أزمة حزب الله… تسويق لهزيمة

أزمة 'حزب الله'… تسويق لهزيمة

أزمة 'حزب الله'… تسويق لهزيمة

 عمان اليوم -

أزمة حزب الله… تسويق لهزيمة

خيرالله خيرالله

نصرالله أراد تسويق هزيمة، ليس بعدها هزيمة، والخروج بنظريات عسكرية جديدة، وإقناع اللبنانيين بأنها انتصار. إذا كانت حرب صيف 2006 انتصارا، كيف تكون عندئذ الهزائم.
ليس من كلمة واحدة لها علاقة بالواقع في الخطاب الطويل الذي ألقاه في الرابع عشر من أغسطس الجاري الأمين العام لـ“حزب الله”. إنّه خطاب بيع الأوهام بامتياز وخطاب دفع النائب ميشال عون في اتجاه متابعة تحرّكه الهادف إلى تعطيل الحياة السياسية والاقتصادية، أو ما بقي منهما في لبنان. إنّه خطاب التمسّك، بالطبع، بمنع مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

في كل الأحوال، ليس من مصلحة ميشال عون أن يعتبره حسن نصرالله “ممرّا”. لو كان ميشال عون يمتلك حدّا أدنى من المنطق لسأل نفسه: ممرّ إلى أين؟

كان الخطاب في مناسبة الذكرى التاسعة لـ“الانتصار الإلهي” الذي يحاول الحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، تسويقه بصفة كونه انتصارا. إنه انتصار حقّقه الحزب على لبنان واللبنانيين، وذلك في سياق التغطية على جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

ما يؤكد ذلك أن الحزب افتعل، بطلب إيراني، حرب صيف 2006 التي لم يكن لديها من هدف سوى مساعدة إسرائيل في تدمير جزء من البنية التحتية اللبنانية، وتهجير أكبر عدد ممكن من اللبنانيين وإعادة خلط الأوراق في الداخل اللبناني.

ولمّا لم يجد نصرالله أن الحرب المفتعلة مع إسرائيل كافية لكسر عزيمة اللبنانيين المؤمنين بثقافة الحياة، لجأ إلى الاعتصام في وسط بيروت بغية ضرب الاقتصاد اللبناني استكمالا للعدوان الإسرائيلي.

لا تزال بيروت تعاني إلى اليوم من آثار هذا الاعتصام الذي استمرّ ما يزيد على سنة، وساهم في جعل مؤسسات كثيرة تغلق أبوابها، وفي تهجير عشرات الآلاف من الشبان اللبنانيين إلى الخارج، خصوصا إلى الدول العربية في الخليج. ما لا يمكن تجاهله أن ميشال عون كان شريكا في الاعتصام ولعب، على عادته، الدور المطلوب منه في مجال ضرب الاقتصاد اللبناني وتهجير العدد الأكبر من المسيحيين من لبنان…

أراد نصرالله مرّة أخرى تسويق هزيمة، ليس بعدها هزيمة، والخروج بنظريات عسكرية جديدة، وإقناع اللبنانيين بأنّها انتصار. إذا كانت حرب صيف 2006 انتصارا، كيف تكون عندئذ الهزائم؟

الجانب الإيجابي الوحيد في كل هذا المسلسل المستمرّ منذ عام 2005، تاريخ ارتكاب جريمة اغتيال رفيق الحريري، هو القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. عزّز القرار القوة الدولية المؤقتة المرابطة في جنوب لبنان منذ العام 1978. ما لا مفرّ من الاعتراف به أن الجنوب اللبناني لم ينعم بفترة طويلة من الهدوء، كما نعم بذلك بين 2006 و2015. هذه حقيقة لا يمكن تجاوزها بأيّ شكل، وهي تعني، أوّل ما تعني، أن جنوب لبنان كان المستفيد الأوّل من حرب صيف العام 2006، في حين أنّ الخاسر الأوّل كان لبنان ككلّ وجميع اللبنانيين الذين صار عليهم مواجهة سلاح “حزب الله” الميليشيوي والمذهبي بصدورهم العارية.

لم تكن من فائدة لحرب صيف 2006. لم يكن هناك انتصار إلهي أو غير إلهي. كلّ ما في الأمر، أن لبنان كان في غنى عن مثل هذا النوع من المغامرات، خصوصا أنّه كان في الإمكان المحافظة على الهدوء في الجنوب من دون الحاجة إلى القرار 1701، لو امتلك “حزب الله” والذين يسيرونه الحدّ الأدنى من الحس الوطني والمسؤولية. ولكن ما العمل عندما تكون هناك حاجة إيرانية ماسة إلى ضرب الشراكة الوطنية وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية من أجل تغطية جريمة معروف من نفّذها ومعروف من حرّض عليها، ومن أجل امتلاك ورقة في المفاوضات مع الولايات المتحدة؟

باستثناء الرغبة في إظهار ميشال عون بأنّه مظلوم بغية الاستمرار في الاستفادة منه، وعصره قدر الإمكان، ليس في خطاب نصرالله سوى تحريض على مزيد من الخراب. قبل كلّ شيء، إن ميشال عون ليس مظلوما. على العكس من ذلك، لديه كتلة نيابية كبيرة جمعها له “حزب الله”. ميشال عون نفسه لم يكن قادرا على الوصول إلى مجلس النوّاب لولا “حزب الله”.
لآن يهدّد “حزب الله” لبنان واللبنانيين. يوحي لهم بأنّه يستطيع أن ينزل مع العَوْنيّين إلى الشارع. هذه القدرة على النزول إلى الشارع والتي ظهرت من خلال غزوة بيروت والجبل في مايو من العام 2008، باتت سيفا مسلطا على رقاب اللبنانيين وعلى الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان.

إنّه سلاح “حزب الله” الذي يهدّد به نصرالله اللبنانيين. هذا السلاح أذلّ السنّة والدروز والمسيحيين في لبنان، واستأسد على الشيعة الأحرار الذين رفضوا أن يكونوا تابعين لإيران. هذا السلاح جاء بحكومة من لون واحد، برئاسة نجيب ميقاتي، ضربت الشراكة الوطنية من أساسها. لم يكن من هدف لتلك الحكومة سوى تهميش أهل السنّة، بواسطة شخصية سنّية، وعزل لبنان عن محيطه العربي، وهذا ما حصل بالفعل.

كانت لـ“لانتصار الإلهي” وظيفة أخرى، اضافة إلى تأكيد أن الانتصار على لبنان، بما في ذلك تغطية جريمة التخلّص من رفيق الحريري. كان مطلوبا التأكيد أن الانتصار على لبنان بديل من الانتصار على إسرائيل. تتمثل هذه الوظيفة في تجاوز الحزب لدوره اللبناني.

نجده الآن في سوريا وفي اليمن والبحرين والكويت، كذلك في العراق حيث شارك بعض العراقيين في الوصول إلى السلطة على دبّابة أميركية. يسعى الحزب إلى لعب دور في كلّ منطقة عربية. من يتذكّر تهريبه السلاح إلى “حماس” في غزّة عن طريق مصر؟

رفع حسن نصرالله صوته عاليا في وجه اللبنانيين، كذلك رفع إصبعه. وجّه إليهم تهديدات مباشرة مؤكدا أنّه لن يتخلّى عن أدواته المحلية، ولا يمكن أن يفعل ذلك. في الواقع، كان الصوت العالي والنبرة الحادة للرجل دليلين على مدى عمق الأزمة التي يواجهها الحزب على كلّ صعيد. دوره صار مكشوفا في كلّ مكان يتدخّل فيه، خصوصا في اليمن والبحرين والكويت والعراق.

كذلك لا أفق من أي نوع لمغامرته السورية التي لا تستند سوى إلى الرابط المذهبي بموجب المواصفات الإيرانية. كلّ ما يمكن قوله إن نصرالله استخدم لغة قديمة في التعاطي مع وضع جديد. ما يختزل أزمة “حزب الله” أن إيران تصالحت مع “الشيطان الأكبر” بمواكبة من “الشيطان الأصغر”، فيما لا يزال الأمين العام للحزب يتحدّث عن مواجهة مع المشروع الأميركي الذي يريد تقسيم المنطقة.

فات حسن نصرالله أن تقسيم المنطقة مشروع إيراني لا تعترض عليه إسرائيل. ما سرّ ذلك الإصرار على “تطهير” الزبداني من أهلها؟ أليسوا سوريين، أم يكفي بالنسبة إلى نصرالله أن لا يكون السوري علويا حتّى لا يعودَ سوريا؟

ذلك هو لبّ الأزمة التي يعاني منها “حزب الله”. إنّها أزمة هرب من الواقع يمارسها حزب مذهبي تابع لإيران المتصالحة مع “الشيطان الأكبر”، أكثر من أيّ شيء آخر… وقبل أيّ شيء آخر.

omantoday

GMT 13:53 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 13:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 13:51 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 13:50 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 13:49 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 13:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 13:47 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 13:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة حزب الله… تسويق لهزيمة أزمة حزب الله… تسويق لهزيمة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab