في انتظار وصول السائح الأميركي

في انتظار وصول السائح الأميركي

في انتظار وصول السائح الأميركي

 عمان اليوم -

في انتظار وصول السائح الأميركي

غسان الإمام

يستعيد الأكاديميون الفلسطينيون زمن الأحلام البعيدة. وكأنهم يذكّرون السائح الأميركي القادم بما لا يعرفه. أو بما لم يعد يتذكره. ينسون، كالعشاق المخضرمين، أن الحبيبة التي يستعيدون من خيال الذكريات شبابها. نضارتها. حلاوة عينيها، لم تعد الملهِمة. لم تعد قضية العرب المركزية. هؤلاء الفلسطينيون يرفضون الاعتراف بأن المأساة السورية حلت محلها، ولو مؤقتا. وكأن السوريين أنساهم ساستهم الجدد العروبة. فما قدموا الاعتذار لأشقائهم الفلسطينيين. ودفعوا بِلَوْعَتِهِمْ حلب الشهباء إلى صميم المشهد العالمي، مضرجة بدمائها. وها هي دمشق تنعم بدفء شمس ربيعية تغري بالحب. وكأنها لا تدري ما ينتظرها، فربما أزفت ساعة معركتها. وحتى أنا الذي ولدت في منحدر جبلها (قاسيون)، يكاد ينسيني المنفى الفرنسي رائحة وردها الجوري، وقططها الجميلة، وهي تطل عليَّ عبر باب الحديقة الزجاجي في بيتي بحي المزرعة. لماذا معركة دمشق؟ لأن بريطانيا وفرنسا الدولتين الأقرب تاريخيا إلى الشرق، قررتا أخيرا تسليح الثورة السورية. السياسة تمزق هذه الولايات «اللامتحدة» الأوروبية. لكن هذه السياسة يبدو أنها لا تزعج الولايات المتحدة الأميركية التي ما زالت، هي وروسيا، تتعثران عند تسوية جنيف التفاوضية، بين بشار والثوار الذين يرفضونها تماما. لا أدري ما إذا كان السلاح الآنجلو/ فرنسي سيقدَّم بالقطارة مجانا. أم أن الدولتين ستطالبان دول السخاء العربي «بالدفع» سلفا، بحجة فقر أوروبا. ولم يعرف العرب، بعد، نوعية السلاح المتاح، هجوميا أم دفاعيا. على أية حال، أوروبا بما فيها ألمانيا ضد التدخل المباشر. لكن قرار منع تصدير السلاح سينتهي تلقائيا في 27 مايو (أيار) المقبل. غير أن الصفاقة الدبلوماسية تجسدت في الموقف الروسي الذي اعتبر تقسيم السلاح الفرنسي/ البريطاني، قبل هذا التاريخ، «انتهاكا» للقانون الدولي! لم يجد الوزير سيرغي لافروف أي تناقض بين دعوته إلى «حل سوري»، واستمرار تدفق السلاح الروسي/ الإيراني الهجومي الذي فتك بنحو مائة ألف سوري، على أقل تقدير، وحال دون تمكين السوريين من العثور على هذا الحل «البلدي» المستحيل. أعتقد أن التداعيات المتسارعة والمتناقضة في المنطقة، هي التي فرضت التدخل الغربي غير المباشر بالسلاح. فقد تصور النظام السوري أن «تصدير» السوريين بالجملة عبر الحدود، سيفرض على دول الخليج والغرب الضغط على الثوار ليفاوضوا النظام، توصلا إلى تسوية تصالحية تشكل نصرا لبشار. غير أن هذه التداعيات المتلاحقة جاءت ضد تصور النظام. فالرد بتسليح المعارضة قد يعجل بسقوطه. فكانت حركته المضادة تشكيل ميلشيات جديدة في المدن التي يسيطر عليها. وتوريط «حزب الله» في حرب استنزافية ضد ثوار الوسط (حمص. حماه. قرى الحدود مع لبنان). ثم التهديد بقصف لبنان، بحجة تدفق الثوار منه إلى سوريا. ليس واضحا، بعد، ماذا سيكون الرد العربي/ الغربي على هذا التصعيد. هل يكفي التدخل بتقديم السلاح إلى الثوار؟ أم أن برنامج تدريب عدد محدود من السوريين على حمل السلاح الذي بدأ في الأردن وتركيا (وتشارك فيه أميركا)، سيتوسع بتدريب عشرات الألوف. هناك تهديدات إيرانية بالرد على التسليح والتدريب، بإرسال ألوف الإيرانيين من فيالق «القدس» و«الحرس الثوري» وميليشيات «الباسيج»، للقتال إلى جانب نظام بشار. لكن هل الوضع الشعبي الإيراني المهزوز يسمح باستنزاف القوات الحامية لنظام طهران، بعد استنزاف موارده. المحدودة، في تمويل النظام السوري، وتسديد تكاليف فاتورة السلاح الروسي؟ ماذا يعني تورط الميليشيات الشيعية اللبنانية والإيرانية في الحرب السورية؟ يعني، بصراحة، انتقال الحوار السلمي الذي تحرص عليه دول الخليج مع إيران، إلى مواجهة شيعية/ سنية، بعدما وصل «المد» الإيراني إلى التدخل بالتحريض في البحرين. والتدخل بالسلاح والمال في اليمن، وتذكير الزيديين بشيعيتهم الغافية، منذ مئات السنين، في حضن التعايش المثالي مع الغالبية السنية. القضية السورية، في التصور الأميركي، هي جانب من هذه المواجهة الشيعية/ السنية في المنطقة. الاهتمام الدولي يتركز على معرفة موقف دولتي الكثافة السنية (170 مليون إنسان في مصر وتركيا) إزاء التورط المتوسع لدولة الكثافة الشيعية (80 مليون شيعي إيراني). واقع الثورة السورية أثبت محدودية الدور التركي، بسبب حساسية التركيب السكاني التركي. الكردي. العلوي، فيما الوضع الأمني الفالت في مصر، يحرمها من لعب دور قومي داعم لعروبة الخليج، والثورة السورية، خصوصا أن هناك رفضا اجتماعيا «لأخونة» الدولة. والمجتمع. السائح الأميركي القادم يقول، صراحة، إنه لا يحمل حلا فلسطينيا! فقد جاء ليستمع. وليصور. ويتصور فقط، بعد فشله في وقف الاستيطان، أو تثبيت حل الدولتين على الواقع الميداني، فيما همُّ حكومة نتنياهو الجديد ينصب على تطورات الأزمة السورية. المخضرم شيمعون بيريس يطالب العرب بإرسال قوات عربية إلى سوريا، لمحاربة نظام بشار، ومكافحة «الجهاديين». لكن تجربة القوات العربية، كقوة حفظ سلام، ظلت إلى الآن فاشلة. والأنظمة العربية ذات التركيب السكاني غير الكثيف لا تستطيع أن تستنزف جيوشها، في اقتتال علني عربي، كما يطلب منها الرئيس الإسرائيلي. المواجهة الدموية السنية/ العلوية في سوريا، ليست، في المنطق الطائفي، سوى الوجه الدامي للمواجهة السنية/ الشيعية في المنطقة. هناك الوجه الاجتماعي الآخر الذي وضع عواطف الطبقة الوسطى السورية، ومدخراتها المادية التي جمعتها، على مدى السنين الخمسين الأخيرة، من عملها في الدول الخليجية، في خدمة حلف مصلحي لها، مع الرأسمالية العلوية الطفيلية! هذا الحلف غير الطبيعي السني/ العلوي، يؤخر الحسم في سوريا. وهو ضد طبقة البروليتاريا الريفية التي تقاتل لنيل حقوقها السياسية، فيما يواصل نظام بشار تدمير مدنها وقراها الصغيرة التي حولتها هي من قش وطين، إلى حجر وإسمنت، بكفاحها الشاق الرائع. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في انتظار وصول السائح الأميركي في انتظار وصول السائح الأميركي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:33 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا
 عمان اليوم - المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab