هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار

هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار

هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار

 عمان اليوم -

هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار

خير الله خير الله

يصعب، بعد أقلّ من شهر على انطلاق العمليات العسكرية الروسية في سوريا التكهن بما تريده موسكو التي استقبلت بشّار الأسد من أجل إيجاد أفق سياسي لهذه العمليات. هل بدأ فلاديمير بوتين يستوعب أنّ لا حلّ سياسيا في سوريا قبل التخلّي عن وهم اسمه “شرعية” النظام القائم وعلى رأسه بشّار الأسد؟

في الإمكان الحديث عن “شرعية” في أي مكان في العالم باستثناء سوريا التي تعاني أوّل ما تعاني من غياب الشرعية فيها منذ نشوء الكيان، اللهمّ إلّا إذا استثنينا مراحل قصيرة في فترة ما بعد الاستقلال وفي السنوات التي سبقت الوحدة مع مصر في العام 1958.
    
لا شرعية من أيّ نوع كان في سوريا. هل يستطيع الرئيس بوتين إقناع بشّار الأسد بذلك، وأنّ ليس أمامه سوى الرحيل، وأنّه ليس جزءا من أي حلّ من أي نوع كان؟

المحزن أنّه كان في استطاعة روسيا، عن طريق المساهمة في قيام نظام شبه معقول في سوريا، حماية مصالحها. هذا إذا كانت لديها مصالح، باستثناء مخزون الغاز السوري ومنع تمرير الغاز الخليجي إلى المتوسط عبر الأراضي السورية. كان ذلك ممكنا في بداية الثورة السورية، لو لم تزوّد موسكو بشّارا بكلّ ما من شأنه أن يسمح له بمتابعة حربه على شعبه، وذلك في وقت كانت إيران، ولا تزال، تدفع ثمن السلاح المستخدم في حرب الإبادة التي يتعرّض لها السوريون.

كلّما طالت الحرب في سوريا، طالت احتمالات تفتيت البلد، خصوصا بعدما تبيّن أن التدخليْن الإيراني والروسي يقومان على أسس ذات طابع مذهبي أوّلا وأخيرا. بالنسبة إلى روسيا، أن “المصالح القومية” تعني، إضافة إلى الاهتمام بالغاز، المحافظة على المؤسسة العسكرية التي يسيطر عليها ضباط علويون تعلّموا في الأكاديميات السوفييتية ثمّ الروسية وتخرّجوا منها.

بالنسبة إلى إيران، لا همّ آخر غير المحافظة على بشّار الأسد من منطلق أنّه يمثّل حكما عائليا وعلويا في الوقت ذاته. حكمٌ قَبِل أن يكون تابعا كلّيا لـ”الوليّ الفقيه” في طهران.

هذه التبعية، جعلت الأسد الابن مختلفا إلى حدّ ما عن والده الذي حافظ على نوع من التوازن في العلاقة بين سوريا من جهة، وإيران والدول العربية من جهة أخرى. هذا لا يعني بأي شكل أن نظام حافظ الأسد لم يكن علويا، يسعى إلى الثأر، بمقدار ما أنه كان يعني أن الأب كان حريصا على إيجاد دور له بين العرب وإيران.

كان يلعب هذا الدور، علما أن العرب، عموما، كانوا يعرفون في العمق مدى انحيازه لإيران وخطورة لعبته ذات الطابع المذهبي التي كان لبنان إحدى الساحات التي تجلّت فيها بوضوح ليس بعده وضوح.

كذلك، تكشّفت هذه اللعبة من خلال انحيازه إلى جانب إيران في حربها مع العراق بين 1980 و1988، وهي حرب كان كلّ أهل الخليج يقفون خلالها مع بغداد، ليس حبّا في صدّام حسين ونظامه، بل حفاظا على التوازن الإقليمي لا أكثر.

تسعى روسيا في الوقت الحاضر إلى إنقاذ نظام سقط قبل سنوات عدة. هل بدأت تعي بأنّ إنقاذ النظام يعني، أوّل ما يعني، خروج بشّار من السلطة؟ قد يكون السؤال الأكثر دقّة هل يمكن للنظام أن يستمرّ من دون الأسد الابن؟

سقط هذا النظام، الذي لم يمتلك شرعية يوما، في اليوم الذي تمرّدت فيه درعا نظرا إلى أنها كانت ترمز إلى الحلف الذي أقامه حافظ الأسد مع سنّة الأرياف. أقام هذا الحلف لتغطية نظامه العلوي من جهة، ولإيجاد توازن مع سنّة المدن الكبرى، أي دمشق وحلب وحمص وحماة، من جهة أخرى.

كانت هناك في سوريا شرعية شكلية قامت في الأصل على ترتيبات معيّنة، في الداخل والإقليم. عرف حافظ الأسد كيف يدير هذه الترتيبات وكيف يتحكّم بها، مستفيدا إلى أبعد حدود من مغامرات صدّام حسين التي توجّها بغزوة الكويت في العام 1990. فقدت الشرعية الشكلية مع بشّار الأسد آخر ما كان يمكن أن يحافظ عليه من إرث والده، خصوصا بعد دخوله في مواجهة مع سنّة الأرياف وبعدما سلّم قراره لإيران. كان الدليل على ذلك تغطيته عملية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، والتي بات معروفا من نفّذها على الأرض والظروف الإقليمية التي أحاطت بها، فضلا عن اندراجها في سياق المشروع التوسعي الإيراني الذي بدأ يأخذ بعدا جديدا مع الاجتياح الأميركي للعراق في ربيع 2003.

تلعب روسيا لعبة خطرة بالتنسيق مع إيران. يدل على خطورة اللعبة بدء سقوط قتلى روس في الأراضي السورية. إنها لعبة خطرة لسبب في غاية البساطة يتمثّل في سعيها إلى فرض نظام لا شرعية له على الشعب السوري بالقوّة. أقصى ما يمكن أن تحقّقه روسيا هو انتصارات عسكرية في المدى القصير. تستطيع روسيا المساعدة في الانتصار على الشعب السوري. ولكن ماذا بعد؟

في المدى الطويل، يمكن لروسيا استكمال ما بدأته في الماضي البعيد، أي منذ خمسينات القرن الماضي. قامت إبّان الحرب الباردة بكلّ ما يمكن القيام به من أجل إضعاف سوريا وتحويلها إلى بلد تابع لها. نجحت أحيانا وأخفقت في أحيان أخرى على الرغم من كل استثماراتها في بلد تُعتبر قيادته البعثية المسؤول الأول عن توريط مصر في حرب الأيام الستّة في يونيو 1967.

بين روسيا وإيران، لن تعود سوريا يوما دولة موحّدة. كلّ ما تستطيع موسكو تقديمه، في حال لم تقتنع بضرورة رحيل الأسد الابن، هو مزيد من التعميق للشرخ الطائفي والمذهبي. ما نشهده هو مساهمة روسيا في إعادة رسم خريطة الدول وحتّى خريطة الشرق الأوسط كلّه. فـ”داعش” الذي تدّعي روسيا محاربته هو الحليف الأوّل للنظام السوري. لولا النظام السوري ولولا السياسة الإيرانية في العراق، لما كان “داعش” أصلا.

بات كلّ ما يمكن قوله أن إطالة الأزمة السورية، في ظلّ الهجرة المستمرّة للسوريين من بلدهم، لا تصبّ سوى في مزيد من الانهيارات تطال البلد وتطال كلّ مؤسساته، بما في ذلك المؤسسة العسكرية التي لا تزال موسكو تراهن عليها. هذا الرهان في غير محلّه.

هذا عائد أوّلا وأخيرا إلى أنّ هذه المؤسسة لم تلعب يوما الدور المطلوب منها على الصعيد الوطني، خصوصا عندما غيّر حافظ الأسد تركيبتها على نحو جذري، بما يتوافق مع النظام القمعي الذي أقامه والمعتمد أساسا على طائفته العلوية والتحالفات التي بناها مع سنّة الأرياف والأقلّيات.

بين روسيا وإيران، ضاعت سوريا، لا لشيء سوى لأنّه لا يمكن البناء على وهم، اسمه نظام بشّار الأسد. هذا النظام لم يعد يصلح سوى لشيء واحد هو الانتهاء من سوريا. هل هذا ما تريده روسيا، المتحالفة مع إسرائيل، في حربها المشتركة مع إيران… على الشعب السوري؟

بعد زيارة بشّار لموسكو وجلوسه منفردا في حضرة بوتين، ثمّ اتصال الرئيس الروسي بالملك سلمان بن عبدالعزيز، سيتبيّن ما إذا كانت روسيا تسعى بالفعل إلى حل سياسي في سوريا. مثل هذا الحلّ لا يمكن أن يبصر النور إلّا إذا خرج بشّار الأسد… إلى منفاه الروسي.

omantoday

GMT 13:53 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 13:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 13:51 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 13:50 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 13:49 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 13:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 13:47 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 13:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار هل بدأ بوتين يستوعب أن لا حلّ بوجود بشار



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab