حرب الإخوان على مصر

حرب الإخوان... على مصر

حرب الإخوان... على مصر

 عمان اليوم -

حرب الإخوان على مصر

خيرالله خيرالله

ما تتعرض له مصر اليوم يعطي فكرة عن حجم التحديات التي تواجه المشير عبدالفتّاح السيسي والبلد نفسه. يدفع السيسي الذي دخل في مواجهة مفتوحة مع الإخوان المسلمين ثمن القرار الكبير الذي اتخذه الشعب المصري قبل عامين.

أنهى الشعب المصري حكم الإخوان لمصر، فقرّر هؤلاء شن حرب على مصر. نزل ملايين المصريين إلى الشارع يوم الثلاثين من حزيران ـ يونيو 2013. أسقط المصريون حكم الإخوان بدعم من القوات المسلّحة التي انحازت لهم. وجدت مصر عربا شرفاء، في طليعتهم المملكة العربية السعودية، يقفون معها من منطلق أن مصر حاجة عربية، وأنّ سقوط مصر إخلال بالتوازن في المنطقة.

تحدّى العرب الذين وقفوا مع مصر قوى عدّة. على رأس هذه القوى الإدارة الأميركية وتركيا. لم تفهم الإدارة الأميركية الحالية أن للعرب رأيهم في الإخوان، وأنّه لا يمكن التفريق بين إخواني معتدل وآخر متطرّف. كلّ الإخوان من الطينة نفسها. من أسامة بن لادن… إلى أبو بكر البغدادي، مرورا بمصعب الزرقاوي وأيمن الظواهري، كلّ هؤلاء من طينة واحدة هي طينة الإخوان المسلمين.

كان لا بدّ من إنقاذ مصر. كان القرار الذي اتخذه الشعب المصري برفض الإخوان قرارا مصيريا. أرادت مصر أن تقول لكلّ من يعنيه الأمر أن الإخوان لا يمثلون اللعبة الديمقراطية، وأنّ كل ما فعلوه هو خطف الثورة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك وعملوا بكلّ الوسائل للاستحواذ على السلطة والتمسّك بها إلى ما لا نهاية.

الدليل على ذلك، الإجراءات التي اتخذها محمّد مرسي خلال توليه الرئاسة، والتي كانت تستهدف تغيير طبيعة الإدارة المصرية، والمؤسّسات الأمنية، أي ما يعرف بـ”الدولة العميقة” في مصر. لعلّ أوّل ما نسيه الإخوان أنّ المؤسسة العسكرية المصرية لعبت دورا أساسيا في التخلص من نظام حسني مبارك بأقلّ مقدار ممكن من الخسائر بعدما أقنعته بالتنحي والذهاب إلى منزله. أصرّ الإخوان على محاكمة مبارك وإذلاله مع نجليه. أرادوا تأكيد أنّ لا عودة إلى خلف، وأنّ مصر هي بالنسبة إليهم الجائزة الكبرى التي تعني، أوّل ما تعنين سيطرتهم على أكبر البلدان العربية.

من اغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة بواسطة سيّارة مفخّخة، إلى سلسلة التفجيرات في أنحاء مختلفة من مصر، وصولا إلى الهجمات على مواقع الجيش والأمن في شمال سيناء، يبعث الإخوان برسالة. فحوى الرسالة أنهم دخلوا حربا على مصر. لن يتخلوا عن هدفهم المتمثّل في السيطرة على مصر. سيستمرون في ذلك مستفيدين من عاملين أولهما الحدود الليبية المفتوحة، والآخر “الإمارة الإسلامية” التي أقامتها “حماس” في قطاع غزّة. أمّا العامل الثاني فيتمثّل في القوى الخارجية التي تدعمهم.

هناك في الواقع حرب تُشنّ على مصر. لا شكّ أن قوى خارجية تدعم هذه الحرب وتزود الإرهابيين بالسلاح وحتّى بالرجال. ليس طبيعيا أن يتمكن مئات المسلحين من مهاجمة مواقع عدّة للجيش والأمن في شمال سيناء بطريقة توحي أنّهم جيش منظّم يمتلك أسلحة متطورة بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات تحمل على الأكتاف.

لا شكّ أن السلطة المصرية تتحمّل مسؤولية كبيرة على صعيد تقصيرها في اتخاذ التدابير المطلوبة تحسّبا لما يضمره الإخوان للبلد. لدى الإخوان مخططات واضحة كلّ الوضوح. يريدون إسقاط عبدالفتّاح السيسي. يستفيدون من تقوقع القيادة المصرية الجديدة على نفسها وعدم إقدامها، أقلّه حتّى الآن، على خطوات تثبت من خلالها أنّها قادرة على شنّ حملة واسعة على الإرهابيين.

من المهمّ أن تحسم السلطات المصرية أمرها. من المهمّ التأكد أن لا وجود لإخواني معتدل وآخر متطرّف. فالإخوان يمثلون النبع الذي تتغذّى منه كلّ التنظيمات المتطرّفة، بمن في ذلك “داعش”. الأهمّ من ذلك كلّه اقتناع القيادة المصرية أن مصر في حال حرب، وأنّ مستقبلها على المحكّ وأنّه لا يمكن التهاون مع إرهابيي الداخل، ولا مع أولئك الموجودين في ليبيا أو في قطاع غزّة أو في هذه الدولة العربية أو غير العربية أو تلك. ليس كافيا اعتراف رئيس الوزراء المصري بأن بلاده في حال حرب. لا مفرّ من التصرّف من هذا المنطلق وعلى كلّ المستويات. هذا يعني، بكلّ بساطة، أنّ على مصر المبادرة وأن لا تترك نفسها “ساحة” يلعب فيها الآخرون.

نظرا إلى أنّ مصر في حال حرب، لا يمكن الاستخفاف بالقوى التي تشنّ الحرب على الدولة العربية الأهمّ. يحصل ذلك، في وقت تكتفي إدارة أوباما بالتفرّج على ما يدور في المنطقة ولا همّ لها سوى التوصل إلى اتفاق مع إيران في شأن ملفّها النووي.

ألقت القوى المعادية لمصر بثقلها في الحرب الدائرة. يستوجب ذلك التحرّك السريع للقوات المصرية في سيناء من أجل تطهيرها من الإرهاب. ليس سرّا أنّ اكتفاء مصر، بالدفاع عن النفس هو دعوة إلى الإرهابيين لمتابعة حملتهم. ثمّة حاجة إلى مبادرات مدروسة بالتنسيق مع قوى عربية لوضع حدّ للحرب على مصر. هذه الحرب ستكون طويلة، بل طويلة جدّا. تدفع مصر ثمن التقصير في كلّ المجالات منذ تولي العسكر السلطة في العام 1952. حارب جمال عبدالناصر الإخوان، لكنّه لم يفعل شيئا يذكر للقضاء على ثقافتهم التي تفشّت في المجتمع المصري، والتي راحت تنتشر مجددا مع وصول أنور السادات إلى السلطة في السنة 1970. انتشر الإخوان في عهد حسني مبارك الذي استمر ثلاثة عقود في ظلّ تراجع الإعلام المصري، خصوصا أمام الخطاب الديني المتشدّد. غزا هذا الخطاب الصحف الرسمية والإعلام الرسمي في غياب وعي بأهمّية الإعلام ونشر ثقافة الاعتدال عبره. كان مبارك يحارب الإخوان ويتركهم يتغلغلون في الإعلام الرسمي في الوقت ذاته!

الحرب على مصر ستكون طويلة. ليست حربا على مصر وحدها. إنّها حرب على الإسلام المعتدل أيضا، وعلى العرب وموقعهم في المنطقة. لن تقضي مصر على الإرهاب غدا. الحاجة أكثر من أي وقت إلى إستراتيجية بعيدة المدى تأخذ في الاعتبار أوّلا أنّ لا هوادة في المواجهة مع الإخوان المسلمين. هؤلاء كانوا حلفاء السادات في مرحلة معيّنة. لكنّهم ما لبثوا أن انقلبوا عليه. الأمر نفسه حصل مع حسني مبارك، وإن في ظلّ ظروف مختلفة عائدة إلى أن السنوات العشر الأخيرة من عهد مبارك كانت خالية من أيّ قدرة على فهم التعقيدات الداخلية والتعاطي معها.

يمكن الاستفادة من تجربة السادات مع الإخوان، كذلك من تجربة مبارك للتأكد من أنّ الكلام في مصر، هو كلام عن حرب طويلة، بل طويلة جدّا. إما تبادر مصر خارج حدودها، في ليبيا وغزّة تحديدا… وإمّا تبقى أسيرة حلقة مغلقة يسعى أعداؤها إلى إدخالها فيها.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الإخوان على مصر حرب الإخوان على مصر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab