حماس أوان الرحيل

"حماس"... أوان الرحيل!

"حماس"... أوان الرحيل!

 عمان اليوم -

حماس أوان الرحيل

خيرالله خيرالله

أن تعرف كيف تخسر في السياسة أهمّ بكثير من أن تعرف كيف تربح. المؤسف أن هناك من لا يعرف، لا كيف يربح ولا كيف يخسر. بين هؤلاء حركة "حماس" التي هي جزء لا يتجزّا من تنظيم الاخوان المسلمين، خصوصا من اخوان مصر، والتي اقامت "امارة طالبانية" في قطاع غزة. هذه الحركة التي تعتبر نفسها اسلامية لم تفهم أن وقت الرحيل قد آن، وأنّ عليها اعادة غزّة الى أهلها بعدما فشلت على كلّ الصعد. كان فشلها فلسطينيا أوّلا، اذ عمّقت الشرخ بين غزّة والضفة الغربية وساهمت الى أبعد حدود ممكنة في خدمة المشروع الاسرائيلي الهادف الى اختلاق الاعذار لتكريس الاحتلال لجزء من الضفة، بما في ذلك القدس الشرقية. أمّا على الصعيد الاقليمي، لم تفعل "حماس" شيئا سوى تحويل قطاع غزة قاعدة خلفية للقوى التي تريد السوء والاذى لمصر وللشعب المصري. باتت مصر مضطرة للاسف الشديد لتدمير كل الانفاق المستخدمة لتهريب البضائع الى غزة. لم يكن أمام السلطات المصرية من خيار آخر بعدما وجدت أنّ الارهاب في سيناء يجد من يدعمه انطلاقا من غزّة وأنّ فوضى السلاح في القطاع تصبّ عمليا في خلق فوضى سلاح في سيناء. تستهدف هذه الفوضى  ضرب الاستقرار في مصر خدمة لقوى اجنبية من بينها ايران الساعية الى مدّ نفوذها في كلّ الاتجاهات. هناك الآن في مصر نظام جديد يستند الى شرعية شعبية وفّرتها له "ثورة الثلاثين من يونيو". هذا الحكم الجديد في مصر لا يمتلك أي عقدة من اي نوع، لا تجاه "حماس" ولا تجاه غيرها، كان كما كانت عليه الحال في عهد حسني مبارك. كذلك، ان هذا الحكم الذي لا يريد الا مصلحة مصر ولا يسعى سوى الى حماية مصر ليس مستعدا للاستعانة بـ"حماس" من أجل التقرّب من اسرائيل والولايات المتحدة، كما ليس في حاجة الى ذلك. لا يريد الحكم الجديد فعل ما فعله الاخوان المسلمون عندما تحكموا بمصير مصر طوال سنة كاملة كان فيها محمد مرسي رئيسا للجمهورية. وقتذاك، كان مرسي يتبجح بأنه استطاع ضبط "حماس" ومنع أي حروب جديدة مع اسرائيل وذلك ارضاء لها وللادارة الاميركية في الوقت ذاته! نعم، آن أوان رحيل "حماس" واعلان أنّها افلست. أفلست الحركة لأنّه لم يكن لديها في يوم من الايّام اي مشروع سياسي قابل للحياة. تسببت في حصار للقطاع بعدما عجزت عن فهم أن الانسحاب الاسرائيلي صيف العام 2005، أي قبل ثماني سنوات بالتمام والكامل، استهدف ايقاع الفلسطينيين في فخّ. بكلّ بساطة، وقع الفلسطينيون في الفخّ المطلوب ان يقعوا فيه. كان مطلوبا أن يكون الانسحاب كاملا من كلّ القطاع. هذا ما حصل بالفعل. وكان مطلوبا أن تعلن "حماس" انها "حررت" غزة. وهذا ما حصل أيضا. وكان مطلوبا أن تعلن "حماس" أن الانسحاب من غزة بداية لتحرير فلسطين من البحر الى النهر ومن النهر الى البحر بصفة كونها "وقفا اسلاميا". لم تخيّب "حماس" الآمال الاسرائيلية ونفّذت كل المطلوب منها كي يبقى القطاع تحت الحصار. سقطت "حماس" ضحية الشعارات التي رفعتها. على رأسها شعار "المقاومة" الذي ارادت من خلاله تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني في غزّة وليس زوال الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية. عمّقت الشرخ الفلسطيني وفعلت كلّ ما تستطيع من أجل تعزيز وجهة النظر الاسرائيلية القائمة على نظرية أن لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه. بدل أن تعلن "حماس"موافقتها على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، اذا بها ترفض هذا البرنامج المقبول من المجتمع الدولي والمرفوض اسرائيليا. التقت "حماس" من حيث تدري مع اسرائيل بهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني واجهاضه. والحقيقة أن اسرائيل لم تبخل على "حماس" في شيء بدليل أنها حافظت على قيادتها في حرب أواخر 2008 وبداية 2009 ولم تقض على القيادة بعدما اجتاحت القطاع وبلغت المكان الذي كان يختبئ فيه كبار الحمساويين. كان هذا المكان غرفة الاشعة في أحد المستشفيات. ترك الاسرائيليون هؤلاء وشأنهم. انّهم عملة نادرة في خدمة الاحتلال... كان في استطاعة "حماس" المساهة في جعل غزّة نموذجا لما يمكن أن تكون عليه دولة فلسطينية مستقلّة ومسالمة. استجابت لكلّ الطموحات الاسرائيلية. لم تكتف بذلك. حوّلت غزة الى سجن كبير ومنعت بالقوة في تشرين الثاني- نوفمبر من العام الماضي الشعب الفلسطيني من احياء ذكرى غياب ياسر عرفات الزعيم التاريخي لهذا الشعب. فوق ذلك كلّه، شاركت "حماس" الاخوان المسلمين في خطف الثورة المصرية. وتلك الشعرة التي قصمت ظهر البعير. صارت امتدادا لما يدور في مصر. وهناك من يقول أن الاخوان المسلمين في مصر لم يجدوا نموذجا يتبعونه غير نموذج غزّة، وهو فاشل وبائس في الوقت ذاته. وهذا ما لعب دورا مهمّا في تقصير عمر تجربتهم وفشلها. بعد "ثورةالثلاثين من يونيو"، كشفت "حماس" عن وجها الحقيقي. اصبحت جزءا من الثورة المضادة التي ركّزت على الهاء الجيش المصري في سيناء بغية منعه من ممارسة واجباته الوطنية في القاهرة والمدن الكبرى تلبية لمطالب الشعب المصري. طفح الكيل. هذا كلّ ما يمكن قوله. من النتائج الطبيعية للثورة المصرية، ثورة اخرى في غزّة تعيد القطاع الى أهله من جهة وتعيد الحياة الى طبيعتها فيه بعيدا عن التخلّف بكلّ أشكاله من جهة أخرى. فالفلسطينيون شعب عظيم. اوّل ما يرفضه هذا الشعب هو التعصّب والتزمّت والارهاب...أي يرفض "حماس" من منطلق أنّها لم تخدم يوما سوى الاحتلال الاسرائيلي من حيث تدري أو لا تدري، على حدّ تعبير السذّج. والارجح أنها تدري، بل تدري أكثر من اللزوم...

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس أوان الرحيل حماس أوان الرحيل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab