كيف ينهار لبنان

كيف ينهار لبنان؟

كيف ينهار لبنان؟

 عمان اليوم -

كيف ينهار لبنان

بقلم : حازم صاغية

استعرض الكتّاب والمعلّقون على مدى الأسابيع القليلة الماضية أوجه المحنة الراهنة في لبنان، من شبكة الإتجار بالبشر إلى انفجار الروائح النتنة، ومن تعطّل المؤسّسات الدستوريّة إلى أوضاع المال والإعلام وسواهما ممّا يتاخم الإفلاس.

والحال أنّ الانهيار اللبنانيّ الذي نعيشه يشبه لبنان مقلوباً، تماماً كما أنّ الانهيارات في بلدان الجوار العربيّ تشبه تلك البلدان على نحو مقلوب. ففي هذه الأخيرة، حيث السلطة تقليديّاً مستفحلة القوّة، فيما المجتمع مُصادَر ومكبوت، يحصل الانفجار دفعةً مدوّية واحدة، كما تُطرح على المحكّ موضوعة المصير، لا السياسيّ فحسب بل الوجوديّ أيضاً. أمّا في لبنان، حيث المجتمع قويّ وديناميّ تقليديّاً، بينما الدولة ضامرة الحضور والتأثير، فالانفجار يتسلّل كالنعاس، قطعةً بعد قطعة وحدثاً بعد حدث. وبدل الملاحم في الجوار، يسود في لبنان العجز حتّى عن كتابة الزجل. وفي محلّ رائحة الدم تحلّ رائحة القمامة، وهكذا بدل أن تضغط الأيادي على الزناد تراها تضغط على الأنوف.

وهذا، لمن يسعى وراء الأسباب، نتاج تراكم متدرّج لعمليّات انقلاب على لبنان التقليديّ، آخرُها استمدّ زخمه الكبير من التحوّلات النوعيّة للوضع العربيّ التي سقطت على هشاشة لبنان القصوى.

فإذا قام الأخير على ما سمّي تعايش الطوائف، وهو ما كان أصلاً يتطلّب الكثير من الإنماء والرعاية كي يصير تعايشاً، فهذا ما غدا أقرب إلى الخرافة مع تسلّح إحدى الطوائف بعد نزع سلاح الطوائف الأخرى.

ولئن ارتبطت لحظات الاستقرار اللبنانيّ بدرجة من الحياد إزاء نزاعات المنطقة واستقطاباتها، فضلاً عن درجة من التوسّط بين «العرب» و «الغرب»، فإنّ الحياد هو ما قضمه تبلور «سياسات خارجيّة» للطوائف تذهب كلّها إلى حدود قصوى، بينما التوسّط قضمته عناصر بعضها خارجيّ لا دخل لنا به، وبعضها من صنع أيدينا تبعاً للجموح الراديكاليّ الذي يعصف بالطوائف والجماعات.

وقد سبق للّبنانيّين، بين أواخر الستينات وأواسط السبعينات، أن عرفوا وضعاً مشابهاً لجهة تضخّم المنظّمات الفلسطينيّة واللبنانيّة المسلّحة، وتآكل الإجماعات على أنواعها، وتطوّر «سياسات خارجيّة» للطوائف والجماعات القليلة الحفول بالسياسات الخارجيّة للدولة اللبنانيّة. وكان ما كان من حرب أهليّة – إقليميّة لم تتوقّف إلّا بعد 15 عاماً على اندلاعها، ليتبيّن لاحقاً أنّ أيّاً من أسباب التنازع الأهليّ لم يخمد.

بيد أنّ الفارق الكبير عن ذاك الزمن هو فقداننا القدرة على الحرب من دون أن نفقد أسباب التنازع تلك، بل من دون أن ننجح في الحدّ من تعاظمها.

وهنا لا بدّ من الإقرار بدور كاشف أدّاه حزب الله ويؤدّيه على صعيدين: فهو، من جهة، نقل لبنان إلى واحديّة القطب الحربيّ بحيث انعدم الطرف الأهليّ الذي يستطيع أن يجابهه عسكريّاً. وهو، من جهة أخرى، وبالتناغم مع رعاته الإقليميّين، وجد في الحرب السوريّة مُتنفَّساً لعنف صدّره إلى سوريّة.

وهذا وضع يشرط السلم الأهليّ في لبنان، وهو طبعاً نسبيّ، بهيمنة عسكريّة فئويّة تتراوح بين الضمور والإعلان. بيد أنّه يشرطه أيضاً بدور يجمع بين الجريمة والخسّة اسمه المشاركة في قتل السوريّين. وهي، على العموم، خيارات رديئة إلى الحدّ الذي ينمّ عن انعدام الخيارات، وعن أنّ انهيارنا ينطوي، بالضرورة والتعريف، على قدر من الوضاعة لا بدّ أن يتخلّله الكثير من روائح العفن.

omantoday

GMT 16:54 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيران وفلسطين

GMT 14:21 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ساحة لصدامٍ مستمر!

GMT 22:38 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

2023 استكمال لتفكيك لبنان نهائياً!

GMT 23:41 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المقاومة …!

GMT 21:41 2023 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حرب غزّة: ملاحظات هادئة على أوضاع صاخبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ينهار لبنان كيف ينهار لبنان



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab