دولة معلّقة والاعتدال سينتصر

دولة معلّقة.. والاعتدال سينتصر

دولة معلّقة.. والاعتدال سينتصر

 عمان اليوم -

دولة معلّقة والاعتدال سينتصر

علي الأمين

البلد موضوع على الرفّ حالياً. لا حسم في رئاسة الجمهورية. تعقد الجلسة رقم 19 اليوم ولا جديد. ربما يكون الجديد حضور الرئيس سعد الحريري الجلسة اذا ما تمّ، لكن من دون أن يغيّر هذا الحضور في واقع الحال. المقاطعون على مواقفهم والمشاركون في الجلسات على حضورهم، لكنّ نصاب جلسة الانتخاب مغيّب بذرائع شتى، فيما الحكومة دخلت في مرحلة التأسيس القانوني والعرفي لدولة تسيّر أعمالها بلا رئيس. أيضاً لا جلسة لمجلس الوزراء غداً، بسبب الخلاف على آلية اتّخاذ القرارات.

الدعوة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى اللبنانيين لقتال الإرهاب في سورية والعراق تبدو أهمّ من انتخاب رئيس للجمهورية. فمن شروط القتال خارج الحدود أن تبقى الدولة، بمعناها الدستوري والقانوني والسيادي، لا حول لها ولا قوّة، عاجزة عن الردّ على مثل هذه الدعوات، ومستسلمة للقوّة المسلّحة وسلطة الإكراه والفرض غير الشرعية. تلك التي تتيح لكلّ صاحب قوة أن يتصرّف نزولاً عند مصالحه، ناسباً خصوصياته إلى المصلحة الوطنية.

البلد كله على الرفّ، بل معلّق على ما ستؤول إليه مسارات المنطقة. فالسيد نصرالله يربط مستقبل لبنان بنتائج الحرب في العراق وسورية وحيث يخوض الإرهاب معاركه في العالم العربي وربما في العالم، بحسب خطابه الأخير. ونموذج الدولة المعلّقة هو الذي يحامي عنه حزب الله في لبنان. وعدم انتخاب رئيس للجمهورية يوفر شروط استمرار هذا النموذج. وخطاب التهدئة الداخلية ودعوات الحوار من نصرالله وحزبه ترمي إلى حفظ استقرار أمني داخلي يحمي ظهور مقاتليه خارج لبنان.

على أنّ الرئيس سعد الحريري يخوض مواجهتين، الأولى وجودية ضدّ الإرهاب الذي يحاول التسلّل جاهداً إلى البيئة السنية في لبنان، والثانية سياسية بوجه حزب الله، هدفها العودة إلى شروط الدولة. وهو يبدو مطمئناً إلى نجاح هاتين المواجهتين، على اختلافهما، لما هو في صالح لبنان. ورغم اقتناعه بأنّ التطرّف يتغذّى من تطرّف مقابل، والعكس بالعكس، فإنّه يؤمن بأنّ قوّة لبنان تكمن في الاعتدال، وقدره هو التسويات لصالح الدولة والمشترك الوطني. ولهذا، من ينظر بعينيه سيرى أنّ تحديات الإرهاب والتطرّف توحّد أكثرية اللبنانيين الساحقة حول خيار الدولة الوطنية المدنية.

الاطمئنان التاريخي لدى الحريري لا يعني أنّ الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف سهل، أو لن يكون ثقيلاً على البلد وعلى الدولة وعلى الناس عموماً. فهو يعرف أنّ أمامه، ومن ورائه قوى 14 آذار، مهمّات استثنائية ليس أهمّها محاصرة التداعيات على النسيج الوطني اللبناني والعلاقات اللبنانية السورية بسبب إصرار حزب الله على القتال في سورية. بما ينطوي عليه هذا القتال من حسابات إقليمية لا علاقة للبنان بها، أو حسابات حزبية لا شأن للشعب اللبناني بها. قتال يمنع استكمال عقد الدولة ومؤسّساتها، وينذر بمزيد من تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية، وسيفاقم التهديدات الأمنية في الداخل اللبناني.

يعلم الرئيس الحريري أنّ ما قام به الوزير نهاد المشنوق من خطوات أمنية، مهمةٌ وضروريةٌ، وأنّها ربّما أضرّت بشعبيته، إذا كان هدفه استثمار العصبية السنيّة. ويدرك الحريري أنّ استنفار العصبية المذهبية واستغلالها هو سلوك الضعفاء الذين يبحثون عن حيّز لوجودهم على حساب الدمّ والكراهية. والحريري ليس من هؤلاء. فهو لا يريد الانخراط في مشروع يناقض مصلحة اللبنانيين عموماً، ليضطرّ إلى فرضه على الناس بقوّة العصبية، لا بقوّة العقل والمنطق وبشروط الدولة.

الرئيس الحريري، الذي نوّه بجهود وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في خطابه بالبيال، لا سيما ما قام به في طرابلس وسجن رومية تحديداً، يعتبر أنّ من يريد الدولة والقانون والمؤسسات يبدأ بنفسه قبل غيره، وأنّ مصلحة الناس لا يمكن أن تنتظم وتُحمى بمنطق الفوضى والميليشيات، ولا بسياسة صيف وشتاء تحت سقف واحد. فالناس يريدون الدولة وسلطة القانون. وسعد الحريري ليس مهتمّاً بتأثّر شعبيته. وفوق هذا هو متيقّن من أنّ أكثرية اللبنانيين، مهما قيل وتردّد، هم في صفّ الدولة.

يبقى أنّ الرئيس الحريري، الذي يمنح ثقته إلى رئيس الحكومة تمّام سلام، لم يزل على قناعة بأنّ إهمال انتخاب رئيس الجمهورية يسبب أضراراً كبيرة على البلد. وينقل بعض زوّاره عنه أنّه لا يرى أرضية أو استعداداً من الطرف الآخر لبتّ الاستحقاق الرئاسي. وزوّاره يلمسون أنّه لا يرى حياة سياسية حقيقية في البلد، بل زجل سياسي وانهماك في ملفات لا تغني ولا تسمن من جوع، عبر ملفّات ثانوية باتت هي الأساس في التخاطب السياسي.

 

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة معلّقة والاعتدال سينتصر دولة معلّقة والاعتدال سينتصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab