حزب الله يلاطف ديفيد هيل

حزب الله يلاطف ديفيد هيل

حزب الله يلاطف ديفيد هيل

 عمان اليوم -

حزب الله يلاطف ديفيد هيل

علي الأمين

لم يكن موقف حزب الله من الادارة الاميركية، وسياساتها في المنطقة العربية ولبنان، الا موقفا تحدده وترسمه القيادة الايرانية ويلتزم به... حتى عمليات خطف الرهائن التي نفذت في لبنان خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، اتضح كيف كانت القيادة الايرانية تحيل تنفيذها الى اللبنانيين، فيما هي ادارت عملية اطلاق سراحهم في صفقات معلنة مع الدول الغربية عموما والادارة الاميركية خصوصا.

في تلك المرحلة وما بعدها كان الموقف الايديولوجي هو الذي يرسم خطوط المواجهة والعلاقة بين طهران وواشنطن. اذ ليس خافيا ان توصيف الولايات المتحدة على انها الشيطان الأكبر كان يعني ان العداء لاميركا يتقدم على العداء لاسرائيل. والاخيرة كانت في مرتبة الشيطان الصغير. ولا نعرف اليوم ان كانت احتلت موقع الشيطان الاكبر بالنسبة للقيادة الايرانية، ام ان ما يسمى التكفيريين سبقوها الى هذه المرتبة.

اولوية الملف النووي لدى ايران تقدمت، هي والتخلص من العقوبات الاقتصادية التي ارهقت الدولة الايرانية، وعجز التجربة الاسلامية الايرانية عن تقديم نموذج لدولة قابلة للاستمرار، في ظل اشهار سيف العداء للغرب وواشنطن؟ ما كان قابلا للحياة من تعبئة ايديولوجية داخل ايران قبل 15 عاما لم يعد قابلا للاستمرار اليوم. الشعب الايراني ليس شعباً مؤدلجا، فمجرد ان يشاهد الايرانيون صور التناغم والودّ بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف، ضمن عشرات اللقاءات التي جمعت بينهما خلال اكثر من عام، من دون ان يحدث ذلك ردود فعل سلبية في ايران.... يدل على مدى التحول في السياسة الايرانية. وهي جعلت اكثر الايرانيين تشددا في تركيبة السلطة في ايران لا يدعون الى محاكمة وزير الخارجية او اقالته. هذا ما يكشف اين هي خيارات الشعب الايراني، الذي يريد التخلص من الموقف الايديولوجي الذي طالما كانت شوارع طهران مليئة بشعاراته المعادية للغرب، وللاستكبار.

ليست المبادىء ولا الايديولوجيا ضمن برنامج المفاوضات الايرانية – الاميركية، لا سياسة واشنطن في العالم العربي وسياسة دعمها لاسرائيل، ولا الامبريالية، او سياسة النهب الاستعماري، ولا فيها ما يوحي بأن ظريف ومرافقيه يدعون نظرائهم الاميركيين الى دخول الاسلام. المفاضات الجارية هي التعبير العملي عن التحول من العداء الايديولوجي الى مرحلة انتهاء العداوة، وجدولها حسابات الامن القومي الايراني، والاقتصاد جزء اساسي منه. ايران انتقلت من عدّو واشنطن الى مشروع حليف مستقبلي. وعندما يعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما انه يمكن ان يكون لايران دور اقليمي، فهو لا شك في اعلانه هذا يستجيب لمطالب ايرانية ترد على طاولة المفاوضات، ولموقف الرئيس الايراني حسن روحاني، الذي قال ان ايران مستعدة وقادرة على ان تكون دعامة استقرار الشرق الاوسط.

الخلاف حاليا هو على شروط العقد بين طهران وواشنطن، لا على المبادىء. والمرحلة الايديولوجية طوِيت في هذه المفاوضات، وكل ذلك يتم باشراف المرشد السيد علي خامنئي، الذي لم تستفزه الصور المستبشرة التي تبث من قاعات المفاوضات، ولا تلك الاطلالات التي تكشف عن التناغم بين فريقي التفاوض الاميركي والايراني. خلاصة هذا المشهد ان العداء لاميركا أو نزع سمة العدو هما قرار ايراني تقرره حسابات الأمن القومي الايراني، لا مصير الامبريالية الاميركية ولا الدعم الاستراتيجي الاميركي لأمن اسرائيل. فتلك عناوين جرى استهلاكها وأدت وظيفتها مع بشائر الاتفاق النووي المزمع هذا الشهر.

من هنا يمكن مقاربة موقف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، الذي يعتبره كثيرون من خارج دائرة حزب الله انه الناطق باسم المواقف المتشددة لحزب الله. اصاب النائب الموسوي في انتقاد تدخل السفير الاميركي ديفيد هيل في قوله انه “استغل منبرا رسميا ليخرق من خلاله معايير السلوك الدولي والأعراف الديبلوماسية". وكان السفير هيل بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق وجه انتقادا لحزب الله لخرقة سياسة النأي بالنفس تجاه سورية والقوانين الدولية في عملية شبعا الاخيرة. الموسوي وصف الهجوم انه حملة على فئة “سياسية مقاومة لبنانية يكيل لها الإتهامات".

كان يمكن لحزب الله ان يعدّ لتظاهرة استنكارية تتوجه الى السفارة الاميركية في عوكر ردّا على هذا الانتهاك للاعراف الدبلوماسية. وربما كان من المفيد ان يستعيد السيد الموسوي وصف الشيطان الاكبر ويدعو الى حرق العلم الاميركي في الساحات اللبنانية. واذا لم يكن ذلك مفيدا، كان من المفيد ان يوفد حزب الله عددا من نوابه الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل يطلبون منه توجيه رسالة احتجاج على هذا التجاوز للاعراف الدبلوماسية ولسيادة الدولة من قبل السفير الاميركي، كل ذلك لم يحصل لكن يمكن استدراكه في الايام المقبلة.

لكن ثمة ما يثير التناقض عندما يدعو احد قياديي حزب الله الى احترام الاصول والاعراف الدبلوماسية والسلوك الدولي. ذلك ان من يتخطى هذه الاصول لا يحق له ان يطالب الآخرين بالالتزام بما انتهكه هو، ومن يتخطى سيادة الدولة وشروطها واعرافها، لا يحق له ان يطالب الآخرين بالتشبث بها. التناقض الذي نتمنى ان يزول هو حيال موقع الدولة في ثقافة حزب الله.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الله يلاطف ديفيد هيل حزب الله يلاطف ديفيد هيل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab