ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته

ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته...

ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته...

 عمان اليوم -

ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته

خيرالله خيرالله

هل يعقل أن يتحدث الرئيس بشّار الاسد في ذكرى عيد الجيش السوري عن "انتصار" وأنّه "واثق من تحقيق انتصار"؟ لنفترض أن النظام حقّق انتصارا ما. هل يمكن لنظام الانتصار على شعبه وبلده؟ هل يكفي وصف ابناء الشعب بأنهم "ارهابيون" كي يتحقّق الانتصار ويصير مباحا ومشروعا قصف المدن والقرى السورية بالمدفعية الثقيلة والصواريخ والاستعانة بعناصر من لبنان والعراق وايران لتنفيذ عمليات تطهير ذات طابع مذهبي بحت؟ مؤسف أن يصدر هذا الكلام عن شخص يعتبر نفسه رئيس دولة ومسؤولا عن بلد وشعب. المسؤول الحقيقي لا يقتل شعبه، بل يحميه. وعندما يعجز عن ذلك، يذهب الى بيته ويعتذر من الذين لم يستطع حمايتهم، بدل اطلاق الشعارات التي لا طائل منها...ومتابعة القتل. ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته خلال وجوده في موقع عسكري، يقال أنّه في داريا القريبة من دمشق، هو أن سوريا التي عرفناها صارت من الماضي. تبيّن مرة أخرى أن بشّار الاسد يعيش في عالم آخر لا علاقة له بما يدور على الارض السورية. لم يستوعب باكرا، وربّما لن يستوعب يوما، أن نظامه انتهى وأنّ التركيبة التي قام عليها النظام أصلا، وفي اساسها العصبية المذهبية والاجهزة الامنية، لم تعد قادرة على التكيف مع التطورات التي يشهدها البلد ابتداء من آذار- مارس 2011...بل كانت عاجزة عن ذلك اصلا. لايمكن تغطية الواقع السوري الاليم بالكلام الكبير عن "انتصار" وعن حرب على "ارهابيين". الواقع السوري أمر آخر. الواقع السوري يتمثل في وجود نظام أفلس منذ فترة طويلة ووجد نفسه في حال هروب دائمة الى أمام. في أساس هذا النظام، الانقلاب العسكري الذي أوصل حزب البعث الى السلطة في الثامن من آذار- مارس 1963. بعد ذلك، انقلب عسكر البعث على البعث ثمّ بدأ العلويون يسيطرون بشكل تدريجي على الجيش عن طريق ثلاثة ضبّاط هم محمّد عمران وصلاح جديد وحافظ الاسد. وبعد التخلص من محمّد عمران، جاء أوان التخلص من صلاح جديد. تفرّد حافظ الاسد بالسلطة في تشرين الثاني- نوفمبر 1970. أقام نظاما خاصا به اعتمد على النواة الصلبة العلوية، أي على مزيد من العصبية المذهبية، وعلى الاقليات وسنّة الارياف. ليس صدفة أن كلّ الوجوه السنّية البارزة، أقلّه شكلا، في الجيش والاجهزة الامنية والادارة المدنية أيام حافظ الاسد كانت من الارياف. لا مجال لذكر الاسماء وهي كثيرة. الثابت أنه كان هناك باستمرار نوع من الحساسية لدى الاسد الأب تجاه أهل المدن السنّية الكبيرة والشخصيات المنتمية اليها. لم تكن هناك سوى استثناءات قليلة جدا. الملفت أن الثورة السورية في منتصف آذار- مارس 2011 انطلقت من الريف السوري. صحيح أن الشرارة الاولى كانت في دمشق، من سوق الحميدية تحديدا، لكنّ الصحيح أيضا أن هذه الثورة لم تأخذ بعدها الوطني، ولم تتسع الاّ بعدما بلغت درعا التي تعتبر مدينة مهمّة، لكنها بقيت أقرب الى ريف دمشق مما هي الى دمشق. في عهد بشّار الاسد، طرأت عوامل جديدة على تركيبة النظام. في مقدّم هذه العوامل تقدّم العائلة المباشرة للأسد الابن على الطائفة وتحوّل ايران الى عرّاب النظام السوري. وهذا يعني في طبيعة الحال، زيادة الاتكال المباشر على "حزب الله" الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في "الحرس الثوري" الايراني عناصره لبنانية. لم يعد سرّا أن قرار التخلص من الرئيس رفيق الحريري لم يكن فقط قرارا سوريا. ولم يعد سرّا أنّ الفراغ الذي خلّفه الانسحاب العسكري السوري من الاراضي اللبنانية ملأه "حزب الله" لمصلحة ايران ولا أحد آخر غير ايران. ولم يعد سرّا أنّ ايران متورطة الى ما فوق رأسها في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه. لا وجود لجيش "عقائدي" في سوريا. لمتكن لدى النظام عقيدة غير عقيدة الغاء الآخر. ما يمكن الحديث عنه الآن هو عن نظام انتهى لأنّ الركائز التي قام عليها لم تعد قائمة، بما في ذلك سنّة الارياف والقدرة على ارهاب الشعب السوري وابتزاز العرب الآخرين. اذا كان من درس يمكن أن تستخلصه المعاهد العسكرية ومراكز التحليل في العالم من الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه، فانّ هذا الدرس يتلخّص بالآتي: هناك من لا يريد استيعاب ما يدور على الارض السورية ويصرّ على تفتيت بلده. هناك من يرفض الاعتراف بأن ليس في الامكان الانتصار على الشعب السوري، مهما طال الزمن. هناك من يرفض الاعتراف بأن النظام انتهى. لو لم يكن النظام انتهى فعلا، هل كان ضروريا الاستعانة بـ"حزب الله" للانتهاء من بلدة القصير ولـ"الانتصار" على حمص وعلى البلدات والقرى في ريف دمشق وحلب؟ هل كانت هناك حاجة الى مقاتلين من لبنان والعراق وايران للحؤول دون سقوط دمشق في ايدي احرار سوريا؟ من يراهن على الوقت من أجل تحقيق "انتصار" على الشعب السوري، يراهن عمليا على التطرّف من أجل تبرير القتل والقمع والاستعانة بقوى خارجية من أجل البقاء في السلطة. مثل هذا الرهان، يظلّ الى اشعار آخر، بمثابة رهان على تدمير الكيان السوري. هل هذا هو "الانتصار" الموعود، أي الانتصار على سوريا؟ قد يكون هذا الانتصار الوحيد الذي يستطيع بشّار الاسد تحقيقه. نعم، يستطيع تحقيق ذلك بفضل ايران والسياسة الروسية المتهوّرة المعادية لكلّ ما هو عربي في المنطقة فضلا عن قصر النظر الاميركي والاوروبي. ولكن يظلّ سؤال في غاية البساطة: أين يمكن توظيف مثل هذا الانتصار الذي لا يصبّ الا في خدمة اسرائيل التي لا مانع لديها في تفتيت سوريا وحتى المنطقة كلّها؟

omantoday

GMT 13:53 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 13:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 13:51 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 13:50 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 13:49 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 13:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 13:47 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 13:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته ما لم يستطع الرئيس السوري رؤيته



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab