كن مقاوماً أو مت

كن مقاوماً أو.. مت

كن مقاوماً أو.. مت

 عمان اليوم -

كن مقاوماً أو مت

حازم صياغة

في 1975 ظهر من يفتي بـ «عزل حزب الكتائب» ردّاً على ارتكاب بضعة كتائبيّين مقتلة بوسطة عين الرمانة. المطالبة بالعزل فُسّرت، تبعاً لتركيبة البلد الطائفيّة، مطالبة بعزل المسيحيّين الذين ما لبثوا أن التفّوا حول حزب لم تكن إلاّ قلّة منهم تواليه. اليوم تغيّرت طباع الأزمنة، فلم يعد الخصم يوصف بحزبه أو بأيديولوجيته المفترضة، بل صار يوصف بطائفته أو، لحجب شبهة الطائفيّة عن الواصف، بمنطقته. في هذا المعنى، وانطلاقاً ممّا شهدته بلدة عرسال البقاعيّة قبل أيّام، ثمّة ميل، على ما يبدو، إلى عزل السنّة. العزل بدأ بحصار ربّما أنهاه دخول القوى الأمنيّة إلاّ أنّ شروط عودته قائمة دوماً، خصوصاً في ظلّ تصاعد اللغة التعبويّة حيال عرسال. تجربة المحاور في طرابلس لا تنمّ إلاّ عن تلك العودة المرجّحة. ومثلما استحقّ المسيحيّون العزل لأنّهم «انعزاليّون»، يستحقّه السنّة اليوم لأنّها «تكفيريّون». بطبيعة الحال لا يقال هذا الكلام بصراحة خارج الغرف المغلقة. ما يقال في العلن، وهو تكرار لما قيل في 1975 – 1976 عن المسيحيّين، أنّ السنّة «إخواننا» وأنّ أكثريّتهم من «الشرفاء». لكنّ ما يجري على خطّ يمتدّ من وادي خالد شمالاً إلى عرسال شرقاً، مروراً بطرابلس وبقع متناثرة من بيروت، يشي بالعزل الذي تنضح به ثقافة استبداديّة متمكّنة. ومثلما أدّى عزل المسيحيّين في حرب السنتين إلى تعزيز القوى الأكثر تطرّفاً بينهم وتهميش رموزهم الأشدّ اعتدالاً، وصولاً إلى الحرب، فإنّ عزل السنّة اليوم يؤدّي النتائج نفسها. فالتكفيريّون الذين تُضخّم أخطارهم يتزايدون فعلاً، فيما الإرهاب ينمو وتتزايد حظوظه (... هل يصعب على مؤرّخ منصف أن يردّ بدايات هذه الوجهة إلى اغتيال رفيق الحريري؟). الثابت، إذاً، أنّ طرفاً في لبنان يستطيع أن يعزل طرفاً آخر. والثابت أيضاً أنّ الطرف العازل هو الذي يملك، فضلاً عن السلاح، قضيّة اسمها: المقاومة. في 1975 – 1976 كانت مقاومة فلسطينيّة. اليوم هي مقاومة حزب الله. من يقف خارج هذه المقاومة يستحقّ العزل. لكنّ بؤر العزل المتكاثرة يصعب أن تترك بيروت، إلى ما لا نهاية، واحة آمنة نسبيّاً وسط محيط عاصف ومضطرب. فهذه المقاومة المنتشرة، هنا وهناك وهنالك، جرثومة حرب أهليّة تتفشّى في الجسد الوطنيّ كلّه. ولم يكن بلا دلالة أنّ هذه المقاومة كانت سبب الإعاقة في تشكيل الحكومة، ثمّ الإعاقة في خروجها ببيان وزاريّ، ثمّ سبب التوصّل إلى بيان متناقض ذاتيّاً يدلّ إلى عجز الحكومة كنصاب سياسيّ يملك قدراً من الاستقلال عن الطوائف. إذاً المقاومة سبب الإعاقة لدور الدولة. تمدّد الأزمة الأهليّة، التي يبرز شكلها الأوضح اليوم في محاولة عزل السنّة، ترفده عناصر أخرى كاستطالة أمد الصراع في سوريّة، وتزايد القصف الرسميّ السوريّ برّاً وجوّاً لأراض لبنانيّة، والاحتمالات الإسرائيليّة الغامضة على الحدود اللبنانيّة – السوريّة – الإسرائيليّة، وكلّ هذا في كنف أزمة اقتصاديّة – اجتماعيّة غير مسبوقة. ووضع كهذا لا يضمنه حتّى وجود قرار إقليميّ أو دوليّ بعدم التفجير في لبنان. المقاومة، بوصفها المعيار الذي يُستخدم في العزل وفي تسعير العلاقات الأهليّة، تميت الدولة، لكنّها أيضاً تقول للمواطن الأعزل أن لا يطمح إلى المساواة مع مواطن مسلّح، وأن لا يتجرّأ على طرح اختياره لحياته وحياة أبنائه، وأن لا يكون له رأي، غير رأي المقاومة، في ما يكون عليه بلده. فالمقاومة تريد أن «تحميه» غصباً عنه، أكان يرى سبباً يوجب حمايته أم لا. فليشكر المقاومة إذاً وليسكت. وهذا استبداد يرقى إلى استعباد. على ضوئه يكون المواطن الذي لا يوافق بسعادة وحبور على استعباده خائناً. والخائن، مثل دولته، ميّت أو مشروع ميّت. لقد صار موت هذه المقاومة شرطاً لمقاومة هذا الموت.

omantoday

GMT 22:20 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 22:19 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 22:17 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 22:16 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 22:15 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 22:14 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 22:13 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 22:12 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن مقاوماً أو مت كن مقاوماً أو مت



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:33 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 عمان اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab