نتذكر رفيق الحريري لانه يذكرنا بالحلم اللبناني

نتذكر رفيق الحريري... لانه يذكرنا بالحلم اللبناني

نتذكر رفيق الحريري... لانه يذكرنا بالحلم اللبناني

 عمان اليوم -

نتذكر رفيق الحريري لانه يذكرنا بالحلم اللبناني

علي الأمين

عشر سنوات مرت على جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكأن هذا الحدث لم يتوقف صداه. لكأن الدمّ الذي سال لم يتوقف سيلانه بعد، والنار التي احرقت جسده لم تزل تشعل لبنان والمنطقة، والدمار الذي احدثه الانفجار الهائل في موكبه بوسط بيروت لم تهدأ اصواته... بل لم يزل صداه يتردد من دون توقف.

عشر سنوات مرّت، والوقائع والاحداث تؤكد كل يوم كم ان رفيق الحريري كان في جوهر القضية اللبنانية. ليس لان الرجل الراحل من صنف الرجال الذين تتفق الناس على آرائه ومواقفه كرجل سياسي، وهو لم يكن كذلك اصلا. ولا لانه رجل يملك ما يملك من مال ومؤسسات اقتصادية او مالية. فالاغنياء في لبنان وفي بلاد مجاورة من امثال الرئيس الحريري ليسو قلة في الحاضر والماضي. ولم يكن لهم ما لهذا الرجل من حضور وصدى. ولا لأن الرئيس رفيق الحريري قام بما قام به من اعمال خيرية تجاوزت الدائرة الصغرى الى الدائرة الوطنية وما هو ابعد. ولا لأنه نائب او زعيم سياسي او رئيس حكومة، وهو كما تثبت الايام كان اعلى من هذه المواقع التي اضاف اليها اكثر مما اعطته.

ولم يكن رفيق الحريري رجل دولة خارجية في بلده، وان كان ممن اعطى في حياته للدول العربية الكثير من الخدمات السياسية وقدم لكثير من الدول والحكومات ما عجزت عن تحقيقه في مساحات العلاقات الدولية والاقليمية... من سورية الى السعودية ومصر وغيرها من الدول العربية التي كانت تحتفي بالحريري كرجل يمكن الاتكاء عليه في معالجة الكثير من المعضلات السياسية الخارجية.

كل هذا الحضور لرفيق الحريري لم يكن خارج القضية الوطنية اللبنانية، بل كان في صلبها. اذ كان لموقفه وخياره السياسي اثرٌ كبير في ثبات الخيارات السياسية او انكفائها وتراجعها. لذا كان رفيق الحريري شخصية مثيرة للجدل والخلاف. فقد كان يقف في السياسة وفي الاقتصاد وفي ساحة العمل العام عموما. كان يثير جدلا واسئلة، يستقطب المؤيدين والمناصرين له، ويحرك الخصوم والمعترضين في مواجهته.

على ان رفيق الحريري، قبل اغتياله، ورغم كل ذلك الحضور الذي حققه طيلة ربع قرن في لبنان، لم يكن ليدرك احد قبل استشهاده حجم حضوره في صلب القضية اللبنانية. بمعنى ان اغتياله اصاب لبنان كما اصاب عائلته واصدقاءه، هو اصاب في قلب عائلته الضيقة بالتأكيد، لكن بدا ايضا اصاب في قلب العائلة اللبنانية وقضيتها. اذ اكدت السنوات العشر كم انّ اغتيال الرئيس الحريري كان اغتيالا لارادة لبنانية وطنية جامعة.

لبنانية رفيق الحريري قتلته على ما اعتقد. فما احدثته الجريمة في نفوس اللبنانيين لحظة وقوعها اكد كم انّ الجريمة اصابت وطنا. فلم يكن رفض اللبنانيين الجريمة رفضا للقتل ولاستباحة الارواح، ورفضا للاجرام فحسب، بل عبّروا ذلك الحين عن لحظة تجلّ وطني نادرة في التاريخ اللبناني الحديث. فقد شعر كل مواطن في حينه انه اصيب في مواطنيته، ان لبنانيته قد انتهكت، وها هي تستباح باغتيال رفيق الحريري. بالتأكيد لم يكن هذا الاغتيال اغتيال لفرد رغمة فرادته، بل اغتيال نكتشف بعد عشر سنوات ايضا انه كان محاولة لئيمة ومستمرة لطيّ صفحة لبنان الوطن والدولة في سبيل لبنان العاجز ولبنان الساحة ولبنان الورقة في لعبة السياسات الاقليمية والدولية.

وقع الاغتيال عندما ادرك الرئيس رفيق الحريري ان لبنان يستحق ان يكون دولة بلا وصاية، كما يستحق ان يبني مستقبله بارادة وطنية بمعزل عن منهج الوصاية الذي خبره بعد اتفاق الطائف. فالرئيس الحريري كان متهمّا ايضا بأنه شريك في هذه الوصاية. لكن الرجل، ومنذ انسحاب اسرائيل في العام 2000 من جنوب لبنان بسبب ضربات المقاومة والدعم السياسي الذي احتضنها لبنانيا، بدأ يدرك، كما كثيرين من اللبنانيين، أنّ اوان السيادة والاستقلال قد حان، وان زمن الوصاية يجب ان يطوى برفق، لا من موقع العداء لسورية، بل من منطلق الاخوة والعلاقات المميزة.

بعد عشر سنوات على الاغتيال نكتشف مجددا كم كان هذا الرجل في صلب القضية اللبنانية. فلم يتم اغتياله بسبب سياسته الاقتصادية او المالية، ولم يتم اغتياله لاسباب تتصل بخلاف مالي او صفقات تجارية... تمّ اغتيال الحريري عندما قرّر ان يخوض معركة سيادة لبنان، عندما ادرك بالفعل ان الخلاص اللبناني يتطلب منه ان يتخذ خيار الانحياز الكامل الى لبنانيته. وهكذا كان... فقتل. ومنذ اغتياله نكتشف كم انّ خيار لبنان كان حقيقيا لأنه خيار المواطنين الحيّ والحاضر والمرتجى. اختلف الكثيرون حول الرئيس رفيق الحريري. غير ان احداً لم يستطع ان يخفي حقيقة ان لبنان اصيب في 14 شباط 2005 . واننا حتى اليوم لم نزل نعاني من آثار هذه الجريمة.

لكأن قيامة لبنان هي في تحقق شرط العدالة، ذلك الذي ينشده اللبنانيون في انفسهم وفي محكمة الاوطان وفي حكم اغتيال رفيق الحريري.

 

omantoday

GMT 13:53 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 13:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 13:51 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 13:50 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 13:49 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 13:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 13:47 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 13:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتذكر رفيق الحريري لانه يذكرنا بالحلم اللبناني نتذكر رفيق الحريري لانه يذكرنا بالحلم اللبناني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab