شهادة شاب سوري تجربتي في الانتفاضة

شهادة شاب سوري: تجربتي في الانتفاضة

شهادة شاب سوري: تجربتي في الانتفاضة

 عمان اليوم -

شهادة شاب سوري تجربتي في الانتفاضة

حسن البطل

عبر «الفيسبوك» وصلتني من شاب سوري، وهو سوري لجهة الأب وفلسطيني لجهة الأم .. الشهادة التالية. وبلغني أنه اعتقل بعد يوم. هكذا بدأت الانتفاضة السورية في أيامها وشهرها الأول. أنا خال الكاتب، ودوما مدينة طفولتي.

بقلم: سعيد نبهان - جامعة دمشق

كان علينا التحرك. كان الذي يحصل في درعا أمراً لا يحتمل. لا يهمني الجاني مَن ولكن الدم البريء كان يسفك.. ولا بد من إيقاف ذلك.

انطلقت الساعة الثانية عشرة من المنزل، أنا واثنان من أصدقائي الى باب توما. هناك تفرقنا قاصدين الجامع الأموي. لم يكن هنالك تجمع منظم سوى عدد كبير من الناس ذوي الوجوه المتجهمة في الطريق إلى الساحة. لم أر في حياتي هذا التجمع الكثيف لقوى المخابرات بلباس مدني. جلسنا حوالي نصف ساعة نراقب ونستمع.
التوتر كان يملأ المكان.

ضقت ذرعاً، واتخذت الطريق عائداً الى دوما. في دوار البلدية وجدت حوالي الخمسة آلاف شخص وهتافات «سلمية سلمية» و«الله وسورية وحرية .. وبس» و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد» .. انخرطت وشاركت بالهتاف. لم تعترضنا قوات الأمن، لما سألت: لماذا لستم حول الجامع؟ أجابوا: لا نريد أن يؤخذ تحركنا على أساس طائفي. حوالي الساعة الثالثة أتى نائب دوما في البرلمان الأستاذ محمد برمو، فقال أنه سيأخذ مطالبنا الى مجلس المدينة.

كان أهالي دوما يأتوننا بالخبز وحبات التمر والماء، وتناوب على مكبر الصوت عدد لا بأس به من الشباب الواعي. زمن الخوف انتهى وارتفعت الهتافات: «نحنا شباب الحرية إسلام ومسيحية» و«نحنا شباب الحرية سنية وعلوية».

صلت الجموع صلاة الغائب على أرواح الشهداء وصلاة العصر والمغرب والعشاء في الشارع، ولم يتم اي تخريب او شغب او مواجهات، علما أنه وصلت حوالي الساعة الرابعة شاحنتان محملتان بقوى حفظ النظام، ولكنها بقيت داخل سور المخفر البعيد حوالي مئة متر من مكان الاعتصام.

بعد المغيب، لاحظت أنا واثنان من رفاقي أن وفدا من ٦ أشخاص من وجهاء دوما يتوجهون الى داخل مبنى مجلس المدينة، فتبعناهم ودخلنا معهم فرحبوا بنا كشهود، وصعدنا الى مكتب رئيس مجلس المدينة حيث عقيد في الشرطة.

دام الاجتماع حوالي نصف ساعة، وكانوا اعدوا قائمة بأسماء المعتقلين، وحصلنا على وعود بالإفراج الفوري، وكانت الساعة حوالي السابعة والنصف وكان عدد المعتصمين تناقص الى حوالي الألف وخمسمائة في ما سمي في ذلك اليوم «ساحة التحرير» دون اي شغب او تكسير، علما أن الساحة ملأى بصور الرئيس. المكان أشبه بمهرجان للحرية لم اعهده من قبل. في حوالي الساعة العاشرة وكنا حوالي الثمانمئة ننوي المبيت لحراسة ساحة التحرير. الشعارات التي رددناها كانت «هيدي شباب سورية من جوا مش من برا» و«الله سورية حرية وبس».

حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا بدأت أعدادنا تزيد بشكل مريب جدا بوجوه غريبة .. وبدؤوا يصيحون «الشعب يريد تغيير النظام» فعلا التجهمُ وجوهنا. لا أعلم من أين أتوا، فقمت أنا ومعظم الشباب بمحاولة إسكاتهم، وإعادة الشعارات لما كانت عليه.. لكن الأمر أصبح مريباً، فقام معظمنا بمغادرة الساحة فوراً، لأن تلك ليست مطالبنا ولا أهدافنا.

تلك مجريات عايشتها ولست خائفا من الإفصاح عنها، وعندما قام المندسون بتشويه صورتنا، وما عادت الساحة تعبر عنا تركناها عالمين ان رسالتنا وصلت. وبعد ثماني ساعات شخصية لي بالساحة عدت الى منزلي يكتسحني شعور بأني سوري اكثر من اي يوم من أيام سنواتي الثلاث والعشرين.

أنا ضد الطائفية، وضد أي تخريب لبلدي الحبيب، وان دوافع خروجي كانت لجعله أجمل .. وكل ما شهدته هناك كان عكس الطائفية تماما. انا من طرطوس، علماً أنني أعيش في دوما منذ خمسة أعوام، ولم الق من أهلها الا كل حب. علما أنني من قرية الشيخ سعد المطلة على البحر في طرطوس.

نحن شباب وطني يريد الخير لبلاده .. ولا يعنيني اي مخرب، وأنا في الصف الأول لمواجهتهم. تحركُنا نحن حقق لسورية في اثني عشر يوماً اكثر مما تحقق في احد عشر عاماً .. تلك إنجازاتنا التي تحتفلون بها الآن، وقد دفعنا الدم لتحقيقها، ولن نتخلى عنها ابداً، وأملنا ان نبني وطناً حراً عربيا بكل معنى الكلمة.

وطناً افتخر أن أعيش وأنجب الأولاد فيه، وطنا لكل السوريين .. قويا وصحيا ومعافى.
دونت ٢٧ آذار 2011

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهادة شاب سوري تجربتي في الانتفاضة شهادة شاب سوري تجربتي في الانتفاضة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab