يمكن أن يدوم التعايش بين تسامح العشيرة وتزمت «الخلافة»؟ هل فضلت العشيرة تحمل وطأة تزمت داعش الديني، على تحمل قهر وتخلف النظام الشيعي في العراق وإيران؟
الغريب أن تيارات حزب «البعث» العراقي وأجنحته لم تتعلم من التجارب الأليمة التي مرت بها. لم يمارس «البعث» العراقي، بعد إعدام صدام، ما يكفي من مراجعة ونقد ذاتي، بحيث يغدو حزبا ديمقراطيا مؤهلا لنيل ثقة العراقيين، وليس داعش فقط.
في المقابل، لم يقدم الإسلام «الجهادي» و«الإخواني» أدلة على استعدادهما للوفاء بالتزاماتهما في هذه التحالفات. فقد اغتال الإسلام الجهادي الرئيس أنور السادات ووزير أوقافه. وغدر الإسلام «الإخواني» بحلفائه من قوى وأحزاب سياسية وشبابية، بعد ترئيس الشيخ محمد مرسي. فقد غدا الطموح إلى «دولة الخلافة» الإخوانية أشد إلحاحا من حاجة مصر إلى ديمقراطية تعددية!
الامتحان الكبير لمصداقية داعش. والعشيرة. والسنة العراقية، هو في الصمود العسكري أمام ميليشيات «الصحوة» الطائفية الشيعية. نوري المالكي لم يقبل، كليا، النصيحة الأميركية بمشاركة السنة والأكراد، عمليا، في الحكم.
إيران هي أيضا تدعي بأنها تنصحه باسترضاء السنة، فيما يقوم جنرالها الميليشيوي قاسم سليماني بتأهيل هذه الميليشيات لغزو العراق السني وربما الكردي أيضا. وأقول إذا أرسل المالكي وسليماني هذه الميليشيات شمالا وغربا، فسيشهد العراق مذابح طائفية، لم يعرفها حتى خلال مجازر عصر الاحتلال الأميركي.
العراق الإسلامي صناعة عربية تاريخية. بات العراق الجدار الشرقي الحامي للأمة العربية. الأقوام الآرية (الفرس، الأكراد، الباشتون الأفغان) قبلت بالدين. وبشيء من اللغة. ورفضت التعريب. وهذا شأنها وحقها. لكن القبول بالتصنيف الأميركي لسنة العراق بأنها «أقلية عربية» أوهم الشيعة بأنهم «الغالبية» الطائفية التي من حقها وحدها أن تحكم «الأقليات».
هذا الوهم الشيعي «الأغلبي» غير صحيح. معظم شيعة العراق عرب أقحاح. هم مع السنة يشكلون الغالبية العربية في العراق المعاصر. لم تجاهر السنة العربية قط بطائفيتها. الدساتير العربية جاهرت فقط بإسلامية الدولة والنظام. بعد انحسار الجاذبية الناصرية. حقنت تقوى النظام العربي الشارع بجرعات دينية متلاحقة. فكانت هذه الجرعات السبب في الغلو الديني الراهن الذي وصل إلى حد المغامرة غير المأمونة، لاستعادة عصر الخلافة الأسطورية.
من هنا، لا أعتقد أن العراق قادر على استعادة اللحمة الديموغرافية، إذا لم يعترف المالكي أو بديله في رئاسة الحكومة، بعروبة العراق، لا سيما بعد انهيار الحدود العراقية - السورية الذي جعل، في المنطق الطائفي، السنة الغالبية في البلدين، أو متساوية عدديا مع الشيعة العراقية، على الأقل.
أيضا، ارتكبت مرجعية الإمام علي السيستاني الشيعية خطأ طائفيا كبيرا، بدعوتها إلى تجنيد وتجييش الميليشيات الشيعية. السيستاني حظي باحترام وتقدير السنة والشيعة العراقية والعربية. فقد أفتى وجاهر بفصل الدين عن الدولة والسياسة. وأعتقد أن عليه تقديم اعتذار إلى سنة العراق، عن منطقه الطائفي الجديد الذي يعرضهم إلى خطر الإبادة الجماعية، بإثارة الحقد الطائفي عليهم. وعلى حقوقهم. ليس غريبا أن تلقى «غلطة» السيستاني ترحيبا لدى المرجعيات الدينية والسياسية الشيعية في إيران. فـ«صحوته» الميليشيوية تنسجم مع رعاية الإسلام الشيعي الإيراني، لدول وأنظمة الطوائف التي أقامها. ويحميها بالقوة المسلحة في العراق. وسوريا. وها هو يغري حزب الله في لبنان بتعزيز الفراغ السياسي الخطر، بالامتناع عن المشاركة الديمقراطية، في انتخاب رئيس مسيحي للبنان.
بعد الولادة القيصرية العسيرة للحكومة الوفاقية الفلسطينية، عادت إيران إلى اللعب أيضا بذيل حركتي «حماس» و«الجهاد». اختارت العناصر المتطرفة خطف وقتل الصبية اليهود الثلاثة، في الوقت غير المناسب. فقد كان محمود عباس يعتزم إحراج حكومة نتنياهو الشوفينية المتعصبة، باستخدام حق «العضو المراقب» في الأمم المتحدة، بانتزاع مزيد من الحقوق والمكاسب المشروعة للكيان الفلسطيني.

 

 

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية «الخلافة» الداعشية «فزورة» رمضانية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab