كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي

كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي

كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي

 عمان اليوم -

كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي

حسن البطل

"من باب الخليل في القدس دخلتُ العالم، ومن باب العمود فيها خرجتُ إلى المنفى".. الفنان الفلسطيني المقدسي كمال بلاطة.
* * *
في محبّة القدس ينافسني ثلاثة: الحاخام والقس والشيخ. هل قلتُ ينافسني؟ عفواً! أقصد أنني أنافسهم. وفي محبّة القدس أنافس واحداً هو كمال بلاطة. هل قلتُ "أنافس"؟ عفواً! أقصد أنني لا أنافسه.
في كوخ صديقي الفنّان سمير سلامة، على طرف قرية سان فنسان، جنوب غربي باريس بمائتين وأربعين كيلومتراً، أحببتُ "سرّة العالم" بالطريقة الجمالية الصافية التي يحبّها فيها ابن القدس المنفي عنها: الفنان التشكيلي الفلسطيني المقدسي فلاديمير تماري. لماذا؟
إنّه مثلي غير معنيٍّ بقدس الحاخام والقس والشيخ، الذين يتنازعون العقار المقدسي وصكّ الملكية. فتاواهم لا ظلّ لها على لوحاته المكرّسة لعشق القدس (12 لوحة)، وفيها ترقص المدينة (هو يرقص مع مدينته) في لعبة ظلٍّ وضوء، لون وهندسة. يعصر عطر المقدّس من الكتب المقدّسة، أو يقطّر الجمالي العمراني من البلاغي المقدّس.. ومن ثم، يستند إلى الشاعر والفيزيائي والفنّان والمؤرّخ الفنّي والمهندس العمراني، ويجعلهم مرجعيته في برهان عشقه مدينته المقدّسة.
12 لوحة هندسية الخطوط الملوّنة لن تجد فيها القبّة والمئذنة، الشمعدان والصليب والهلال، إنّما تجد فيها، مثلاً، الشاعر الفرنسي، مهندس الصورة البلاغية الجمالية: سان جون بيرس. ماذا قال هذا؟ قال: "سأسكن اسمي"": القدس اسمها القدس. هي تسكن اسمها، أو اسمها يسكنها.
ماذا تجد في معرضه الذي طاف العالم، ومرّ، قبل سنوات، مروراً هيّناً في الأرض المقدّسة؟ تجد في لوحاته الذي قاله البصري الفيزيائي الرائد الحسن بن الهيثم. ماذا قال هذا؟ قال: "دون الضوء واللون لا يُدرك منظور بواسطة البصر وحده".
القدس ذات وجه مضيء ووضّاء في لوحات كمال بلاطة. ينكسر اللون على اللون في زوايا حادّة، ولكن اللوحة ترسم وجه المدينة رسماً هارمونياً. ما قاله ابن الهيثم في الفيزياء صاغه "الجنيد" في علم منطق الجمال: "الماء من لون الإناء".
فاتني معرض كمال، في مروره العابر برام الله والقدس، وهكذا أخذتُ أتملّى كاتالوج لوحات فلاديمير الـ 12، وأدقِّق لوحاته على نظريته في "علم الجمال المقدسي"! ماذا قلتُ: "علم جمال مقدسي".. لا فلسفي إغريقي ولا ديالكتيكي ماركسي. بل علم جمال عمراني. لماذا؟
ماذا تجد في ريشة كمال؟ تجد ما قاله غيوم أبولينير. ماذا قال هذا؟ قال: "الهندسة بالنسبة للفنون التشكيلية هي كالنحو بالنسبة لفن الكتابة". ما هذه أبجدية القدس الجمالية، علم الجمال العمراني المقدسي؟ إنّها عبقرية جمالية المربّع العربي ومضاعفاته (النجمة الثمانية). يقول كمال في مقدّمة كاتالوج معرضه: "من وحي سرة القدس". ماذا يقول: "أسرني الشكل ثماني الزوايا الناجم عن مربعين متقاطعين بزاوية 45 درجة.. وسلسلة طائلة لا نهاية لها تنجم عن تقاطعهما". هو، إذاً، رسم القدس في لوحاته تقاطعات لا نهائية مستوحاة من مربعين متقاطعين.
* * *
في نصوص أوروبية قروسطية عن قبّة الصخرة أن القدس "سرة الأرض". كيف فسرها الفنان التشكيلي المقدسي في لوحاته وفي مقدمة كتالوجه عن "علم الجمال المقدسي"؟
للشكل المربع زوايا أربع هي جهات الدنيا الأصلية، وتكرارها بزاوية 45 درجة يضيف إليها جهات الدنيا الفرعية. رؤوس المربعين تلامس الدائرة. محيط المربع مساوٍ لمحيط الدائرة.. ومن ثم؟ مَن قال أنّ تربيع الدائرة مهمّة مستحيلة؟ المربعات ترمز للأرض والدائرة ترمز للسماء.. وهكذا تفهمون أنّ القدس "سرة" لقاء الأرضي والسماوي، أو تفهمون هالة السيد المسيح في أيقونة التجلّي.
كنيسة القيامة، كنيسة الصعود، ومسجد قبّة الصخرة بُنِيَ على صخرة عجيبة، وكنيسة الصعود ومسجد القبّة مضلّعة (مربّع داخل مربّع).
* * *
القدس تسكن اسمها، وعلم الجمال المقدسي يسكنها، وما على الفنان سوى "تشفيف الشكل" كما يقول فلاديمير.. بلا جدران. بلا أسلاك.. بلا منازعات على عقار "زهرة المدائن" بين الحاخام والقس والشيخ.
لتكن احتفالية مقدسية.. جمالية أيضاً.
ملاحظة: بلاطة وتماري كلاهما مقدسيان، وولدا في القدس ١٩٤٢، وهما صديقان منفيان عن المدينة، يعيش بلاطة في أميركا، وتماري في اليابان. الاثنان ينظران للقدس جمالياً .. وبغير عيون الحاخام والقس والشيخ.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي كمال بلاطة لعلم الجمال المقدسي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab