تحولات سريعة في السعودية

تحولات سريعة في السعودية!

تحولات سريعة في السعودية!

 عمان اليوم -

تحولات سريعة في السعودية

خيرالله خيرالله

 تؤكّد الأيّام الأولى لعهد الملك سلمان بن عبدالعزيز تحوّلات سريعة على كلّ صعيد في المملكة العربية السعودية. قبل دفن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان هناك تغيير لرئيس الديوان الملكي خالد التويجري وتثبيت لوليّ وليّ العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز في ولاية العهد. كذلك كان تعيين وليّ لوليّ العهدّ، هو الأمير محمّد بن نايف الذي بات يتقدّم على كلّ أبناء الجيل الثالث من أحفاد الملك عبدالعزيز. كذلك، خلف الأمير محمد بن سلمان والده في وزارة الدفاع وبات رئيس الديوان الملكي أيضا.

الملك في السعودية، هو الملك. مثلما اختار عبدالله بن عبدالعزيز رجاله، يختار سلمان بن عبدالعزيز رجاله. دشّن سلمان بداية عهده المفصلي، بعد أقلّ من أسبوع على غياب الملك عبدالله، بتغييرات شاملة أعادت تشكيل مجلس الوزراء وكلّ المواقع المهمّة، بما في ذلك عدد لا بأس به من أمراء المناطق. بين هؤلاء أميرا الرياض ومكّة، وأمراء المناطق في المملكة هم بالطبع أهمّ بكثير من الوزراء.

إنّه بالفعل تغيير في العمق شمل بين ما شمل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة في اتجاه مزيد من المركزية في الشأنين السياسي والأمني، كذلك في شأن كلّ ما له علاقة بالتربية والتعليم والاقتصاد.. والديوان الملكي. لكنّ هذا التغيير جاء في ظل الاستمرارية. فالملك سلمان أقرّ بخيار سلفه عندما ثبّت الأمير مقرن وليّا للعهد. لم تمسّ الأوامر الملكية اختيار الملك عبدالله، رحمه الله.

مع الانتقال إلى الجيل الثالث ممثّلا في محمّد بن نايف، الذي يشغل موقع وزير الداخلية، بقي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزيرا للحرس الوطني. هنا أيضا، لم يمسّ الملك سلمان بما تقرّر في عهد سلفه حيث صار الحرس الوطني وزارة في حدّ ذاتها، أي في مستوى وزارة الدفاع التي بقيت طوال سنوات في عهدة الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز. احتفظ متعب بن عبدالله بموقعه ولكن من دون أن يعني ذلك أنّه ستكون لديه طموحات تفضي إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك.

في الواقع، لم تكن لدى الأمير متعب طموحات ذات طابع شخصي فحسب، بل كان تركيزه أيضا على جعل الحرس الوطني في أهميّة وزارة الدفاع وذلك عن طريق تزويده بمدرّعات متطورة وطائرات حربية. كان هناك مشروع لبناء هيكل لسلطة جديدة في المملكة. تقوم هذه السلطة على ما تقرّر في عهد الملك عبدالله الذي كان يميل إلى أن يكون نجله الأكبر متعب في وضع يسمح له ببلوغ أعلى المناصب يوما. لكنّ هذه الحسابات تبدّلت جذريا بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. مع تبدّل الحسابات، ظهرت مؤشرات التغيير العميق الذي كانت بوادره الأولى في وزارة الدفاع وذلك قبل وفاة الملك عبدالله.
كان مفترضا بوزارة الدفاع أن تكون في يد أحد أبناء سلطان، لكنّها انتقلت إلى أحد أبناء سلمان، إلى الأمير محمّد تحديدا وهو في الثلاثينات من عمره. ما نراه الآن، يدلّ إلى حدّ كبير على أهمّية التغيير الذي أدّى إلى حصر تمثيل ما يسمّى بـ"السديريين" بأبناء نايف وسلمان، أقلّه في المواقع المهمّة، علما أن الأمراء السديريين سبعة وهم حسب الترتيب الذي يعتمد على العمر: فهد، سلطان، عبدالرحمن، تركي الثاني، نايف، سلمان، أحمد.

لكنّ من بين أهم ما شمله التغيير الكبير، إذا وضعنا جانبا، استبعاد أبناء الملك الراحل باستثناء متعب، فهو ذلك التوجّه إلى التخلص من التعدّد في مراكز القرار في وقت تواجه المملكة تحديات كبيرة على الصعيد الأمني. مصدر هذه التهديدات الإرهاب بشكل عام والمشروع التوسّعي الإيراني القائم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية.

بات الأمن ومعه التوجهات العامة للسياسة السعودية محصورا بمجلس الشؤون السياسية والأمنية الذي سيكون على رأسه وليّ وليّ العهد الذي هو أيضا وزير الداخلية.

لم يعد مكان لمجلس الأمن القومي الذي كان الأمير بندر بن سلطان أمينه العام. حتّى رئيس الاستخبارات، الذي سيكون عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية، لم يعد من الأمراء. فقد خرج من الموقع الأمير خالد بن بندر وحلّ مكانه الفريق خالد الحميدان. وهذا يعني أن لا مراكز قوى في المملكة، كما كانت عليه الحال في الماضي، عندما كانت وزارة الدفاع حصنا خاصا بسلطان بن عبدالعزيز، فيما وزارة الداخلية تحت هيمنة نايف بن عبدالعزيز.. والحرس الوطني كناية عن موقع لا مكان فيه سوى للمحسوبين على عبدالله بن عبدالعزيز.

هناك الآن ملك يمثّل مرجعية واحدة في كلّ ما له علاقة بالأمن والسياسة. بكلام أوضح، هناك موقع تتّخذ فيه القرارات الكبيرة في هذين المجالين. كذلك الأمربالنسبة إلى الشؤون الاقتصادية وتلك المتعلّقة بالتنمية، إذ أنشئ مجلس خاص بها برئاسة الأمير محمدّ بن سلمان.

ما شهدته السعودية من تغييرات خلال أقلّ من أسبوع، في ستّة أيّام تحديدا، كان يحتاج في الماضي إلى سنوات طويلة. هناك بداية عملية انتقال إلى الجيل الثالث نُفّذت بسهولة ودقّة. وهناك بداية عملية هيكلة لمؤسسات الدولة في اتجاه الانتهاء من كلّ ما من شأنه خلق مراكز قوى. باختصار شديد، هناك عملية تحديث للمملكة يقوم بها الملك سلمان بن عبدالعزيز.

قليلون كانوا يدركون أنّ الرجل ما زال قادرا على اتخاذ مثل هذه الخطوات الجريئة التي تصبّ في اختزال الوقت والابتعاد من كلّ ما من شأنه جعل الأمور تراوح مكانها سنوات طويلة كما كانت عليه الحال في الماضي القريب، خصوصا لدى مرض الملك فهد، رحمه الله، ابتداء من 1995 ووفاته في 2005.

كان لافتا أنّ سلمان بن عبدالعزيز ترك بصماته على زيارة الرئيس باراك أوباما الذي جاء للتعزية بالملك عبدالله والتهنئة بتوليه مقاليد الحكم في المملكة. تصرّف الملك الجديد بما يؤكّد لرئيس القوة العظمى الوحيدة في العالم أنّ لدى السعودية أجندة خاصة بها مبنيّة على الدفاع عن مصالحها. هناك نقاط اتفاق كثيرة مع السياسة الأميركية، لكنّ هناك نقاط خلاف أيضا قابلة للبحث بين طرفين كلّ منهما في حاجة إلى الآخر. لا شكّ أنّ إعادة ترتيب البيت الداخلي السعودي وحصر القرار في مكان واحد قد يساهم إلى حد كبير في جعل المملكة تتفاوض مع الحلفاء والأعداء من موقع أفضل، إن لم يكن من مركز قوّة.

ما كرّس هذه القوّة، في وقت تبدو المملكة متمسّكة بسياستها النفطية، تلك القدرة على التغيير في العمق من جهة والمحافظة على الاستمرارية من جهة أخرى. الأكيد أن كثيرين راهنوا على عجز السعودية عن الجمع بين التغيير في العمق والاستمرارية. يبدو أن رهانات أولئك الذين اعتقدوا أنّ لا مكان للتغيير في المملكة لم تكن في محلّها... أقلّه إلى الآن.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحولات سريعة في السعودية تحولات سريعة في السعودية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab