إيران وثمن المشكل

إيران وثمن المشكل

إيران وثمن المشكل

 عمان اليوم -

إيران وثمن المشكل

بقلم: خير الله خير الله

ترد “الجمهوريّة الإسلاميّة” أو لا تردّ على اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في مكان كان يفترض أن يكون آمنا في طهران؟ ليست تلك المسألة. المسألة مرتبطة بمصلحة إيران التي بات عليها أن توازن بين أمور كثيرة من بينها كلفة الردّ من جهة والمحافظة على هيبتها في المنطقة والعالم من جهة أخرى.

يقف العالم، ومعه المنطقة، على أعصابهما في انتظار الردّ الإيراني، علما أن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة هل تمتلك إيران ثمن المشكل الكبير الذي تنوي افتعاله، خصوصا في ضوء الموقف الأميركي الواضح والحازم دفاعا عن إسرائيل؟

قبل كلّ شيء، يبدو مفيدا الأخذ في الاعتبار أنّ إيران دولة عاقلة لا تقدم على مغامرات كبيرة، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بتورطها المباشر في مثل هذه المغامرات. مارست “الجمهوريّة الإسلاميّة” في كل وقت لعبة في غاية الدهاء تقوم على أسس عدّة. في مقدّم هذه الأسس الاستثمار المجدي بعيد المدى في الميليشيات المذهبيّة التي كانت وراء قيامها في هذا البلد العربي أو ذاك. يظلّ “حزب الله” المثل الأهم الذي يمكن سوقه في هذا المجال. يسيطر الحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، سيطرة كاملة على مقدرات لبنان. يمتلك قرار الحرب والسلم في البلد. تشهر “الجمهوريّة الإسلاميّة” سيف الحزب ساعة تشاء. تمنع من خلاله انتخاب رئيس للجمهوريّة في لبنان. بكلام أوضح، صار لبنان رهينة لدى إيران. ليس مهمّا بالنسبة إلى “الجمهوريّة الإسلاميّة” ما يحل بلبنان واللبنانيين. المهمّ مصلحة إيران التي كانت المستفيد الأوّل من الغزو الأميركي للعراق، بل كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي شجعت هذا الغزو وقدمت التسهيلات المطلوبة له قبل واحد وعشرين عاما، تمهيدا لوضع يدها على العراق وقيام نظام شبيه بالنظام الإيراني فيه. استطاعت ذلك عبر فرض شرعية لـ“الحشد الشعبي” الذي هو تجمع لميليشيات تابعة لها. يلعب “الحشد” في العراق، بغطاء شرعي، الدور الذي يلعبه “الحرس الثوري” في إيران… وإن في حدود معيّنة تفرضها الخصوصيات العراقيّة.

طوال سنوات، تحكّمت “الجمهوريّة الإسلاميّة” بقوانين اللعبة في المنطقة قبل انتقال حرب غزّة إليها. ليس معروفا ما الذي ستفعله الآن. لكن تجارب الماضي القريب تشير إلى أن إيران لا تذهب بعيدا في تهوّرها. يؤكد ذلك طريقتها بالردّ على اغتيال الإدارة الأميركيّة لقاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” لدى مغادرته مطار بغداد مع نائب رئيس “الحشد الشعبي” العراقي أبومهدي المهندس قبل نحو أربع سنوات. كان سليماني الرجل الثاني في هرم السلطة في إيران، أي أنّه لم يكن هناك من يعلو عليه غير “المرشد الأعلى” علي خامنئي. اكتفت “الجمهوريّة الإسلاميّة” برد ذي طابع فولكلوري على اغتيال إدارة دونالد ترامب لمن يعتبر رمز المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة ومهندس العلاقة مع “حماس” وغير “حماس”… والقائد الفعلي لكلّ الميليشيات الإيرانيّة المنتشرة في المنطقة.

كان ردّ إيران ذا طابع فولكلوري أيضا عندما اغتالت إسرائيل كبار قادة “فيلق القدس” الذين اجتمعوا في القنصليّة الإيرانية في دمشق في أوّل نيسان – أبريل الماضي. تبيّن بكل وضوح أنّ لا رغبة إيرانية في الذهاب بعيدا في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. تبقى الأولوية للدفاع عن النظام الإيراني ومنع سقوطه. إنّها القضيّة الأهم بالنسبة إلى قادة النظام. ظهر ذلك العام الماضي عندما حصلت مواجهة مع أذربيجان. تراجعت إيران وتوقفت عن أي مزايدات في هذا الشأن. فعلت ذلك على الرغم من العلاقة القويّة والعميقة التي تربط أذربيجان بإسرائيل.

لا بدّ لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة” من القيام بعمل عسكري ما، أقلّه من أجل المحافظة على ماء الوجه. لكنّ عليها أن تفكّر أيضا بما يمكن أن تلحقه بها إسرائيل من أضرار جسيمة. صحيح أن إسرائيل في وضع لا تحسد عليه مع مرور ما يزيد عن ثلاثمئة يوم على حرب غزّة، لكن الصحيح أيضا أن الدولة العبريّة التي تخوض معركة ذات طابع وجودي تحوّلت إلى وحش حقيقي بكل ما في كلمة وحش من معنى. لم تقض حكومة بنيامين نتنياهو على “حماس” بعد. استعاضت عن ذلك بإزالة قطاع غزّة من الوجود وتشريد أهله وتحويله إلى أرض غير قابلة للحياة فيها. أكثر من ذلك، حولت مساحات شاسعة من جنوب لبنان أرضا لا وجود فيها لإنسان. هدمت عشرات القرى والبلدات الحدوديّة من أجل أن يقول “حزب الله” إنّه يخوض حرب “إسناد” لغزة. أي ليقول إنّه يعمل وفق الأجندة الإيرانية على حساب لبنان، بمن في ذلك أهل الجنوب.

من اللافت أنّ النظام السوري، الذي أبقته “الجمهوريّة الإسلاميّة” على قيد الحياة، بخوضها معه الحرب التي يشنها على شعبه منذ ثلاثة عشر عاما، يتظاهر حاليا بالموت، خصوصا في ضوء تلقيه تهديدا مباشرا من إسرائيل. أمّا العراق، حيث لا سلطة حقيقيّة لرئيس الوزراء محمّد شياع السوداني، فيبدو أنّ جميع من في البلد يعرف تماما أنّ الانضمام إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل سيكلّف الكثير. لن يكون مستبعدا أن يحل بميناء البصرة، وهو الميناء العراقي الوحيد، ما حلّ بميناء الحديدة اليمني الذي يسيطر عليه الحوثيون…

تبحث إيران عن مخرج من الورطة التي وجدت نفسها فيها. عليها أن تضرب إسرائيل وأن تتفادى في الوقت ذاته ردّ الفعل الإسرائيلي – الأميركي. كيف الخروج من هذه الورطة بأقل مقدار من الأضرار في وقت يتوجب فيه القيام بحسابات دقيقة بعيدا عن الشعارات والمتاجرة بفلسطين والقدس… وفي وقت يعرف القاصي والداني أنّ إسماعيل هنيّة الذي اغتيل في طهران ليس أكثر من رمز من رموز تستخدمها “الجمهوريّة الإسلاميّة” للقول إنّها اللاعب الإقليمي الأهمّ في الشرق الأوسط والخليج…

نقلا عن العرب

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وثمن المشكل إيران وثمن المشكل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:50 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab