هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية

هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية؟

هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية؟

 عمان اليوم -

هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية

علي الأمين

للذين يعتقدون ان ازالة الحدود بين الدول العربية والدول الاسلامية هو المدخل للخروج من الهزيمة العربية والتقهقر الحضاري للعرب في هذا العالم، يمكن لهم المراهنة على تنظيم داعش الذي يحتفي بإزالة الحدود بين العراق وسورية تأسيسا لدولة الاسلام في العراق والشام. فقد تجرأت داعش على اتفاقية سايكس بيكو، لكننا لم نسمع، ممن يرون في هذه الاتفاقية أصل البلاء في بلاد العرب والمسلمين، مواقف منوهة بخطوة داعش التمددية في العراق وبلاد الشام.
يكشف الواقع العربي اليوم وفي مثاله الصارخ بين العراق وسورية ان عمق الهزيمة العربية يكمن في الهزيمة الحضارية، وليس الانكسار العسكري الا مظهرا أو نتيجة هزيمة أعمق.... في العراق كشف "داعش" عن الواقع، وهو ليس الا نتاجه. واقع فشل الدولة العراقية، الذي جعل من الحياة السياسية أقرب ما يكون إلى نمط الحياة في العصر المملوكي. ومن أبرز سماته انفصال الحكم عن الشعب وانفصال المجتمع عن الدولة، وركود المجتمع وتخثر تاريخه الداخلي، وهيمنة أيديولوجية تقليدية تعزز التبعية والامتثال والعجز والعزوف والخوف. الخوف من الدولة ومن الحقيقة ومن الحرية، والخوف من مواجهة الذات ومن مواجهة الواقع، والخوف من المستقبل، على ما قال منذ سنين بعيدة المفكر المغربي عبدالله العروي في تحليله الهزيمة العربية ومجتمعاتها.
تنظيم داعش هو مثال حيّ وصارخ لبنية تفكير ليست حكرا على فئة دينية او اجتماعية في بيئاتنا العربية. "الدواعش" موجودون لدى الجميع، في انظمة الحكم القمعية والديكتاتورية، وهم نتاج بنية التفكير الالغائي المسيطرة على الاجتماع السياسي الديني والعلماني العربي، الذي لم يصل الى التسليم بالدولة كمرجعية حاضنة وناظمة للحياة العامة المساوية بين مواطنيها، على اساس عقد اجتماعي ودستور وقوانين لا تميز بين المواطنين على اساس ديني او مذهبي او قبلي. فمن الخطأ النظر الى "داعش" واخواته باعتبارهم كائنات مسقطة على مجتمعاتنا او غريبة عن بنيتنا الثقافية والفكرية والاجتماعية، وإحالة نشوئهم الى الصهيونية او الغرب. ليس العنف غريباً عن تاريخنا ولا عن تراثنا، وليس تاريخنا تاريخ التسامح والسلام.
من هنا ندخل الى العراق من عنوان الدولة الفاشلة. ذلك ان الميليشيات العراقية التي تتقاسم السلطة والدولة والشعب، هي امام اختبار الانخراط في الحرب الاهلية المدمرة. وزاد المذهبية لا ينضب، بخلاف البترول الذي تترعرع فوقه. ونارها لن تحرق العراقيين فحسب بل ستلتهم محيطها من اطراف ايران الى لبنان مرورا بالخليج الفارسي اوالعربي او الاسلامي. فلا فرق بين التسميات حين تندلع نيران المذهبية فوق منابع النفط. مجانين المذهبية كثر وشهيتهم عالية والى ازدياد، والناس نيام على وعود الجنة والحرب المقدسة. قد يكون من حسن الحظ ان ثروة النفط في العراق والخليج عموما تُسيل لعاب الدول الكبرى دوليا واقليميا، للسيطرة على منابعها. لأنها كذلك هي بالضرورة تحتاج الى حماية تفترض لجم الجنون بما يضمن السيطرة والتحكم والاستغلال.
العراق امام استحقاق إما التسوية السياسية بين مكوناته على شرط الدولة، او انتشار التطرف والارهاب والاقتتال. وواشنطن لا تريد ان تدعم ميليشيات شيعية في مواجهة خصومها كما قال امس قائد جيوشها. كما جدد البيت الابيض الدعوة الى قيام حكومة وفاق وطني، وهي دعوة تنطوي على اقرار اميركي بأن الميليشيا هي الحاكمة في العراق وليس الدولة. اثر هذا الموقف الاميركي برز حراك ايجابي في الداخل العراقي جمع قيادات عراقية سنية وشيعية، لها تمثيلها في البرلمان، من بينها عمار الحكيم ورئيس البرلمان اسامة النجيفي وتم في الاجتماع الاتفاق على ضرورة الدفاع عن الدولة وحماية سيادتها كما جاء في بيانهم الذي ألقاه رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري. فقد أشار إلى أن القوى الإرهابية لا تمثل أي طائفة أو دين. وتضمن البيان المشترك عن الاجتماع تعهداً عاماً بمراجعة المسار السابق ودعوة إلى تجنب المظالم الطائفية ومنع أي عناصر غير تابعة للدولة من حمل السلاح. والمؤشر الثالث هو اعلان زعيم عشائر الانبار علي ملحم وقوفه ضد تنظيم داعش رافضا اي تدخل خارجي في العراق.
خلاصة الموقف ان ايران تتحسس خطر انفلات العراق من عقالها، بل من تمدد الصدام المذهبي الى حدودها وداخل اراضيها، فيما الادارة الاميركية حذرة من تمدد العنف الدامي نحو العراق وخروجه من التحكم والسيطرة بما يهدد مصالحها. اما المملكة السعودية فليست في منأى عن تداعيات مثل هذه الصدامات المذهبية وسواها. الخيار العقلاني والاقل كلفة هو التسوية، تلك التي توفر لواشنطن وايران قيام جبهة واسعة ضد الجماعات التكفيرية، بديلا عن حرب يمكن اشعالها بسهولة لكن لا يمكن التحكم بمساراتها. فصدام الاصوليتين السنية والشيعية في العراق يفتح باب جهنم على المنطقة بأسرها... لذا فإن التسوية تحفظ ماء الوجه للجميع في الداخل العراقي اولاً، والقوى الاقليمية والدولية اولاً واخيراً.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية هل هو زمن سقوط الحدود بين الدول العربية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab