تغيّر حزب الله ولم تتغيّر إيران

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

 عمان اليوم -

تغيّر حزب الله ولم تتغيّر إيران

بقلم: خير الله خير الله

رحل حسن نصرالله وحل مكانه نعيم قاسم، بشخصيته الباهتة، كأمين عام لـ"حزب الله". الفارق بين الرجلين أنّ حسن نصرالله كان خطيبا مفوّها يمتلك القدرة على إقناع جمهوره وما يتجاوز جمهوره، بالأوهام الكبيرة والصغيرة وتسويقها في الوقت ذاته. بين الأوهام، التي صدّقها السذّج، أنّ الصلاة في القدس عند مرمى حجر. كانت أيضا لنصرالله كلمته في طهران وبغداد ودمشق وصنعاء، فيما نعيم قاسم، الذي لم يكن له يوما أي دور حقيقي على الأرض اللبنانيّة وخارج لبنان، بات مجرّد واجهة لـ"الحرس الثوري" الإيراني.

في الواقع، فرضت الأحداث الأخيرة تولي "الحرس الثوري" إعادة تشكيل "حزب الله في ضوء الضربات التي تلقاها. كان لافتا إصرار نعيم قاسم، في الخطاب الأوّل الذي القاه كأمين عام، على طمأنة الجمهور الشيعي للحزب إلى أن الجيل الجديد من القادة الميدانين قادر على متابعة المسيرة. لم يحدّد ما هي هذه المسيرة وما الفائدة، أصلا، من حرب عبثيّة مع إسرائيل لم تأت على البلد وأهله، بمن في ذلك أبناء الطائفة الشيعية، سوى بالخراب والدمار والتهجير.

الأكيد أن الكلام الوارد في الخطاب الأوّل لنعيم قاسم كان للإستهلاك الداخلي، خصوصا أن أي لبناني، أكان شيعيا أم من مذهب آخر أو طائفة أخرى، يدرك جيدا أن وضع "حزب الله" تغيّر كليا وأنّه يصعب عليه استعادة وضعه السابق في ضوء سلسلة الضربات التي تلقاها. في النهاية، ظهر أن هناك انكشافا تاما للحزب أمام الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية التي استطاعت إغتيال كلّ القادة الحقيقيين الذين كانوا يمثلون القوّة غير المكشوفة للحزب. كان هؤلاء مرتبطين مباشرة بـ"الحرس الثوري" الذي امتلك في كلّ وقت ممثلا له في الهيئة القياديّة العليا للحزب.

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران التي ترفض أخذ العلم بما فعلته في لبنان. أكثر من ذلك، لا تزال "الجمهوريّة الإسلاميّة" مصرّة على بقاء جنوب لبنان "ساحة" تعتقد أن في استطاعتها إستخدامها في لعبة التوصّل إلى صفقة مع "الشيطان الأكبر" الأميركي تكرس دورها الإقليمي المهيمن وتسمح لها بمتابعة السير في مشروعها التوسعي. يشمل المشروع العراق وسوريا ولبنان واليمن وأي أماكن أخرى في الخليج وشمال إفريقيا يمكن أن تصل إليها يدها.

يؤكد التوجه الإيراني القديم - الجديد فشل الوساطة الفرنسية في إقناع طهران بأن عليها القبول بانسحاب لمقاتلي "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني. تشير معلومات واردة من طهران إلى أن "الجمهوريّة الإسلاميّة" باتت تقبل تقدّم وقف النار في لبنان على وقف النار في غزّة، لكنها ترفض أي تراجع لمقاتلي "حزب الله". بكلام أوضح، تريد إيران إستمرار القتال في جنوب لبنان بغض النظر عن عدد القرى والبلدات التي تتعرّض لدمار كلّي وبغض النظر عن نزوح سكان هذه القرى والبلدات من بيوتهم.

متى تتغيّر إيران؟ متى تعود دولة طبيعيّة لا حاجة لديها إلى "حزب الله" والأدوات الأخرى من ميليشيات مذهبية تنفّذ سياسات معيّنة تحت شعارات فارغة من نوع "المقاومة والممانعة"؟

يغيب عن ذهن المسؤولين الإيرانيين حاليا أنّ المشروع التوسعي لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في حال تراجع، أكان ذلك في العراق أو سوريا أو لبنان... أو اليمن. لا يمكن وقف هذا التراجع من دون الإعتراف بأن على النظام الإيراني الاهتمام بالمشاكل الداخليّة للبلد وأزماته المستعصية بدل الهرب الدائم منها عبر رفع شعار "تصدير الثورة". إلى إشعار آخر، ليس لدى إيران ما تصدره على الرغم من أن الحضارة الفارسية حضارة قديمة متميّزة. يؤكد ذلك ما حلّ من بؤس بكل بلد حلّت فيه إيران مباشرة أو عبر ميليشياتها كما حال لبنان. يظلّ لبنان، الذي ينهار يوميا أكثر، نموذجا للسلوك الإيراني الذي يرفض أن يتغيّر.

على سبيل المثال وليس الحصر، ترفض "الجمهوريّة الإسلاميّة" التفسير المنطقي للإتفاق الذي توصلت إليه مع المملكة العربيّة السعودية في بيجينغ (بكين) في آذار – مارس من العام 2022، وهو اتفاق ينص صراحة على وقف تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. رفضت إيران التقيد بمضمون الاتفاق واعتبرت أن الأمر محصور بعدم التدخل في الشؤون السعوديّة... في حين يظلّ لبنان وسوريا والعراق مسألة مختلفة. لدى إيران تفسيرها الخاص في هذا الشأن. يعني عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للسعودية توقف الحوثيين عن إطلاق صواريخ ومسيرات في اتجاه مطارات إو منشآت نفطية في المملكة!

تكمن مشكلة "حزب الله" بأنّها مشكلة أجندة قبل أي شيء. لا أجندة لدى الحزب سوى الأجندة الإيرانيّة. معنى ذلك، أن الحزب يرفض الإعتراف بأنّ عليه أن يأخذ في الإعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين والعمل في هذا الإتجاه. لا يمكن للحزب الفصل بين مصلحة لبنان واللبنانيين من جهة ومصلحة "الجمهوريّة الإسلاميّة" التي لا يهمها ما يحلّ بلبنان من جهة أخرى.

سيظلّ الحزب يقاتل إلى اليوم الذي لا يبقى فيه حجر على حجر في أي قرية جنوبيّة أو بقاعيّة. لا جواب لدى نعيم قاسم، مثلما لم يكن من جواب لدى حسن نصرالله، عن سبب إرتكاب جريمة ربط مصير لبنان بمصير غزّة الذي حسمت إسرائيل أمرها عندما دمرت الجزء الأكبر من القطاع، الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا فقط، وهجرت مليونين من أهله في أقلّ تقدير...

متى تتغيّر إيران؟ الأكيد أنّها ستتغيّر، خصوصا بعدما تبيّن أنّ كلّ رهاناتها سقط، بما في ذلك الرهان على بقاء "حزب الله" متحكّما كلّيا بلبنان منذ قرّر إغتيال رفيق الحريري في العام 2005. كان الحزب إلى ما قبل سنة يحكم لبنان ويمتلك قرار الحرب والسلم فيه. صار جزءا لا يتجزّأ من أزمة وجودية يعاني منها البلد الذي يمكن وصفه بأنّه ضحية أخرى من ضحايا إيران.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغيّر حزب الله ولم تتغيّر إيران تغيّر حزب الله ولم تتغيّر إيران



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:50 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab