الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر

الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر؟..

الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر؟..

 عمان اليوم -

الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر

طلال سلمان

أُسقطت طائرة ركاب روسية قريباً من العريش، في صحراء سيناء، بعد حوالي ثلث ساعة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ.

هزت الجريمة ضمير العالم، خصوصاً مع تباهي تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش» بأنه مرتكب هذه المذبحة التي أودت بحياة 224 إنساناً، بينهم 17 طفلاً.

أما بعد الجريمة فكان ثمة ما يعادلها بل ويتخطاها فظاعة:
÷ تزاحمت الدول على سحب رعاياها الذين كانوا يمضون إجازاتهم في ذلك المنتجع الراقي، أو في المنتجعات الأخرى القريبة كالغردقة، عند الطرف الجنوبي لقناة السويس على البحر الأحمر، قبل انتهاء التحقيق وبصرف النظر عن نتائجه.

÷ تواترت التقارير حاملة تعليقات كبار المسؤولين في العالم وفيها ما يشير، من دون أن يجزم، إلى حصول عمل إرهابي... وجاءت لجان دولية إلى شرم الشيخ للتحقيق والتدقيق بمعزل عن اللجنة المصرية.

÷ وبرغم حالة الاضطراب والهلع التي أصابت الأجهزة المصرية في تعاملها مع هذه الجريمة البشعة، فإن «العقوبات» قد انهالت على مصر قبل انتهاء التحقيق بغض النظر عن نتائجه.. وهكذا ازدحمت آفاق شرم الشيخ وجوارها بالطائرات الآتية لاستنقاذ الذين اختاروها ملاذاً آمناً ومريحاً عند ساحل ذلك الخليج الجميل.

÷ تحول الحادث المفجع إلى مصدر لما يشبه القرار بشن حرب دولية على مصر عبر السياحة بوصفها مصدر دخلها الأول من «العملة الصعبة»، فضلاً عن سمعتها التي كانت طيبة نتيجة استتباب الأمن في المنطقة السياحية الرقم واحد فيها..

÷ تصرفت الدول وكأنها في حالة حرب مع مصر.. وليس مع «داعش»، إذا ما صح ادعاؤه الذي تحول إلى بروباغندا مدوية بأنه هو من ارتكب هذه الجريمة ضد الإنسانية.

لم يحدث حتى في الحروب أن تصرفت الدول بمثل هذا الرعب الذي زاد من «مهابة» «داعش» التي لا تقهر... ولم نسمع عن مؤتمر دولي استثنائي، مثلاً، للاتفاق على خطة شاملة لشن حرب دولية على «داعش» والقضاء على إرهابه.

وبغض النظر عن الاضطراب الشامل الذي طبع تصرفات السلطة في مصر، على المستويات جميعاً، ولا سيما لجنة التحقيق، فإن العقوبات التي فُرضت عليها باغتيال سمعتها السياحية ووضع منتجعاتها على اللائحة السوداء وكأنها مقار لـ «داعش»، تعادل إعلان حرب دولية على مصر..

كان التصرف الرسمي في مصر قاصراً، لكن التصرف الدولي كان أشبه بعقوبات دولية جماعية على مصر وشعبها، تستهدف اقتصادها الضعيف أصلاً.

وهكذا تكون «الدول» قد حققت في العقوبات التي ضربت السياحة، كركن أساس في الاقتصاد، ما لم يستطع «داعش» أن يحققه... وذلك بدلاً من أن تبادر إلى نجدة مصر، وتعزيز صمودها في وجه الإرهاب الذي يبدو أن «أمير المؤمنين» قد خص به البلاد العربية (الإسلامية بالأكثرية الساحقة من أهلها).. مع تركيز، عبر هذه العملية الإرهابية، إن كان هو فعلياً من خطط لها وارتكبها بدم بارد، على استهداف المدنيين من رجال ونساء وأطفال، جاؤوا من بلادهم البعيدة إلى مصر للاستجمام.

لقد حققت «الدول» في عقوباتها على مصر ما لم يستطع «داعش» إلحاقه من أذى بهذه الدولة المركزية في منطقتها... وبدل أن تبادر إلى نجدة مصر فإنها قد تلاقت، عبر تصريحات مسؤوليها المتسرعة التي مهّدت لإعلان «الحرب» على السياحة في مصر باعتبارها أحد أهم مصادر «العملة الصعبة» التي هي بأشد الحاجة إليها، في ظل أزمتها الاقتصادية المزمنة والمعقدة.

كان من الطبيعي أن تتقدم هذه «الدول»، الحريصة على أمن رعاياها، إلى المشاركة الفعلية في الحرب على «داعش»، بوصفه أخطر المنظمات الإرهابية التي تضرب ما تختار من أهداف، من دون أن تهتم بهوية ضحاياها وكم بينهم من النساء والأطفال، فضلاً عن الرجال، شيوخاً وفتياناً.

.. كان المأمول أن تصدر دعوة عاجلة لتلاقي الدول، بكبار مسؤوليها وأجهزة استخباراتها وطائرات التجسس، في شرم الشيخ بالذات، أو في القاهرة، وإظهار التضامن الأممي مع مصر ـ الضحية، والانخراط في الحرب ضد الإرهاب، وضد «داعش» تحديداً، بشكل جدي وحاسم يتجاوز الاستعراض الجوي الذي أطفئت شموع الاحتفال بسنته الأولى قبل أربعة شهور، بينما «داعش» يتوسع في الأرض العراقية ـ السورية، ويمد ذراع إرهابه إلى أنحاء أخرى ليست مصر أولها ولن تكون الأخيرة.

ولكم كان مفرحاً لو أن الدول العربية، لا سيما الأغنى، وهي المستهدفة، حسب قولها، بإرهاب «داعش»، أظهرت قدراً من التضامن مع مصر التي تعاني من مسلسل من الأزمات، بينها أو ربما أخطرها أوضاعها الاقتصادية، فبادرت إلى نجدتها في نكبتها الجديدة القاسية.

... أو لو أنها خصصت بعض ما تنفقه من مال وسلاح وذخيرة على المنظمات التي تدعمها للقتال في سوريا بذريعة الحرب على نظامها، في دعم من يقاتل «داعش»، قبل وصوله ـ بجموع مسلحيه ومعداتهم الحربية ـ إليها في عواصمها المذهبة.

أم أنها تفضل أن تبقى على موقفها الحالي الذي لا يمكن تفسيره إلا كتحالف فعلي وإن غير معلن مع «داعش» وأمثاله من المنظمات الإرهابية؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر الجريمة من فعل «داعش» والعقوبات لمصر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab