لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً

لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً؟

لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً؟

 عمان اليوم -

لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً

علي الأمين

رسم خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما امس خطة الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية في الشام والعراق، والدخول الاميركي الصريح هذه المرة لا يثير الحساسية العربية السنيّة هذه المرة، كما فعلت حرب تحرير الكويت في العام 1991 ولا احتلال العراق واسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين في العام 2003 ، اللذان اثارا حساسية اسلامية عامة وسنيّة في العمق.

في المشهد الاخير لا حساسية سنيّة من التدخل الاميركي في العراق وسورية، بل تقبل له ان لم يكن مطلبا يمكن تلمسه في غياب اي مشهد احتجاجي على امتداد العالم الاسلامي ضد قيادة الولايات المتحدة الائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق وسورية. فحتى بعد تفجير 11 ايلول الذي قام به تنظيم القاعدة، ورغم دموية هذا التنظيم في افغانستان متحالفا مع حركة طالبان ضد فئات اجتماعية وسياسية واسعة في افغانستان، فان ذلك لم يمنع من قيام احتجاجات واسعة في العالم الاسلامي ضد الاحتلال الاميركي لافغانستان. ما الذي تغير اليوم؟

لم يعد خافيا ان قبول المزاج العربي السني بالدور الاميركي، احد اسبابه ان لم يكن الابرز، هو فشل آداء ايران في المنطقة العربية وعدم تورعها في الانخراط بنزاعات في المنطقة سببت شروخا في المجتمعات وحروبا اهلية، جعل من المشروع الاسلامي الايراني في المنطقة من العراق الى سورية ولبنان واليمن اليوم، فاقداً لأي حاضنة سنيّة له، بل ذهب بعيدا في الاعتماد حصراً على الاقلية الشيعية، فيما شكل الاستقتال الايراني في دعم نظام بشار الاسد، ودعم السياسة الفئوية في العراق، سبيلا لنشوء تنظيم داعش وتمدده. واكثر من ذلك بدا ان ايران عاجزة عن الوقوف في وجه داعش في العراق، عاجزة عن طمأنة الاكثرية الشيعية او حتى الكرد والاقليات.

 

الدعوة للتدخل الاميركي في العراق جاءت من رئيس الحكومة نوري المالكي والكتلة السياسية الشيعية اولا، وهي دعوة كشفت ان ايران عاجزة بمفردها ان تضمن الحماية السياسية وامن العراق، والشيعة منهم على وجه الخصوص. في لحظة الاستنجاد بأميركا في العراق ضد تنظيم الدولة الاسلامية، قال اوباما بشكل صريح ان "الشيعة فقدوا فرصة تاريخية في العراق"، في اشارة صريحة الى التحول في السياسة الاميركية التي اعتمدها سلفه جورج بوش عشية دخوله الى العراق، والتي قامت في احد اوجهها على اعادة الاعتبار للشيعة في السلطة العراقية، في مواجهة ارهاب القاعدة التي خرجت من داخل البيئة السنية، واطلقت حربا عالمية مفتوحة ضد اميركا والغرب.

 

اوباما في خطابه امس، بدا مختزنا للتجربة الاميركية في مواجهة الارهاب منذ 11 ايلول، ومستفيدا من الدرس العراقي، ومن فهم اعمق للبيئة الاجتماعية والسياسية في العالم العربي، اعتبر ان الحرب على الارهاب المتمثل بتنظيم داعش لا يمكن ان تكون ايران طرفا محوريا فيها، انطلاقا من تحليل يعتبر ان احد اسباب نمو وتمدد هذه الظاهرة هو السلوك الايراني في العراق وسورية، لذا ثمة قناعة اميركية عبّر عنها الرئيس الاميركي اكثر من مرة، ان الذي يحدد مصير المنطقة هي المجتمعات السنية، وبالتالي لا يمكن محاربة الارهاب في البيئة السنية بقوى شيعية او غيرها... فالارهاب يقوى اذا وجد له حاضنة سنيّة والاعتدال يعمّ اذا عمّ في البيئة السنية.

 

هذه القناعة هي التي تتحكم اليوم بخطة اوباما في مواجهة ارهاب داعش، اوباما يريد ان يحارب الارهاب داخل السنّة بالاعتدال السني، اذ لا يمكن محاصرة هذا التنظيم وتحجيمه او القضاء عليه عبر مواجهة سنية – شيعية، لذا المعركة اليوم هي بين الخيارات السنية في المنطقة بين خيار داعش وخيار الاعتدال. وكان اوباما ملزما وهو يتبنى هذه الاستراتيجية ان يدرج في خطابه سورية، وان يحسم نهائيا عدم صلاحية نظام بشار الاسد للبقاء. اذ لا مكان في خطة الحرب على داعش لنظام علوي اقلوي بعدما سقط الاسد بمفهوم الدولة والنظام وبقي موجودا بالمعنى الفيزيائي في حيّز امني واجتماعي ضيّق، بل لتأمين شروط نجاح هذه الحرب، كان اوباما ملزما ان يضع الاسد وداعش على نفس السوية اي خارج مستقبل سورية.

الدخول الامني الاميركي الى سورية في هذه الحرب يعني ان الترتيب السياسي للسلطة في العراق سيمتد الى سورية، وهذا ما يفسر قول الرئيس الاميركي قبل ايام، ان الحرب ضد داعش قد تمتد لثلاث سنوات، اي ان لا ضربات اميركية من دون ان تكون هناك معادلة سياسية قادرة على استثمار هذه الضربات. خطاب اوباما طوى نهائيا تلك المقولة التي طالما استخدمها النظام السوري وحلفاؤه لتبرير بقائهم امام واشنطن والمجتمع الدولي، "اما بشار الاسد او الارهاب" المعركة اليوم مختلفة تماما فارهاب داعش يتمثل بمشروع دولة وخلافة في حيّز جغرافي محدد، بينما تنظيم القاعدة اعتمد اسلوب الخلايا السرية والحرب المفتوحة في كل العالم. في الثانية كان يمكن لنظام الاسد وايران ان يقدما خدمات امنية ضد هذه الخلايا، لكن ماذا يستطيع ان يقدم الاسد وايران لواشنطن في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية؟ لا شيء. ان لم يكن المزيد من تمدد ونفوذ هذا التنظيم في بيئة سنية تشعر بأنها مجروحة ومهانة من واشنطن ومن الاسد وايران.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً لماذا بات التدخل الاميركي مطلباً اسلامياً



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab