صفوف باردة ليش وكيف

صفوف باردة.. ليش وكيف؟

صفوف باردة.. ليش وكيف؟

 عمان اليوم -

صفوف باردة ليش وكيف

حسن البطل

سائحة سويدية زارت مصر ذات شتاء، وقالت لمضيفيها: بيوتكم أبرد من بيوتنا، ما أثار استغراب بعض المصريين العاديين. لو زارت سائحة أخرى مدارس فلسطينية شتاء لقالت إن مدارسكم أبرد من مدارسنا!

عن برودة صفوف مدارسنا قال مدير عام الأبنية شيئاً في تفسير اسباب برودة صفوف مدارسنا، أثار استهجاناً وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف، أيضاً.

لدينا، في المجموع، 2250 مدرسة، منها 1738 حكومية، والباقي بين مدارس لوكالة «الأونروا» أو مدارس خاصة. لا تتوفر تدفئة في مدارس الحكومة و»الأونروا» وقسم من المدارس الخاصة.

مدير عام الأبنية المدرسية تعلّل بضيق ذات يد الوزارة، وقدّم حسبة شهرية لكلفة التدفئة، وأخرى لكلفة التدفئة في فصل الشتاء، وهي في المحصلة 8 ملايين شيكل.. فقط لا غير؟!
هذه حصيلة مالية، لكنه قال إن الأهم من تأمين التدفئة في الصفوف، تأمين وسائل نقل التلاميذ إلى مدارسهم، والوزارة عاكفة، وإن لم تسدّ الحاجة بعد، ولا يبدو أنها سوف تؤمن ما يكفي لوسائل النقل، لأن فلسطين تحتاج إلى مدرسة جديدة كل أسبوع في الأقل.

مدارس الحكومة إما قديمة، وإما جديدة تتوفر فيها شروط ووسائل العزل الحراري للجدران والسقوف والأرضيات، وهي عوامل مساعدة لكن لا تفي بالحاجة إلى صفوف دافئة.

ما أثار الاستهجان هو ما نسب إلى المسؤول من عبارة غير دقيقة، مفادها أن 40 تلميذاً في صف قد يشكلون «تدفئة ذاتية» بالحرارة الطبيعية لأجسامهم.

بما أن المدير العام سأل المعترضين الساخرين من «الحرارة الطبيعية» تقديم اقتراحات بنّاءة، وكلفة التدفئة البالغة 8 ملايين شيكل تبدو بسيطة لغير ميزانية الوزارة، فيمكن للمدارس، مثلاً، تحصيل رسم تدفئة يبدو بسيطاً لأولياء الأمور، وهو المساهمة بدفع 5 شواكل شهرياً، أي ثمن سندويشة فلافل عن كل تلميذ وطالب، والمبلغ الاجمالي من المساهمة الأهلية لمليون تلميذ وطالب يفوق مبلغ الـ 8 ملايين شيكل، فإذا كان لأسرة ما ثلاثة أو أربعة أولاد على مقاعد الدراسة، فإن كلفة المساهمة الأهلية لا تتعدى ثمن علبة أو علبتي دخان شهرياً!

كنّا في مدارس سورية، وبالذات في دمشق، حيث يقول الشوام: «برد الشام يقصّ المسمار» نلجأ إلى نوعٍ آخر من «التدفئة الذاتية» في الطريق من البيت إلى المدرسة الابتدائية، وهي مدفأة خلاف المدارس الثانوية. كيف؟

حجر مستدير تضعه الأم في مدفأة الحطب بالبيت، ثم تلفّه بخرقة قماش مبلّلة، ونحمله بأصابع أيدينا في الطريق من البيت إلى المدرسة.. وإلاّ؟ كان يصعب علينا تكوير أصابع اليد بشكل «كوز» من شدّة الصقيع.

منذ بعض الوقت، باشرت وزارة التربية مشروعاً اختبارياً لإضاءة المدارس عَبر الخلايا الشمسية، علماً أن معدّل التشميس في فلسطين يصل إلى أكثر من 300 يوم في السنة، بينما تستورد فلسطين الطاقة الكهربائية من إسرائيل بنسبة 80% وتدفع لقاءها ثمناً كبيراً، عدا الغاز، أيضاً، وسعره غال.

قبل سنوات، جرت تجربة لإضاءة شارع «وادي النار» الخطير، الموصل إلى بيت لحم، بالطاقة الشمسية، تمهيداً لتعميم التجربة في إضاءة شوارع الضفة الموصلة بين مدينة وأخرى، وربما داخل المدن.

الذي حصل أن البعض سطا على بطاريات التوليد في أعلى الأعمدة، فعاد الشارع الخطير مظلماً إلاّ قبل حاجز «الكونتينر» العسكري الإسرائيلي!

تفيد إحصائية غير مدققة بأن العائلة الفلسطينية تصرف زهاء 89% من مداخيلها على بند الغذاء، وهذه نسبة عالية في المعدل العالمي للدول المتقدمة، فما الذي يتبقّى للصرف على تأمين وسائل التدفئة في البيوت الفلسطينية الباردة، لأن أسعار وسائل التدفئة من كهرباء وغاز وحطب عالية قياساً إلى دخل العائلة المتواضع.

تكاد بنود الأمن والتعليم والصحة «تفترس» الحصة الأكبر من ميزانية السلطة، وأزمة تدفئة صفوف المدارس جزء من «أزمة نمو» في عدد المدارس وعديد الطلاب، علماً أن وزارة التربية تدفع للمعلمين أجوراً غير كافية، تدفع معظمهم لعمل إضافي.

ما هو وجه المفارقة؟ صحيح أن بلاداً متقدمة وباردة طبيعياً، يحصل فيها وفيات من الصقيع والثلج والفيضانات، وإن كانت قليلة نسبياً، لكن في بلادنا تحصل وفيات من رداءة وسائل التدفئة والإضاءة، حيث يخسر البعض حياتهم بسبب إضاءة البيوت بالشمع، أو بسبب الاختناق من وسائل تدفئة بدائية أو غير مراقبة، بينما في الصيف لا أحد يخسر حياته من «ضربة شمس» مثلاً، أو من ترك الأطفال في سيارات مغلقة الزجاج تحت شواظ الشمس.

للشاعر قول نثري ما معناه: عندما تتناول فطورك فكّر في قوت الحمام. ويمكن القول: عندما تشعر بالصقيع في بيتك أو مدرستك فكّر بسكان الخيام في خراب هذا «الربيع العربي» أو الموت غرقاً في لجّة بحرٍ هائج.

omantoday

GMT 22:23 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الإلكترونية

GMT 21:52 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

موعدنا الأحد والاثنين والثلاثاء

GMT 20:31 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الإصلاحي

GMT 22:08 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

المناظرات الكبرى!

GMT 23:47 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

لا يسكنون الوطن ولكن الوطن يسكنهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفوف باردة ليش وكيف صفوف باردة ليش وكيف



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab