لوين رايحين

"لوين رايحين" ؟

"لوين رايحين" ؟

 عمان اليوم -

لوين رايحين

حسن البطل

يقولون: "كلام الليل يمحوه النهار" غير أن اجتياح رام الله، فجر يوم الانقلاب الصيفي للكرة الأرضية لم يكن كلاما. كانت "المنارة" ميدان صدام بين الجنود و"فزعة" من الشبان والمواطنين الشجعان.
بين الثالثة والنصف فجراً، ومنتصف نهار أمس تم "محو" حطام المواجهة، من حجارة وإطارات سيارات محترقة.. لكن ما لن يتم "محوه" هو إضراب تجاري عام وشامل، لأن مواجهات الفجر أسفرت عن سقوط شهيد شاب، هو السادس من الفتية والشباب، منذ اختطاف ثلاثة إسرائيليين.
بالنسبة لزهاء ألف من مغتربي رام الله في الولايات المتحدة، يعقدون مؤتمرهم الأول في مدينتهم وبلادهم، فقد شهدوا إغلاقين للمدينة خلال أسبوع واحد في أجواء "انتفاضة".
لا أعرف ما هي الأسئلة في أذهانهم، أعرف السؤال الكبير الذي يعصف في أذهان وقلوب المواطنين الفلسطينيين في البلاد، والشعب الفلسطيني في الشتات.
إنه السؤال العادي ـ غير العادي، بل المصيري: "لوين رايحين؟" وهو موجه، في هذه الأيام والأسابيع بخاصة، كأنه اصبع اتهام إلى السلطة الفلسطينية: هل فشل مشروع التحرير ثم مشروع الاستقلال، ثم مشروع الحكم الذاتي.
شعب أعزل، إلاّ من الحجارة، يتصدى لجنود مدججين حتى في ساعات الفجر، وسلطة تتحدث على المنابر بلسان ولغة سياسية لا تروق للشعب، أو لبعضه وحتى لمعظمه، ويتلقى رئيس السلطة معظم اللوم والاتهام من طرفين: طرف شعبه لأن قواته لا تدافع عن مواطنيه، وطرف إسرائيل لأنها تحمّله مسؤولية الصلحة مع حركة "حماس".. إنه بين نارين، منذ رفض مفاوضات عبثية!
الشعب الذي بدأ نضاله المسلح على وعد "التحرير" القومي لأرض بلاده وجد أن منظمة التحرير استبدلت، مضطرة، التحرير بمشروع الكيانية الوطنية على جزء من أرض البلاد.
الشعب الذي بدأ نضاله الشعبي وانتفاضاته على أمل تحقيق كيان سياسي مستقل، وجد نفسه يعيش عقوداً من السنوات في إطار حكم ذاتي على جزء من أرضه الموعودة بتشكيل كيان سياسي ودولة مستقلة... بينما تكبله القيود الإسرائيلية.
منذ اجتياح عملية "السور الواقي" 2002 اكتشف الشعب أنه غير آمن حتى في مناطق الحكم الذاتي من حملات الاعتقال.. وها هو اجتياح متدرّج وجديد، يضع الشعب أمام سؤال ملح: "لوين رايحين" : لا تحرير، لا استقلال، لا حكم ذاتي حصين على الاختراق. سلطة وطنية على جزء من الشعب، وفوقها سلطة احتلالية على الشعب والأرض معاً.
كل ما في الأمر، منذ أوسلو وحتى قبول الأمم المتحدة عضوية فلسطين دولة ـ مراقبة هو أن "كفّ" الشعب تواجه "مخرز" قوات الاحتلال، بينما الاستيطان يتمادى في الانتشار السرطاني، بل وتعلن السلطة السياسية الإسرائيلية أن ما ورد في أوسلو عن الوحدة الإدارية والسياسية لمنطقتي السلطة صار أمراً متعذر التحقق .. إلاّ بشروط إسرائيلية هي أقرب إلى الاستسلام السياسي، والكفّ عن المقاومة المسلحة، وحتى المقاومة الشعبية السلمية، وربما حتى المقاومة السياسية مثل اللجوء إلى اعتراف الأمم المتحدة ومنظماتها بأن فلسطين "دولة تحت الاحتلال".
لا مجال لقول نافل إن السلطة عاجزة عن تنكّب المقاومة المسلحة ضد جيش تخشاه الجيوش والدول العربية المجاورة، أو للقول إن الشعب غير عاجز عن المقاومة الشعبية الموضعية، ولا يخشى المواجهة مع جنود الاحتلال.. مواجهات غير متكافئة.
من الناحية المبدئية فإن اختطاف جنود ومستوطنين أمر مشروع، طالما كانت هذه وسيلة الضعيف للإفراج عن أسراه، لكنها من الناحية العملية تشكل ضربة على العصب الحسّاس الإسرائيلي، بما لا يقل عن العمليات المسلحة أو العمليات الانتحارية لأنها تشكل تحدياً لادعاءات إسرائيلية بالسيطرة الأمنية المطلقة على الأراضي المحتلة، مهما كان تصنيفها (أ.ب.ج) أو على القدرة الاستخبارية الإسرائيلية المتغلغلة.
الواقع، أن الاجتياح الثاني هذا، المتدرّج والذي يعمل ببطء المدحلة، لم يبدأ رداً على فعل الاختطاف، بل بدأ رداً على إعلان حكومة الوفاق، وحتى ما قبلها منذ فشل المفاوضات، بل منذ تشكيل نتنياهو حكومة ثالثة.
مع ذلك، لا يستطيع نقّاد السلطة وحتى "مخوّنو" رئاسة السلطة استيعاب الأبعاد السياسية الحقيقية في هذه المرحلة من الصراع، وأهمها: احترام العدو تكتيكياً (أي تلافي التصدي المسلح لقوته المتفوقة) واحتقاره استراتيجياً (أي سياسياً) حيث إن الاحتلال لا يملك جواباً سياسياً مقبولاً عالمياً، وحتى إسرائيلياً، لمسألة حق تقرير المصير الفلسطيني، ولا حتى جواباً ديمغرافياً.
السلطة مجبرة على "امتصاص" أمني للعملية العسكرية الجارية، ولكنها قادرة سياسياً على الثبات في وجهها، بينما الشعب قادر على التصدي ما أمكن للحملة العسكرية، لكنه يطرح السؤال السياسي المشروع، وهو "لوين رايحين"؟
كلما طال الوقت حتى تحل إسرائيل الخيوط الأمنية التي توصلها إلى المختطفين والجهة الخاطفة، ضعف تأثير الحملة أمنياً وزادت الأسئلة الإسرائيلية السياسية حول "لوين رايحة" إسرائيل في مواجهتها مع حق تقرير المصير الفلسطيني؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لوين رايحين لوين رايحين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab