تفجير الشام ضد الجريمةماذا عن اسبابها

تفجير الشام: ضد الجريمة...ماذا عن اسبابها؟

تفجير الشام: ضد الجريمة...ماذا عن اسبابها؟

 عمان اليوم -

تفجير الشام ضد الجريمةماذا عن اسبابها

علي الأمين

التفجير الارهابي الذي استهدف مواطنين لبنانيين شيعة في دمشق امس هو الاول من نوعه. فهي المرة الاولى التي يستهدف زوار المقامات المقدسة الشيعية، سواء تمّ ذلك بعمل انتحاري او بعبوة مزروعة. كما انّ التفجير وقع في ناقلة لبنانية تُركن وتتنقل بحراسة امنية في سورية. هي المرة الاولى التي تكشف بالدمّ ان اللبنانيين الشيعة في سورية باتوا هدفاً في المواجهة المستمرة في سورية خصوصا ان الحافلة المستهدفة ليست عسكرية بل مدنية تنقل زواراً الى مقامي السيدة زينب ورقيّة بنت الحسين.

وانطلاقا من هذه الجريمة في دمشق يمكن توقع الدخول اكثر في مسار الحروب الاهلية الممتدة من العراق الى سورية في الحدّ الادنى. ويمكن الحديث عن نموذج سيتكرر، لا سيما في ظلّ الحرب المفتوحة بين "التكفيريين" او "جيش لحد السوري" من جهة، وبين حزب الله من جهة ثانية. وهو مرشح للتكرار مع النفوذ المتنامي في البحر السني السوري للتيارات المتشددة، او تلك المسماة "تكفيرية" و"لحدية" من قبل حزب الله وارهابية من قبل محور الحرب على الارهاب... مواجهة تذهب اكثر فاكثر نحو حرب مذهبية تتغذى من أنهار الدم المتدفقة في سورية والعراق ومن انسداد افق الحلّ.

ولأن العملية الارهابية استهدفت شيعة يقومون بزيارة لها طابع مذهبي، فستستنفر المزيد من المشاعر المذهبية، حيث يجد كل طرف ذرائع من دم كي يكمل مسيرة حربه. "جبهة النصرة" او "تنظيم داعش"، كما بات جليّاً، يجدان ارضاً خصبة في البيئة السنية لأعمالهما الارهابية. ذلك انّ شيطنة كل ما هو سني من انظمة وحركات دينية او حتى معارضين سوريين معتدلين، لن تكون نتيجته الا المزيد من الارهاب.

هذه حقيقة لا علاقة لها بالدين ولا المذهب، بقدر ما ترتبط بالشعور الجمعي الطائفي او المذهبي، بما هو انتماء قبلي لا ديني، يستنفره الاستقواء او المظلومية... وفي الحالتين اليأس من النهضة. اللعب على الوتر المذهبي، ان كان شيعيا او كان سنيّا، ومهما كانت الغاية منه، سواء مقاومة اسرائيل او مواجهة الاستبداد، فالنتيجة هي مزيد من التدمير الذاتي للشعوب وللدول العربية.

مشهد دمشق اللبناني – الشيعي امس يحاكي مشاهد عراقية متبادلة على مستوى القتل المذهبي والعنصري. وفي ظل غياب المعالجة الناجعة لأزمة العراق على هذا الصعيد ثمة انزياح لهذا النموذج الى سورية منذ سنوات. لكنه هذه المرة يمتد الى قلب دمشق حيث ظنّ كثيرون ان هذه العاصمة بقيت في منأى عن هذه الاعمال الارهابية، لا سيما المتصلة بالمظاهر الشيعية، خصوصا اللبنانية منها.

الاستنكار الذي حصدته الجريمة الارهابية كان كبيرا على المستوى اللبناني، لكن الاستسلام الى هذه الاستنكارات لا يوقف تدفق هذا النموذج من الاعمال الارهابية في المرحلة المقبلة. وبالتأكيد لن يكفي ادراج مرتكبيها في خانة الارهاب والتكفير ومواجهتها امنياً الى لجم تكرارها لاحقاً. يجب الاقرار بان الاكتفاء بشيطنة هذه المجموعات ومحاربتها امنياً وعسكرياً ليس كافياً. فهي، كما غيرها من المجموعات، تغرف قوتها ونفوذها بالدرجة الأولى من بئر الظلم الاجتماعي والسياسي. وما قوافل الانتحاريين في اكثر من دولة عربية واسلامية الا ترجمة لمصير كائنات ومخلوقات انسدت الآفاق امامها.

الجماعات الارهابية التي تقتل وتمارس العنف العقيدي والاقصاء لكل مختلف هي في جوهرها تعبير مرضي عن ازمات مجتمعاتنا العربية المأزومة بالاستبداد وبالفكر الديني المتخلف (سنّياً وشيعياً) وبالاختلال الاجتماعي والاقتصادي في داخلها وبشعور الاستلاب الذي يسيطر على كثيرين. لذا لم يكن ضحايا ارهاب هذه الجماعات من فئة مذهبية او دينية محددة، بل قتلت من ابناء المذهب السنيّ عشرات اضعاف ما قتلت من ابناء الديانات او المذاهب الاخرى. لانها لا تقبل الاختلاف، بل هي اقصائية باسم الدين. ومن اجل ذلك يمكن ان ترتكب كل ما لا يخطر في البال من اجل ان تحقق ما تبتغيه.

خطورة تفجير دمشق الاخير انه جاء بعد عملية القنيطرة الاسرائيلية وبعد عملية مزارع شبعا التي قام بها حزب الله ردّا على القنيطرة، وبعد اعلان السيد حسن نصرالله ان جبهة النصرة ما هي الا "جماعة انطوان لحد"، معتبرا انها تحمي اسرائيل وترفع راية الاسلام. باختصار مهما كانت المسميات وايّا كانت الوقائع، لن يغيّر خطاب السيد نصرالله من واقع الحال المأزوم شيئاً. فمن يؤيّد "النصرة" لم يغيّر رأيه بعد كلام نصرالله، فيما خطاب مظلومية اهل السنّة يحصد تعاطف الاف الشباب المستعدين لتفجير انفسهم بمن يظنون انهم سبب هذه المظلومية من اليمن الى العراق وسورية ولبنان...

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفجير الشام ضد الجريمةماذا عن اسبابها تفجير الشام ضد الجريمةماذا عن اسبابها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab