كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب

كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب!

كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب!

 عمان اليوم -

كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب

بقلم : حسن البطل

نحنُ نقصُّ عليكَ أحسنَ القَصَص»، أو نقص علينا قصة الطيراوية هاجر (أم حسين). في الأسطورة أمّنا هاجر وأمّهم سارة؛ أبونا إسماعيل وأبوهم إسحاق وجدّنا إبراهيم.. إلخ!
اسم الولادة هاجر، ولمّا ولدت الطيراوية هاجر، صار لها من العمر (25 سنة) في عام النكبة. أولادها الـ 11 ينادونها «أمّ حسين»، وأمّي الطيراوية المرحومة مريم تناديها «أمّ حسين».
الأمّ الصبية هاجر، جرجرت خمسة من أولادها إلى المنفى. واحد في بطنها، وآخر بين ذراعيها، وثالث تمسكه بيدها، والرابع يمسك بثوبها، والخامس يمسك بيد الرابع. «طيشرت» وهجّت من الطيرة إلى لبنان، ومن لبنان إلى حلب، وزوجها المقاتل الأسير بقي في طيرة حيفا.
بعد عامين، عادت متسلّلة من جنوب لبنان إلى الجليل، وإلى طيرة حيفا، وأنجبت من زوجها ستة أولاد آخرين، كبروا وأنجبوا العديد من الأحفاد.
تعرفون أن طيرة ـ حيفا سقطت حرباً بعد إعلان إسرائيل بشهرين ونصف، وبعد شهر من سقوط حيفا.
بعد 47 سنة في المنفى، عدتُ في العام 1996 لزيارة الطيرة، فوجدت أن ابنة خالة أمّي، رسمية، تعيش في الكبابير القريبة من الطيرة، وفي العام 2015 زرت مسقط رأسي ثانية، فوجدت فيها العائلة العربية الوحيدة، وهاجر عميدة العائلة.
بكيتُ في الزيارة الأولى، ثم بكيتُ في الزيارة الثانية عندما حكت رسمية الباش، ثم عندما حكت هاجر الأبطح.
كنا ثلاثة رجال: انا المولود في الطيرة عام 1944، وأحمد يعقوب الطيراوي المولود في سورية، والدكتور محمد الأبطح، المولود في دوما السورية، والذي صار أستاذاً في البيئة بجامعة القدس، ويحمل الجنسية الفرنسية. اثنان يحملان هُويّة السلطة الفلسطينية، ومرافقتنا الطيراوية ساهرة درباس تحمل الجنسية الإسرائيلية، مثل أم حسين ـ هاجر وأولادها وذراريها، ولها أفلامها الوثائقية عن طيرة حيفا.
في عمرها الـ94 بقيت هاجر تتمتع بذاكرة جيدة، وسمع جيد، وإبصار جيد نسبة إلى عمرها المديد، وهناك علمتُ أن العائلة الطيراوية الممتدة والوحيدة في طيرة ـ حيفا ربحت، بعد سنوات طوال، مرافعة قضائية استعادت بها 20 دونماً من مئات الدونمات التي كانت تملكها، وسيبنون عليها مجمّعاً تجارياً لصالح مستقبل الأولاد والأحفاد!
يقولون عن الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) أنه «زيتونة فلسطين» فهل أقول عن هاجر ـ أمّ حسين أنها زيتونة طيرة ـ حيفا؟ أو أنها جزء من ملحمة الشعب والأرض؟
هذا هو «يوم الأرض» أو يوم الأيام الفلسطينية، وفي لقاء عابر أخير مع الصحافية عميرة هس في رام الله، جمعنا مع أحمد يعقوب، التقطت مفارقة أن أحمد ولد في سورية، وأنا ولدت في طيرة حيفا، ولكنها سألت: كيف بقي شعر رأسك أسود؟
في زيارة سابقة لمدينة حيفا 1998، لم تصدق يهودية ألمانية من «بيت الكرمة» أنني ولدت في طيرة ـ الكرمل، وعندما أبرزتُ لها هُويّة السلطة، صدمتني بسؤال سخيف: لماذا اسم أمّك مريم؟ هذا اسم يهودي، وعليكم أن تسمُّوا أمّهاتكم ماري؟
هاجر أو سارة؟ إسماعيل أو اسحاق، فلسطين أو إسرائيل؟ شعبان في دولتين؟ دولة لشعبين.. إلخ!
في بيروت خلال السبعينات كانت تصلنا جريدة «الاتحاد» عن طريق مكتب المنظمة في قبرص، وكان لي أن أكون أول من كتب في مجلات الفصائل عن انتخابات بلدية الناصرة 1974، وفوز توفيق زيّاد بها، ثم عن «يوم الأرض» الأول 1976، والشهداء الستّة لذلك اليوم.
في يوم الأرض «كلام مناسبات على وتر» لكن الوتر هو أسطورة قيامة الشعب في «يوم الأرض» الأول.
في 18/10/1975 عقد في الناصرة أكبر مؤتمر، حتى تاريخه، لعرب فلسطين، حيث أقرّ الإضراب العام ما لم تتراجع السلطات عن مخطط مصادرة آخر للأراضي العربية، وشكلوا اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في 7/11/1975، ثم عقدوا مؤتمراً شعبياً في سخنين 14/2/1976، وفي اجتماع آخر في الناصرة 6/3/1976 اتخذوا القرار التاريخي بالإضراب العام في 30/3/1976.
في ذلك اليوم، سقط ستّة شهداء هم: خديجة شواهنة، خضر خلايلة، خير ياسين، رجا أبو ريّا، محسن طه، رأفت الزهيري.
مثلث يوم الأرض في سخنين، عرابة، دير حنا، كان بداية النهوض الجديد، وفي يوم الأرض الثاني، أقاموا نصب شهداء يوم الأرض، بتعاون فنانين فلسطيني وإسرائيلي (عبد العايدي وغرشون غينسبل)، وكتبوا عليه: ماتوا لنحيا فهم أحياء. إنه في رأيي واحد من أجمل النصب التذكارية العربية. يستحق تعميمه ببطاقات بريد أو طوابع بريد، كما الشهداء الستّة ليوم الأرض.
الآن، في السنوية الـ40 ليوم الأرض، صار الصراع إلى جذره بين فلسطين وإسرائيل سياسياً، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين في إسرائيل، ومناسبة «يوم الأرض» صارت يوماً قومياً للفلسطينيين في البلاد والشتات. بحر من أعلام فلسطين بأيدي الفلسطينيين في إسرائيل. لم يهدأ الجليل منذ 40 عاماً ولم تهدأ البلاد منذ مائة عام.

«حافة الأرض»
للشاعر محمود درويش قصيدة الأرض، ومن «حياة كاملة» قصيدة للشاعر التونسي ـ الفلسطيني محمد علي اليوسفي:
أقول (قُبّرة!) ولا أراها؛
تطير (بينما ريشُها عندي) إلى بلدي البعيدة.
أقول (أرضي إذن...) ولا أراها،
تميلُ الأرضُ (تغفو على زندي) فتنكتبُ القصيدة
الرّبيع الطفل
أقطف نرجسةً وأنتّفها: (لا، ثم نعم... لا)
أقطف نرجسةً أخرى مبتدئاً بـ: (نعم، لا، ثم نعم... لا)
لا أقطف نرجسةً وأنتّفها إلاّ وتجيبُ بـ: لا !
النرجس يكذب حتى العُري !
وأنتِ ؟
كمين
ثمة شيءٌ من الخريفِ في رعشة الرّبيع،
فلنلتفت :
كلاهما نهبُ فصلينِ.
حسن البطل

omantoday

GMT 09:07 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 19:57 2021 الإثنين ,23 آب / أغسطس

الصورة، المقال؛ الملصق.. الخطاب!

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 05:25 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

أسبوعان أيلوليّان مفصليّان !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب كأن هاجر من أسطورة الأرض والشعب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab