لبنان وثمن حرب غزّة

لبنان وثمن حرب غزّة

لبنان وثمن حرب غزّة

 عمان اليوم -

لبنان وثمن حرب غزّة

بقلم - خير الله خير الله

أوجدت «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران وضعا عجيباً غريباً في لبنان عبر فتحها جبهة جنوب البلد يوم الثامن من أكتوبر الماضي، أي في اليوم التالي لشنّ «حماس» هجوم «طوفان الأقصى».

أدّى «طوفان الأقصى» عملياً إلى إزالة غزّة من الوجود، علماً بأنّّه لا بد من الاعتراف بأن ما قامت به «حماس» هزّ إسرائيل من داخل وحولّها إلى وحش حقيقي.

فتحت إيران جبهة جنوب لبنان في سياق حروب عدّة، على هامش حرب غزّة، تخوضها بواسطة أدواتها في المنطقة.

اعتمدت «الجمهوريّة الإسلاميّة» على «حزب الله» لفتح جبهة الجنوب واضعة مستقبل لبنان على كفّ عفريت. أرادت مرّة أخرى إثبات أنّ لبنان كلّه صار تحت سيطرتها ما دام صاحب قرار الحرب والسلم فيه ميليشيا مسلّحة اسمها «حزب الله».

بات لدى إسرائيل حساب تريد تصفيته مع لبنان الذي ربط نفسه بحرب غزّة بموجب قرار إيراني. هذه مغامرة أخرى دخلها بناء على رغبة إيران، فيما أكثرية شعبه ضدّ دخولها.

نعم، يمكن الحديث عن مغامرة لن تأخذ لبنان سوى في اتجاه مزيد من الخراب تتويجاً لوضع «الجمهوريّة الإسلاميّة» يدها على البلد معتمدة على القوّة الناعمة أحياناً وعلى القوة غير الناعمة في أحيان كثيرة.

يقف لبنان في أيّامنا هذه على عتبة كارثة واضحة المعالم في غياب قوى داخلية تستطيع الحؤول دون ذلك. المسألة في غاية الوضوح والبساطة. فتح «حزب الله» جبهة جنوب لبنان في اليوم الذي تلا مباشرة هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» على مستوطنات في غلاف غزة.

تكمن المشكلة في غياب أي منطق لبناني غير منطق سلاح «حزب الله»، أي المنطق الإيراني. لا شكّ أن من حقّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» امتلاك حسابات خاصة بها. لكنّ من حقّ اللبنانيين أيضاً امتلاك حسابات خاصة بهم حرصاً على بلدهم.

المؤسف في الأمر أن لا وجود لحسابات لبنانيّة في ظلّ عوامل عدّة، في مقدّمها غياب الدور المسيحي على أي صعيد كان من جهة، وغياب الثقل السنّي من جهة أخرى.

يدفع لبنان غالياً ثمن الغيابين المسيحي والسنّي، فيما لا همّ لدى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط سوى حماية طائفته من الانقراض في هذا العالم المتوحش وفي منطقة تسود فيها «شريعة الغاب».

هذه الشريعة التي يعبّر عنها «حزب الله» بين حين وآخر لا تصبّ سوى في تحويل لبنان إلى بلد بائس لا مقومات للحياة فيه. كان آخر ما خرج به الأمين العام حسن نصرالله، عن «تعداد» اللبنانيين، بمثابة تهديد مباشر للمسيحيين، وتأكيد مكشوف للغياب السنّي الذي بات واضحاً كلّ الوضوح، خصوصاً مع وجود سعد الحريري خارج البلد.

صحيح أنّ «حزب الله» استطاع تهجير عشرات الآلاف من الإسرائيليين من المنطقة الحدودية مع لبنان، لكن الصحيح أيضاً أن إسرائيل دمرت قرى عدّة في جنوب لبنان وهجرت عشرات الآلاف من أهالي هذه القرى، في معظمهم من الشيعة.

يقول خبراء في الشأن الإسرائيلي أنّ ضرب لبنان آت عاجلاً أم آجلاً. يعود ذلك إلى أن إسرائيل لا يمكن أن تتحمّل بقاء عشرات الآلاف من مواطنيها خارج بيوتهم طوال أشهر عدّة.

معنى ذلك، في المفهوم الإسرائيلي، أن هذا الكيان لم يعد مكاناً آمناً ليهود العالم... وأن مصير إسرائيل بات مهدّداً.

توجد، أكثر من أي وقت، حاجة لتفادي الكارثة التي يبدو لبنان مقبلاً عليها. في غياب قوى تستطيع أن تفعل شيئاً في الداخل اللبناني، هل من رغبة دوليّة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من لبنان؟

هل يمكن التعويل على دور فرنسي وأوروبي أكثر فعاليّة في ضوء الزيارة التي يقوم بها الرئيس جو بايدن لباريس حالياً بعد مشاركته مع زعماء العالم الحرّ في الذكرى الـ80 للإنزال الغربي في شواطئ منطقة نورماندي الفرنسيّة والذي كان بداية لتحرير أوروبا من النازيّة؟

سيعتمد الكثير على الطريقة التي سيعتمدها الغرب في التعاطي مع إيران. ليس معروفاً بعد هل من رغبة غربية في رفض الرضوخ للمطالب الإيرانية التي في مقدّمها أن تكون «الجمهوريّة الإسلاميّة» الدولة الأهم في المنطقة والاعتراف بأن لا تسويات أو حلول من دون رضوخ أميركي لما تعتبره طهران واقعاً لا مفرّ منه.

رضخ الغرب لإيران أم لم يرضخ. لم يعد أمام لبنان، الذي تحوّل مجرّد «ساحة»، سوى دفع ثمن تمكن إيران من أن يكون فيه، غطاء لسلاح مذهبي هو «حزب الله».

الخوف كلّ الخوف من دفع لبنان ثمناً كبيراً لجريمة ربط مصيره بحرب غزّة. يخشى أن يكون جائزة ترضيّة لإيران في مرحلة معيّنة... أو أن يكون ضحيّة لرفض الغرب أن يكون جائزة الترضية هذه.

عندئذ، يترك لبنان لمصيره وللرغبة الإيرانية بالإمساك به أكثر من جهة وللوحشيّة الإسرائيليّة التي لا حدود لها من جهة أخرى.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وثمن حرب غزّة لبنان وثمن حرب غزّة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:50 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab