من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني

من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني...

من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني...

 عمان اليوم -

من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني

خيرالله خيرالله

حققت فلسطين في الامم المتحدة  انتصارا اوّل ما يرمز اليه اعتماد الجمعية العمومية قرارا بقبولها دولة غير عضو بصفة مراقب في اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم في العام 1947. اذا تمعنّا بنص القرار الجديد، نكتشف أن العرب يسعون، بعد خمسة وستين عاما على صدور قرار التقسيم، الى الحصول على ما هو أقلّ منه بكثير. على الرغم من ذلك، لا يمكن تسمية ما حصل سوى بانتصار. هذا لا يحول دون التساؤل في الوقت ذاته كيف يمكن البناء على هذا الانتصار المدعوم من مئة وثماني وثلاثين دولة والذي يفترض أن يُعطى حجمه الحقيقي بعيدا عن المبالغات؟ من المفيد العودة الى التاريخ لتفادي وقوع مزيد من الاخطاء، حتى لا نقول الخطايا، في حجم جريمة رفض العرب لقرار التقسيم، قبل خمسة وستين عاما، ورهانهم على أن في استطاعتهم تغيير موازين القوى في المنطقة من دون أن يكون لديهم القدرة التي تسمح بذلك. لم يخض العرب يوما حربا الاّ خسروها. ما يقال عن انتصارات تحققت في لبنان لم يكن سوى وهم. لا يزال لبنان يعاني الى اليوم من حرب صيف العام 2006 التي انتهت بانتصار حققه "حزب الله" على الوطن الصغير لا اكثر. والثابت أنّ لا مجال الآن للخوض في ما اذا كانت "المقاومة الاسلامية" اخرجت اسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، ام أن الهدف من الانسحاب الاسرائيلي كان ايهام ياسر عرفات، القائد التاريخي للشعب الفلسطيني، بأن في استطاعته تكرار تجربة جنوب لبنان في الضفة الغربية. وقد وقع "ابو عمّار"، للاسف الشديد، في الفخ الاسرائيلي عندما لجأ الى عسكرة الانتفاضة الفلسطينية الثانية بدل متابعة العمل الديبلوماسي واستيعاب المتغيّرات الدولية نتيجة احداث الحادي عشر من ايلول- سبتمبر 2011.  من الضروري أن يدرك الفلسطينيون ان الانتصار الذي تحقق في الامم المتحدة والذي رافقه خطاب واقعي القاه رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عبّاس (ابو مازن) يفرض عليهم اعتماد الهدوء والتروي اوّلا. والهدوء والتروي يعنيان أن لا قيمة للانتصار في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني القائم منذ استيلاء "حماس" على قطاع غزة واقامة "امارة اسلامية" فيه. كان ملفتا أن المندوب الاسرائيلي في الامم المتحدة وجد في هذا الانقسام ثغرة اراد من خلالها النيل من "ابومازن" الذي لا يزال محظورا عليه زيارة غزة وممارسة سلطته هناك. مثل هذا الانقسام، اضافة الى عوامل اخرى مرتبطة بقرارات خاطئة، يفقد الرئيس الفلسطيني، الى حدّ كبير، القدرة على المناورة السياسية. سعت اسرائيل، المتمسكة بالاحتلال الذي هو افضل تعبير عن ارهاب الدولة، الى التشكيك في الرئيس الفلسطيني بسبب غياب موقف موحّد للضفة الغربية وغزة حيث تعتقد حركة "حماس" أن في استطاعتها تحرير فلسطين من البحر الى النهر بواسطة صواريخها المضحكة- المبكية، على الرغم من وصولها اخيرا الى تلّ ابيب والقدس، وشعاراتها الطنانة. خاضت "حماس" الحرب الاخيرة التي كانت نتيجتها تدمير مئات المنازل في القطاع وسقوط ما يزيد على مئة واربعين قتيلا اضافة الى عشرات الجرحى...وما لبثت أن اعلنت انتصارها! آن للفلسطينيين ان يظهروا نضجا سياسيا. آن لهم أن يعوا أن الحرب الاخيرة التي خاضتها "حماس" في غزة لم تجرّ عليهم سوى الويلات وأنّ لا سبيل لتحقيق اي تقدّم في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي سوى بالعمل السياسي. اكثر من ذلك، لا قيمة للعمل السياسي الفلسطيني من دون مصالحة ذات مضمون يتفق الى حد كبير مع نصّ الخطاب الذي القاه "ابو مازن" في الامم المتحدة. لم يكن خطأ رفض قرار التقسيم خطأ فلسطينيا فحسب، بل كان ايضا خطأ عربيا. صدّق الفلسطينيون في العام 1948 أن العرب سيعيدون لهم فلسطين لهم كلّ فلسطين، فكانت النكبة. لم يكن هناك وقتذاك سوى زعيم عربي واحد دعا الى التعقل. كان اسم هذا الزعيم الملك عبدالله الاوّل، ملك المملكة الاردنية الهاشمية، فامتدت اليه يد الغدر! صدّق الفلسطينيون في العام 1967 أن العرب سيردون على النكبة، فكانت النتيجة المعروفة التي ما زالوا يعانون منها بعد احتلال اسرائيل للقدس الشرقية والضفة الغربية. وفي العام 1974 القى "ابو عمّار" خطابه الشهير في الامم المتحدة واحتلتت منظمة التحرير مكانا لها في المنظمة الدولية بصفة "مراقب" بعد اعتراف العرب بها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني. كانت النتيجة سقوط  منظمة التحرير، برغبة وتصميم سوريين، في المستنقع اللبناني بدل الانصراف الى استغلال قوة الدفع التي امنتها الاعترافات الدولية بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. لم يستطع "ابو عمّار" تحقيق حلمه المتمثل في العودة الى ارض فلسطين الاّ بفضل السياسة وذلك بعد خروجه من شوارع بيروت وازقتها ثم توقيع اتفاق اوسلو، بحسناته وسيئاته، في العام 1993. ادخله اتفاق اوسلو البيت الابيض. كان ذلك حلما فلسطينيا. ما الذي يمكن عمله حاليا؟ الاكيد لا بدّ من مصالحة فلسطينية ذات مضمون تسمح بالرد على قول وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أن تصويت الامم المتحدة "مثير للاسف وغير مفيد". هل في استطاعة السلطة الوطنية اعادة مدّ الجسور مع واشنطن من الموقع الجديد لفلسطين في الامم المتحدة؟ الثابت أن ذلك ليس ممكنا من دون قرار تتخذه "حماس" باعتماد خطاب "ابو مازن". هل هذا مستحيل...ام المطلوب اكثر من أيّ وقت أن تراوح القضية الفلسطينية مكانها وأن يبقى الانتصار الذي سجّلته في الامم المتحدة مجرد لحظة فرح عابرة؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني من أجل البناء على الانتصار الفلسطيني



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab