الأقوى مسيحياً والصراع السني  الشيعي

الأقوى مسيحياً والصراع السني - الشيعي

الأقوى مسيحياً والصراع السني - الشيعي

 عمان اليوم -

الأقوى مسيحياً والصراع السني  الشيعي

علي الأمين

تبدو الرئاسة الأولى سجينة قرار اتفاق الاقطاب الموارنة واختلافهم اليوم. هذه هي الحقيقة التي تبرز امام المسيحيين خصوصا واللبنانيين عموما. فقد رمى الآخرون من اللبنانيين الكرة في هذا المربع، وقالوا: احسموا امركم وقرروا رئيس لبنان ونحن سنبارك اجماعكم على رئيس منكم او من خارج مربعكم. ما طمح الأقطاب الاربعة الى الوصول اليه حصل، فبات القرار رهن اجماعهم على العماد ميشال عون او النائب سليمان فرنجية، او على التعطيل وعدم انتخاب رئيس، وهذا ما هو حاصل حتى اليوم.

الصورة هذه جرى تظهيرها بإرادة الاقطاب الاربعة وبرضى من بكركي التي لم تعترض على حصر الرئاسة بهذا المربع حينما جرى الاتفاق تحت سقفها وبحضور راعيها. ربما ثمة من يعتبر هذه الخلاصة غير دقيقة بل غير صحيحة. وهي تنطوي لدى من يروج لها على تحميل المسيحيين، ولا سيما اقطابهم، مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية. قد يكون ذلك صحيحا وقد يكون صحيحا ايضا ان الصراع الفعلي على من يملأ الفراغ الرئاسي هو على ضفة القيادات المسلمة، بفرعيها السني والشيعي، وان ما يبدو خلافا مارونيا على حسم الرئاسة الاولى هو في جوهره خلاف سني – شيعي يجري تظهيره بأدوات مسيحية، مارونية تحديدا.

يجب الاقرار ان الدور المسيحي في لبنان فقد خصوصيته السياسية منذ ان قرر رموزه السياسيون ان يعززوا من حضورهم ونفوذهم المسيحي من خلال الاستثمار في الصراع السني – الشيعي داخل لبنان وفي المنطقة، من دون التفكير او العمل الجدي من اجل ايجاد خصوصية مسيحية لبنانية ووطنية ايجابية، خارج هذا الاصطفاف السني – الشيعي من دون قطيعة معه. تظهر قدرتها على خلق جاذبية لبنانية قادرة، بفعل نظام المصالح الوطني، على جذب غير المسيحيين الى مسارها او الى المجال الوطني الذي يمثل خيارا بديلا عن جعل الدولة ساحة تصفية حسابات مذهبية اسلامية.

ربما بدا كبيرا اغراء الانخراط في هذا الصراع. لأنه أتاح لهذه القوى فرص الارتقاء بأحزابها وعصبياتها الضيقة الى مصاف متقدم في متاهة الصراع الاسلامي. إذ لم يستطع ما يسمى "الاقطاب المسيحيين"، ايجاد حيّز مسيحي لبناني، خارج المصالح الضيقة. هذا ولا ينقص المسيحيين، كما اللبنانيين عموما، تمثيلهم الطائفي او اعداد الموظفين في الادارة العامة، او عدد النواب والوزراء، وان كانوا مسيحيين اصيلين او صناعة "صينية". الأزمة تتجاوز هذا التفصيل. ذلك ان المفارقة تكمن في ان اكثر الذين يعتدون بصفاء مسيحيتهم التمثيلية هم اكثر المنخرطين والمستثمرين في الصراع على جبهة الصراع السني – الشيعي، بحيث تبدو هذه الادعاءات، بصفاء التمثيل، او الدعوات الى تنقية التمثيل المسيحي من شبهات اوراق الاقتراع الاسلامية، ذرا للرماد في العيون. فأكثر المدّعين من السياسيين المسيحيين، في سعيهم لنقاء التمثيل المسيحي، هم الأكثر تبعية والتزاما بمقتضيات الصراع السني – الشيعي ومتطلباته.

تجديد الدور المسيحي ليس معياره ان كل من يصل الى رئاسة الجمهورية يجب أن الاكثر تمثيلا او الاقل تمثيلا. الموضوع في مكان آخر، وادّعاء ان قيادات مسيحية هي من عطّل الانتخابات الرئاسية هو وهم. وادّعاء وجود قوة ذاتية قادرة، ليس واقعياً، كذلك الإيحاء أنها هي من سيقرر انتخاب الرئيس، ففي هذا مزيد من اغراق المواطنين في الوهم. لبنان يحتاج دورا مسيحيا لكن لا يبدو ان اقطابه، المفروضة للرئاسة شكلا، مهيأة لمثل هذا الدور. الدور المسيحي المطلوب هو ما يحتاجه انقاذ المسلمين الذين غرقوا في انقساماتهم العبثية والمدمرة للبنان، اي من يحمل مشروعا ورؤية باتت ملحة اليوم لاستنقاذ لبنان، بل استنقاذ المسيحيين ودورهم الخاص. ليس عبر تحسين حصص احزابهم واقطابهم، بل بتقديم رؤية تستجيب لمتطلبات دور لبنان العربي والدولي، وضمنا اعادة بلورة الدور المسيحي القادر على بناء تفاهمات اسلامية في لبنان بشرط وطني وعلى قواعد الدولة.

هذا الدور يتطلب رجالات لديها رؤية لبناء الدولة ومتخففة من اثقال الصراع الاسلامي، وليست منهمكة في تكوين عصبية مسيحية في مواجهة العصبيات الاسلامية، ولا يشغلها اكتساح الشارع المسيحي بغرائزية غايتها الهبوط بالسياسة الى ما دون بناء الدول.

لبنان اليوم يحتاج الى اعادة ترميم وبناء وطنية لبنانية. والرئيس يجب ان يكون على هذا المستوى. وهذا ما يحتاجه المسلمون: رئيس لا يستثمر في الصراعات الاسلامية، بل رئيس يستثمر في بناء التقارب بين المسلمين من خلال مشروع لبناني. وهذا ما يمكن ان يشكل رافعة لدور مسيحي في لبنان والمنطقة العربية.

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأقوى مسيحياً والصراع السني  الشيعي الأقوى مسيحياً والصراع السني  الشيعي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:33 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا
 عمان اليوم - المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab