الجنرال لا يحبُّ القصر

الجنرال لا يحبُّ القصر

الجنرال لا يحبُّ القصر

 عمان اليوم -

الجنرال لا يحبُّ القصر

غسان شربل

يحرجني سيد القصر حين يقول لي إنه لا يحب القصر، وإنه ينتظر بفارغ الصبر موعد مغادرته، وإنه يشعر بعذاب الضمير حيال عائلته لأن هموم الأمة شغلته عن السيدة الأولى والأولاد، وإنه أدى ما عليه ويترك الحُكم للتاريخ، وإن قرار مغادرته نهائي ولو تعلّقت الجماهير بأطراف سترته، وإن الوقت حان ليتفرّغ لملاعبة أحفاده.

يحرجني سيد القصر حين يقول إن السلطة عذاب، وإرضاء الناس مهمة مستحيلة. ويلفتك إلى الشيب الذي هاجمه من فرط معاناته مع المعوزين والفقراء، وأنه لم يكن ينوي الترشُّح في الدورة الماضية لكنّ الشعب أصرّ وألحّ. ويحرجني تشديده على أنه مقيم في مكتبه استناداً إلى نتائج الانتخابات. وحين ينعتها بأنها حرة تذهب أفكاري فوراً الى رئيس الاستخبارات ومطبخ النتائج في وزارة الداخلية.

والحقيقة أنني لست صحافياً ساذجاً لأصدِّق. أخَذَتْني المهنة الى عواصم كثيرة وحاورتُ كثيرين، لكن التهذيب يقضي بأن أُخفي ابتسامتي حرصاً على الموعد اللاحق. كنتُ أشعُرُ أحياناً بأن آلة التسجيل ذاتها تكاد أن تعترض على عبارات الزهد حين يُطلقها حاكم جاء على ظهر دبابة أو ما يشبهها.

وغالباً ما كنتُ أُمازحُ المتحدث، كأن أقول إننا أبناء منطقة يعتقد الحاكم فيها أن لا خيارات أمامه إلا القصر أو القبر، وغالباً ما كان يأتي الجواب متعفّفاً، وأن على الحاكم أن يتعلّم من تجارب الآخرين، وأن الدهر يومان... ولو دامت لغيرك ما اتصلت إليك. وأحياناً كنتُ أقول إنّ الصحافي لا يعثُر على قصة مثيرة لدى أهل الزهد بل لدى من يمسكون القصر بالأسنان.

ما كان للحوثيين أن يستولوا على صنعاء ويحاصروا الرئيس فيها ثم يطاردوه في عدن لولا موقف المشير علي عبد الله صالح الذي وضع معظم الجيش اليمني في تصرّفهم. فاحت رائحة الثأر. غادر القصر محروقاً ومجروحاً، وحين وصل إلى السعودية بعد التفجير الذي استهدفه، لم يكن يتحرك فيه إلا رموشه. اعتبر أنهم طردوه من بيته حيث يجب أن يبقى بانتظار أن يؤول القصر إلى نجله أحمد.

ينسى الصحافيُّ الوقائع، لكن الكمبيوتر جهاز لئيم، ويتذكر. عدت البارحة الى ثلاثة من الأحاديث التي أجريتُها معه:
في 2006:
* هل يتقاعد الحاكِمُ في العالم العربي؟
- أكيد
* ألا تعتبر أن لقب الرئيس السابق صعب بالنسبة إليك؟
- لماذا هو أمر صعب؟ أحسن لقب أسمعه الآن في لبنان لقب الرئيس السابق. لماذا لا نكون مثل إخواننا في لبنان؟
* ألا يزعجك هذا الأمر؟
- لا، أبداً، بالعكس.
في 2009:

* هناك حديث عن احتمال الاتفاق على ولاية جديدة لكم؟
- أنا ملتزم الدستور. بالنسبة إلي، لن أُرشِّح نفسي، ولن أقبَل أن يُرشِّحني أحد.
* لماذا؟
- خلاص، الإنسان صار عنده زمان واستهلك شبابه واستهلك خبراته خلال ثلاثين عاماً. إذا منّ الله علينا بالعافية، نُنهي ما تبقى من الاستحقاق الدستوري. وإن شاء الله، اليمن مثلما أنجب علي عبد الله صالح سينجب الكثير من الرجال الذين يحلّون محل علي عبد الله صالح.
* أليس لديك تعلُّق بالسلطة؟
- لا، لا.
* هل تَوَلّي الرئاسة في اليمن أمر متعب؟
- أنا أقول دوماً إن الحكم في اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين.
في 2010:
* قُلتُم السنة الماضية إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين، فهل استيقَظَت الثعابين الآن؟
- إذا أردت تغيير التسمية يمكننا استخدام الأفاعي.
* ألا تخاف من لدغ الأفاعي؟
- الثعابين كبُرَت وصارت أفاعي. ونحن وشعبنا قادرون بإذن الله على التعامل معها وترويضها. نحن لا نخاف.
* هل يمكن أن نأتي يوماً الى اليمن ونراك تَقْبَل بأن يكون في القصر رئيس غيرك؟
- (يضحك) رئيس يمني بالطبع.
وقبل الوداع قال علي صالح إنه يتوق الى ملاعبة أحفاده، وليته فعل.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنرال لا يحبُّ القصر الجنرال لا يحبُّ القصر



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab