وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة»

وحدة الطوائف.. على «الوطن» و«الدولة»!

وحدة الطوائف.. على «الوطن» و«الدولة»!

 عمان اليوم -

وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة»

طلال سلمان

بعد ربع قرن على اتفاق الطائف الذي اعتمد، بعد حرب أهلية/ عربية/ دولية امتدت لخمس عشرة سنة، كخاتمة سياسية للصراع على مواقع الطوائف في النظام السياسي، ما زال الحنين قوياً «للميثاق الوطني» الذي كان يعطي السلطة للطرف المسيحي، الماروني تحديداً، ثم يسترضي الأطراف الإسلامية بمناصب أقرب لأن تكون فخرية.

ومن أسف فإن النقاش حول «النظام» لا يتوقف عند الحقوق البديهية «للمواطنين»، الذين هم في حقيقة الأمر «رعايا»، كالديموقراطية والعدالة الاجتماعية ووضوح الهوية الوطنية، بل هو يندفع نحو مواقع السلطة باعتبارها «حقوقاً» للطوائف مما يجعلها امتيازات ممنوع المس بها وإلا تفجرت الحرب الأهلية المدمرة مجدداً.

حتى من قبل أن تتفجر الأوضاع السياسية في الدول العربية المحيطة بلبنان لأسباب مختلفة، فيها المطلب الداخلي وفيها الغرض الخارجي، كانت الطبقة السياسية المسيحية في لبنان تستمتع بحظوة استثنائية لدى أهل النظام العربي عموماً.. أما بعد انفجار الأوضاع في كل من سوريا والعراق فقد اندفعت هذه الطبقة تتجاوز الوقائع الفعلية من مجازر وتدمير شامل لأسباب العمران وهيكلية «الدولة» والمخاطر التي تلامس مصير البلاد أو الأوطان بشعبها جميعاً، سواء في سوريا أو في العراق، لتركز في خطابها كما في تحركها على الأقليات المسيحية وكأنها وحدها المستهدفة بينما ينعم سائر الأهلين، أي المواطنين، بالأمن ورفاه العيش في حين أن أعناقهم تحت سكاكين «داعش».

ومن أسف فإن بعض أركان الطبقة السياسية من المسيحيين في لبنان تصرفوا برعونة وخفة ورفعوا أصواتهم مطالبين بالتدخل الدولي في مناطق تواجد الأقليات المسيحية (سريان وأشوريين..) ذات الإسهام المميز في «حضارة ما بين النهرين»، فاصلين بينها وبين سائر المواطنين أي الأكثرية الساحقة (عراقيين وسوريين..)! بل إنهم ذهبوا إلى الأكراد مستنجدين، متجاهلين «الدولة المركزية» في العراق، إلا عبر مجاملات فارغة لبعض مسؤوليها في بغداد، في الوقت اللازم لتعبئة الوقود للطائرات الذاهبة إلى أربيل.

ما علينا والماضي، لنلتفت الآن إلى المنطق الذي يُراد له أن يسود في معالجة الأزمة السياسية الجديدة التي استولدها هذا النظام الفريد:

المسيحيون يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يحررهم من شراكة «الآخرين» على قاعدة الكانتونات: يقترعون فيه وحدهم وينتخبون نوابهم باستقلال عن بقية الطوائف، وعلى قاعدة المناصفة في المقاعد، ثم يشاركون في انتخاب «الرئيس» على درجتين أو مرحلتين، الأولى مسيحية والثانية وطنية عامة، آخذين بالاعتبار الأكثر شعبية بين المرشحين في بيئته الحاضنة.

كلما اهتز هذا النظام الطوائفي لعجزه عن بناء دولة لكل مواطنيها، وفشله في مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية التي يتسبب فيها أركانه ويستثمرونها لتحقيق الكسب الحرام وتمرير الصفقات المشبوهة، ارتفعت الأصوات تطالب بمزيد من الطائفية (والمذهبية..)، مع تركيز على «حقوق المسيحيين» التي لا يجوز أن يمسها أي تغيير أو تعديل وإلا سقطت ركيزة الوحدة الوطنية وانتفت الحاجة إلى الدولة.

وبطبيعة الحال فإن أركان النظام من المسلمين يفيدون من تصاعد النبرة الطائفية لدى القادة المسيحيين عبر إعادة تأكيد الشراكة في المصالح: «تأخذون أكثر فنأخذ أكثر فنحن حراس حقوق جماعتنا كما أنتم عند جماعتكم»!

وهكذا يلغى وجود «الشعب» تدريجياً، ويتحول إلى كتل صماء من رعايا الطوائف الذين يسهل تحويلهم ـ بالخدمات ـ إلى رعايا لزعماء الطوائف، بينما يختفي وجود «المواطن» و «الدولة المدنية» باعتبارها ترفاً لا قدرة للبنانيين على ممارسته.

.. وهكذا يسود منطق تقاسم الدولة بين الشركاء في إلغائها: تأخذون لزعاماتكم منها أكثر فنأخذ لزعاماتنا منها أكثر! أما الرعايا فأمامهم المطار وبلاد الله الواسعة من أدنى الخليج إلى أقاصي أفريقيا، ومن أول ساحل أوروبي إلى الأميركيتين، والجنوبية منهما بشكل خاص، فضلاً عن أوستراليا.

ومن تقاسم إلى تقاسم تصبح «الدولة» مجموعة من الأجهزة والإدارات مشلولة القرار، في انتظار التوافق في كل مرة على الحصص: تأخذون في الأمن فنأخذ في الاقتصاد، تأخذون في النفط والكهرباء فنأخذ في الاتصالات وهكذا دواليك..

عشتم وعاش لبنان في الظلال الوارفة للطائفية وقد تعززت بالمذهبية!

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة» وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab