رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً

رحيل جيزيل... سمير قصير مات فعلاً!

رحيل جيزيل... سمير قصير مات فعلاً!

 عمان اليوم -

رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

يصعب إيجاد صديقة مثل جيزيل خوري التي جمعت بين الصدق والوفاء والشجاعة والكرم الحقيقي في الوقت ذاته.
بموت جيزيل، مات سمير قصير فعلاً بعدما أبقت روحه حية منذ اغتياله في الثاني من يونيو 2005.
كشف الوفاء لسمير، اللبناني - السوري - الفلسطيني، الشخصيّة الاستثنائية التي امتلكتها جيزيل خوري.
رفضت الاستسلام للظلم الذي تعرّضت له طوال حياتها.
كانت تقول لي في لحظات قليلة شاهدتها فيها حزينة: «كُتب عليّ أن لا أرى الفرح يوماً»، علما أن فرحها كان عظيماً في مرحلة معينة.
كان ذلك عندما تزوجت من سمير الذي جعلها من عاشقات بيروت بعدما رافقته في رحلة كتاب «تاريخ بيروت» الذي يروي فيه قصة المدينة.
طوال 18 عاماً أبقت جيزيل سمير قصير، الأخ والصديق والكاتب المتميّز، بيننا. كانت جيزيل شخصين في امرأة بعدما نذرت حياتها من أجل الرجل الذي احبته والذي انتظرت عشر سنوات كي تتمكن من الزواج منه صيف العام 2004.
كان ذلك قبل أقلّ من سنة من بدد إطفاء أضواء المدينة في 14 فبراير 2005 يوم اغتيال رفيق الحريري.
كان تفجير قصير لحظة ركوبه سيارته بعد أقلّ من أربعة أشهر على اغتيال الحريري فاتحة لسلسلة من الاغتيالات نفذّها من كانوا وراء التخلّص من الرجل الذي أعاد الحياة إلى بيروت.
من خلال اغتيال قصير ثمّ اغتيال جبران تويني، اكتشفت جيزيل أن بيروت المدينة الصاخبة ذات التنوع مستهدفة.
كان التركيز على جريدة «النهار» مقصوداً ان عبر سمير أو عبر جبران الذي دفع بدوره ثمن جرأته اللامتناهية وثمن تمكنه من ربط «النهار» بالمرجعيات العربيّة والدولية مجدداً.
كانت «النهار» ولا تزال رمزاً من رموز المدينة وقدرتها على الصمود.
كان لا بدّ من مقاومة ثقافة الموت. هذا ما فعلته جيزيل، التي قاومت السرطان في السنوات الثلاث الأخيرة، بعدما عرفت كيف تطوّر نفسها عبر الحوارات التي كانت تديرها في هذه المحطة العربية أو اللبنانيّة أو تلك.
تكمن الأهمّية الإعلامية لجيزيل في تلك القدرة على تطوير نفسها والإنتقال من الأفق اللبناني الضيق إلى الأفق العربي الأوسع والأفق الإقليمي عموماً.
أدركت جيزيل منذ البداية معنى الجريمة التي استهدفت سمير وابعادها اللبنانيّة والعربيّة. كان ردها واضحا كلّ الوضوح.
كتبته في مقال نشرته صحيفة «نداء الوطن» تحت عنوان «قصتي مع سمير». قالت جيزيل في ذلك المقال الذي تناولت فيه ردّ فعلها على اغتيال سمير «كان القرار أن أعيش وأن أذكّر القاتل أن إعدام الجسد لا يلغي الروح. انشأتُ مؤسسة سمير قصير كي تكون شهادته من أجل الحياة ودعوة لتجديد ثقافة الحريات».
استطاعت المؤسسة جمع الصِحافيين والمثقفين في المشرق العربي وفي مغربه وفي الخليج للقيام بمشاريع ثقافية منها «مهرجان ربيع بيروت» المجاني لدعم الفن والثقافة.
تشكّل المؤسسة اليوم مرجعاً عالمياً في موضوع رصد الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون.
نظمت ورش عمل لصحافيين شباب في التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي ودربت مراسلي الحرب لحماية أنفسهم في مناطق الاشتباكات مع أهم المؤسسات الدولية.
كان مهرجان «ربيع بيروت» فعل وفاء لسمير قصير وتأكيدا لأنّه لم يمت.
كان ردّا على أولئك الذين ما زالوا يعملون من أجل القضاء على بيروت.
يعود السبب الأساسي لنجاح «مؤسسة سمير قصير» إلى النفس الكريمة التي كانت تمتلكها جيزيل وإلى شبكة العلاقات الواسعة التي بنتها محلياً وعربياً ودولياً، خصوصاً أوروبياً.
قاومت جيزيل بكلّ ما أوتيت من عزم. قاومت حتّى الرمق الأخير. هزمها السرطان ولم يهزمها الذين قتلوا سمير قصير.
ركزت على برنامجها الحواري الذي انتقلت به إلى «سكاي نيوز العربيّة» وكان أحد أهم البرامج في العالم العربي كلّه. مكنتها الحياة في أبوظبي من الشعور بالراحة، وهي راحة وجدتها أيضا في ولديها رنا ومروان.
ما لفتني في لقاء أخير مع جيزيل رؤيتها إشارات إلى أن بيروت تنهض مجدداً كطير الفينيق. رأت عودة، وإن خجولة، للحياة الثقافيّة والفنّية.
هل كان تفاؤلها في محله أم أنّ «حزب الله» ينوي توريط لبنان في حرب مدمّرة جديدة بعدما قام بكل ما يستطيع القيام به من أجل القضاء على ثقافة الحياة في البلد وفي بيروت تحديداً؟
كان اللقاء الأخير مع جيزيل في عمان في يونيو الماضي لمناسبة الاستقبال الذي أقيم في مناسبة زواج وليّ العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله.
حرصت على المجيء إلى العاصمة الأردنيّة رغم أنّها كانت منهكة.
رفضت الاستسلام، ساعدها في ذلك ابنتها رنا التي رافقتها في زيارة عمّان.
أظهرت شجاعة لا متناهية لا يمتلكها غير أصحاب النفوس الكريمة من الذين يعرفون معنى الصداقة والوفاء وحبّ الحياة وتحدي السرطان.
كانت صديقة عزيزة بالفعل. كانت وفيّة بالفعل. كانت امرأة اسنثنائية بالفعل. كانت لبنانيّة صلبة بالفعل...

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً رحيل جيزيل سمير قصير مات فعلاً



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:15 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab