هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس

هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس؟

هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس؟

 عمان اليوم -

هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس

علي الأمين

منذ انطلاق حملة #طلعت_ريحتكم، وصولاً الى اقرار الحكومة مرغمة خطة بديلة لمعالجة ازمة النفايات، بديلا من خطة المناقصات – الفضيحة التي أسقطها "الحراك"، يمكن التوقف عند ملاحظات عدة تتصل بطبيعة الحراك المدني من جهة وملاحظة التغيير الذي احدثه في المعادلة السياسية في البلد من جهة ثانية.

في البداية يمكن ملاحظة ان الحراك المدني سبب احراجاً للقوى السياسية من خلال الحشد الكبير الذي اجتمع في 29 آب في ساحة الشهداء اعتراضاً على ازمة النفايات، وصولا الى حشد 9 ايلول الأقل حشداً، هذا الاحراج لم ينجح في تغيير آداء القوى السياسية في التعامل مع التحديات السياسية المطروحة، لكون القوى السياسية داخل الحكومة غير قلقة من ان هذا الحراك المدني قادر على تغيير قواعد اللعبة الراسخة منذ عقود.

لم يتغير شيىء في قواعد اللعبة السياسية، رغم حشد الحراك المدني لعشرات الالاف من المواطنين خلفه، فلعبة الابتزاز السياسي مستمرة في الحكومة ولم تظهر القوى السياسية ايّ استعداد للخروج من منطق المحاصصة. من هنا مشكلة الحراك المدني هي في وزنه وتأثيره، ففي ظل استقطاب طائفي ومذهبي حاد، تحولت الطوائف والمذاهب الى عنصر يختصر الحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان، حتي ليكاد البعض يقول ان لامؤثر خارج شروط اللعبة الطائفية.

لكن الحراك المدني فتح نافذة امام امكانية تغيير في قواعد اللعبة هذه، لكنه لم يزل بحاجة الى بنى اجتماعية يستند اليها قادرة على مزاحمة البنى الطائفية وشبكة مصالحها الراسخة. فرغم الازمات التي تحيط بالبلد سياسيا واجتماعيا واقتصادياً. فالضعف ليس توصيفا لعدم حلّ الازمات، بل المشكلة تكمن في مكان آخر، عدم حلّ المشكلات ناجم عن ان القوى السياسية الداخلية فشلت في احداث توازن فيما بينها على مستوى السلطة.

الشعار المطلبي جذاب لأنه حقيقي وصادق ويمسّ مصالح فئات واسعة من الناس، لكنه في لبنان لم يستطع حتى الآن ان يخلخل موازين القوى. وخلخلة هذه الموازين تتطلب قوى اجتماعية جديدة لم يستطع الحراك ان يبلورها بعد. التحدي هو في العمق المجتمعي الذي لا تكفي حشود الشارع الاخيرة بعد لكي نتحدث عن وجودها وتماسكها، فالاستمرارية في الحراك هو المعيار في تشكل العمق المجتمعي.

عبّر الحراك المدني عن صحوة ضمير لبنانية، وهو حراك يثبت حالة صحية على مستوى المجتمع، لكن لم يصل الى حدّ الحديث عن تغيير في مسار المعادلة السياسية. لقد كان من المأمول ان تغير القوى السياسية من سلوكها، لكنها لم تظهر ايّ خوف او قلق على سلطتها.. كل من اركانها قادر على استنفار عصب طائفته. فيما الشأن المطلبي الذي تبناه الحراك، لاسيما في مشهدي الحشد المدني الكبيرين لا يغيران في سلوك السلطة كما لوكانا في بلد ديمقراطي فعليا. فيما النظام اللبناني تدار ديمقراطيته من خلال مبادىء طائفية وعصبية تتغذى من المحاصصة وترسخها.

هذه الوقائع والملاحظات لا تقلل من اهمية التجربة المدنية وحراكها الشعبي، بل غايتها الاضاءة على مصادر قوة الحراك وعلى نقاط ضعفه الموضوعية اوالتي يمكن معالجتها، وبالتالي رصد التحديات المطروحة امامه. هو تجربة جديدة بسمته الشبابية، والاهم في روحيته التي تنطلق من اساس مغيّب منذ عقود اساس يعني المواطن لا الطائفة، بمعزل عن الشعارات التي تفتقد الى القوة والتماسك ووضوح الرؤية. واذا كانت القوى السياسية تعمل على اساس ان الحراك المدني سيتراجع، وتراهن على افشاله، من خلال عدم اهتمامها باحداث ايّ تغيير في سلوكها، فذلك ايضا يوفر فرصة للحراك المدني ليقوم بهجوم معاكس لسياسة التدجين التي يتعرض لها باثبات قدرته مجددا على الحشد الشعبي في مواجهة سلوك السلطة.

لقد بات "الحراك" معنيا وهو يقارب الملفات المطلبية ان يلامس العناوين السياسية الاصلاحية الجامعة، من خلال الشفافية عبر نشر المزيد من الفضائح الموثقة التي تتصل بفساد ادارة الشأن العام وما اكثرها في لبنان. عنوان مكافحة الفساد وتحقيق الشفافية وتطبيق الدستور والقانون وصولا الى بلورة قانون انتخاب عادل، يتيح فرص التغيير نحو قواعد المواطنية والعدالة، هذه بعض العناوين التي يمكن من خلالها التأكيد ان الحراك المدني في لبنان يستند الى عمق اجتماعي قادر على هز المعادلة السياسية الحاكمة والمدمرة للدولة تمهيدا لتعديلها.

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس هل يبدأ الحراك المدني هجومه المعاكس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab