«حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة

«حماس» والأردن... والمراهقة السياسيّة!

«حماس» والأردن... والمراهقة السياسيّة!

 عمان اليوم -

«حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

 

يعطي كلام القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق عن رغبة قيادة «حماس» في الانتقال إلى الأردن فكرة عن مدى جهل الحركة، بطبيعة المملكة الهاشميّة وتاريخها. كذلك، يعطي فكرة عن رغبة في الحاق الأذى بالفلسطينيين والأردنيين في الوقت ذاته، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار هذا العدد الكبير من الفلسطينيين المقيمين في المملكة الهاشميّة بكلّ أمان.

قبل كلّ شيء، الأردن ليس أرضاً سائبة كي يسمح أبو مرزوق وغيره من قيادي «حماس» في الذهاب بعيداً في الاستخفاف بهذا البلد الذي عمل كلّ ما يستطيع من أجل بقاء القضيّة الفلسطينيّة حيّة ترزق. الأكيد، ان القيادي الحمساوي يعيش في عالم آخر يجعله يعتقد أن في الإمكان انتقال «حماس» إلى الأردن بسهولة، من دون حسيب أو رقيب، كما لو أنّ الأردن هو لبنان المستباح إيرانياً إلى أبعد حدود. المملكة الأردنيّة ليست مستباحة ولديها جيشها ومؤسساتها الأمنيّة القادرة على حمايتها. الأهم من ذلك كلّه، أن الأردن دولة مؤسسات تعرف كيف تدافع نفسها بوجود أكثرية ساحقة من المواطنين تسعى إلى الأستقرار.

أخطر ما في كلام أبو مرزوق، الذي يمتلك دوراً مهمّاً داخل «حماس»، رفض تعلّم شيء من تجربة غزّة.

الواضح أنّ القيادي الحمساوي الذي كان يتحدّث إلى فضائية إيرانيّة عاجز عن استيعاب ما حلّ بغزّة في ضوء شنّ «حماس» لهجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي من جهة والردّ الوحشي الإسرائيلي من جهة أخرى. قضت إسرائيل على غزّة وجعلت القطاع أرضاً طاردة لأهلها. من حسن الحظّ أنّه لاتزال توجد دول عاقلة مثل المملكة الأردنيّة الهاشمية تعمل بجهد، مع غيرها من العرب الشرفاء، من أجل وضع حدّ للحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط سلسلة لا تنتهي من الجرائم الإسرائيلية.

بدل أن تساهم «حماس» في وضع حدّ للعدوان الإسرائيلي، عبر استيعاب ما حصل على الأرض، إذا بها تريد نقل تجربتها إلى الأردن. هذه مدرسة الذين يزدادون سوءاً بعدما صاروا على تماس مع الفكر السائد في إيران، وهو فكر يقوم على متابعة مشروع توسّعي على حساب كلّ ما هو عربي في المنطقة.

ليس سرّاً أن الأردن مستهدف إيرانياً. ليس سرّاً أيضا أنّ الحملة التي تشنّها «حماس» على المملكة الهاشميّة جزء لا يتجزّأ من الحملة الإيرانيّة التي من بين مظاهرها ممارسة ضغوط عبر أدوات مختلفة تستهدف الاستقرار في هذا البلد. من بين هذه الأدوات الإيرانيّة «حزب الله» في لبنان الموجود في الجنوب السوري، وميليشيات عراقيّة يجمع بينها اللون المذهبي من جهة والولاء الأعمى لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة»، وليس للعراق، من جهة أخرى.

كلّ ما على أبو مرزوق عمله هو العودة بالذاكرة إلى الخلف قليلاً من جهة والسعي إلى فهم الواقع على أرض الأردن من جهة أخرى. بالنسبة إلى العودة إلى الذاكرة، يمكنه التوقف عند حدثين. أولهما أحداث سبتمبر في العام السبعين من القرن الماضي. ما الذي كان حلّ بالفلسطينيين وقضيتهم لو لم ينقذهم الملك حسين وقتذاك من أنفسهم ومن مشروع الوطن البديل الذي أرادوا تنفيذه على أرض الأردن؟ مصيبة بنيامين نتانيهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، الذين ينتمون إلى اليمين المتطرّف، في أنّهم مازالوا يتوهمون بأن مشروع الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن مازال حيّاً يرزق. دفن الملك حسين الوطن البديل وتكفّل الملك عبدالله الثاني بدفنه نهائياً عبر جهود دؤوبة استهدفت بقاء خيار الدولتين مشروعاً قابلاً للحياة وفي بال كلّ بلد مهمّ في هذا العالم.

لا حاجة إلى التذكير بالحدث الثاني وكيف استطاع الملك حسين إنقاذ حياة خالد مشعل، عندما تعرّض لمحاولة اغتيال وقف خلفها عملاء إسرائيليون في عمان. ذهب العاهل الأردني الراحل إلى حد التهديد بإلغاء اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي في حال لا تسلم إسرائيل الأردن جرعة من الدواء المضاد للسمّ الذي حقن به عملاء جهاز «الموساد» خالد مشعل في أحد شوارع عمّان.

بالنسبة إلى فهم الواقع الأردني، ترفض «حماس» فهم أن أكثرية ساحقة من الأردنيين، خصوصاً من ذوي الأصول الفلسطينيّة، ترفض توجهات تيار الإسلام السياسي. تقف الأكثرية الساحقة في الأردن مع الملك عبدالله الثاني وخلفه، لا لشيء سوى لأنّه عنوان للاستقرار والعقل السياسي الراجح الذي يصبّ في مصلحة كلّ مقيم على الأرض الأردنيّة. مَن مِن الأردنيين، أكان من أصول شرق أردنية أو فلسطينية لا يعرف أن المكان الوحيد الذي يستطيع أن يشعر فيه بأمان هو الأردن... يكفي للتأكد من ذلك مراجعة تجربة «الإمارة الإسلاميّة» التي أقامتها «حماس» في غزّة.

ليست حملة حماس على الأردن سوى في إطار الهدف الذي بات الجميع على علم به، خصوصاً في عالمنا العربي الذي لم يعد فيه مكان للمراهقين السياسيين الذين يرفضون الاستفادة من تجارب الماضي القريب ويصرّون على ممارسة الجهل في شأن كلّ ما له علاقة بالأردن من قريب أو بعيد.


 

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة «حماس» والأردن والمراهقة السياسيّة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:50 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab