السيسي والقناة والأزهر

السيسي والقناة والأزهر

السيسي والقناة والأزهر

 عمان اليوم -

السيسي والقناة والأزهر

غسان شربل

تقلصت مطالب العربي. كواه «الربيع العربي» بناره. اكتشف اننا نعيش في حقبة تاريخية أخرى غير التي يعيشها العالم الذاهب الى المستقبل. وان المشكلة ثقافية قبل ان تكون سياسية. واننا نحتاج الى إعادة إعمار كاملة بعدما فضحت الأزمة هشاشة خرائطنا وركاكة مؤسساتنا وتخلف مدارسنا وجامعاتنا. صار المطلب الأول للعربي ان تنجو بلاده من الحرب الأهلية. وان تبقى هياكل الدولة، وان متخلفة، قائمة لتوفير الحد الأدنى من الأمن والكهرباء وعلى أمل البحث في المطالب الأخرى لاحقاً.

وتقلصت مطالب الصحافي العربي. صار حلمه ان يزور عاصمة عربية لا تتلوى على ألحان الحرب الأهلية. عاصمة يعثر فيها على مواطن يبتسم. مواطن يعتقد ان الغد قد يكون أفضل. وان ابنه يمكن ان يعيش في بلده ولن يخاطر بركوب قوارب الموت. صار حلمه ان يشاهد دولة عربية تحاول الإبحار في الاتجاه المعاكس لمسار الانحدار والانهيار. أقول تحاول لأن المهمة ليست سهلة في منطقة فقدت ركائز استقرارها واستولى المتطرفون فيها على الشوارع والكتب والمنابر. وللأمانة شعرت في القاهرة بوجود محاولة من هذا النوع.

اختصر السياسي المصري الأوضاع بالآتي: «نشعر بالألم لما يجري في سورية والعراق وليبيا واليمن. ونشعر بالفخر لأننا لم ننزلق الى مصير مشابه. لو وقعنا في الهاوية لغرقنا في الدم وأغرقنا المنطقة والعالم باللاجئين. من حسن حظنا ان قواتنا المسلحة قدمت ولاءها للوطن على ولائها للنظام أو الرئيس. لم يدخل جيشنا في صدام مع مواطنيه على غرار ما حصل في سورية. ولم تتضعضع وحداته امام الارهاب كما حصل في العراق. ولم يتبخر على غرار ما حصل في ليبيا. ولم ترتكب ألويته مغامرة ثأرية على غرار ما حصل في اليمن».

وأضاف: «لست قلقاً على الدولة المصرية. يملك عبدالفتاح السيسي الشعبية والارادة معاً. لكن لا يكفي ان ينجح السيسي. يجب ان نحمي الشاب المصري من اغراء التطرف. لا أرى حماسة لدى الأزهر لخوض معركة اصلاح الخطاب الديني. هناك شيء من الخوف والتردد. هذه المعركة حتمية ومن دون كسبها سنجد أنفسنا بعد سنوات أمام المأساة نفسها. على الأزهر استرجاع موقعه ودوره والالتفات الى العصر. ترك الساحة للوافدين من الكهوف سيدمر دولنا ومجتمعاتنا».

أهم ما يلمسه زائر مصر هو عودة الامل الى المصري العادي. لعل أهم ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسي هو إيقاظ حالة الامل هذه. ليس بسيطاً ان يتمكن رئيس من الاتصال بأعماق مشاعر المواطن العادي. وان يبلغه ان الانهيار ليس قدراً. وان يستدرجه الى تجديد رهانه على الدولة ومؤسساتها. وان يصارحه ان خطوة قناة السويس الجديدة هي واحدة من ألف خطوة مطلوبة. وان المصري مطالب من أجل بلاده وأطفاله بالمشاركة والصبر وتقديم التضحيات.

يوحي مشهد تدشين قناة السويس ان مرحلة قد انتهت وان المعركة تدور الآن في مكان آخر. والحقيقة ان المشهد يبعث برسائل عدة في أكثر من اتجاه. في الداخل صار باستطاعة السلطة الحالية مخاطبة الناس من موقع الانجاز لا من موقع الوعود. مشروع عملاق أُنجز بإمكانات المواطنين أنفسهم وبزمن قياسي كان حدد سلفاً. والانجاز يؤكد عودة الدولة وقدرتها على مخاطبة المواطن العادي وإشراكه في مواجهة المشكلات الاقتصادية. القدرة على تحسين ظروف المواطن العادي وانعاش الامل لا بد ان تترك بصماتها عاجلاً ام آجلاً على جمهور «الاخوان» نفسه. لا تستطيع الجماعة ان تتفادى طويلاً ضرورة المراجعة واستخلاص العبر خصوصاً اذا اتسم سلوك الدولة بالرحابة المطلوبة.

تبقى جبهة أخرى لا تقل أهمية. دعا السيسي أكثر من مرة الى تجديد الخطاب الديني واصلاحه. واضح ان الدعوة موجهة الى الازهر الذي ادى تراجع دوره ومواقعه الى استيلاء المتطرفين على المساجد والعقول. هذه المعركة جزء أساسي من معركة اعادة الامل وفتح ابواب المستقبل. ترسيخ قيم الحوار والاعتدال وتعرية نهج التطرف والالغاء والانتحار ضروري لحماية مصر. اذا كان الازدهار ضرورياً لحماية الاستقرار فإن غلبة الاسلام المعتدل المتسامح ضرورية لحماية مصر والعالم الاسلامي من المغامرات المدمرة.

ما تعيشه مصر يعنيها ويعني العالم العربي والاسلامي. واذا كان انجاز القناة نموذجاً لاسلوب السيسي في اعادة اطلاق الامل فإن الازهر مطالب بالتحرك سريعاً في ورشة اصلاح وتجديد تعيد الى مصر ريادتها. لا شك ان المرحلة المقبلة ستدور في هذا المثلث القناة والسيسي والازهر. دور الازهر الانقاذي حاجة مصرية وعربية واسلامية. لا بد من اعادة اضاءة مشاعل التسامح والاعتدال والامل وقبول الآخر. لا يمكننا التأكد من نجاة مصر إلا إذا أطلق الأزهر معركة التصالح مع العصر.

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيسي والقناة والأزهر السيسي والقناة والأزهر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab