استعار النار وسُعار الألسنة

استعار النار وسُعار الألسنة!

استعار النار وسُعار الألسنة!

 عمان اليوم -

استعار النار وسُعار الألسنة

بقلم : حسن البطل

قرأت عن رسمة كاريكاتير ولم أرها: صحيفة إسرائيلية جعلت غوّاصة دولفين تطير كأنها "ميني تانكر" لإطفاء الحرائق. على "الفيسبوك" ترى إطفاء الحرائق، بعضها ممنتجة (فوتوشوب)، غير ما تراه من صور واقعية في الصحف. أحد الزملاء أرانا صورة لكامل خريطة فلسطين الطبيعية وهي تحترق، ولكن هذه لقطة من كاميرا الهاتف النقال لنار مطفأة الحطب في بيته! لكن، في أربع صور "ممنتجة"، "فوتوشوب"، على "الفيسبوك" ترسم الحرائق كلمة الجلالة (الله)، كما يرى البعض الكلمة على حرشفة سمكة، أو بزرة بطيخ، أو أغصان جذع شجرة.. إلخ. لماذا؟ خطّاطُو اللغة العربية يعرفون أن كلمة "الجلالة" وحدها لا شريك لها في قواعد الخط، فقد يراها البعض في تجمعات سحاب متحركة! في العربية يُقال "أضرم" النار بمعنى أوقدها أو أشعلها، فإذا لَهْلَبَت يُقال إن النار "استعَرَت" ومن استعار النار اشتقوا مفردة "سُعار" في وصف كلب "مسعور". حرائق هذه الأيام الستة، هي الثالثة فيما تعيه ذاكرتي الصحافية. الأولى كانت خلال الانتفاضة الأولى، حيث اشتبه إسرائيليون وإسرائيل أنها بفعل فاعل فلسطيني. كيف ولماذا؟ "فلسطين الثورة" في قبرص أفردت صفحة مصوّرة نقلاً عن الصحف العبرية التي عنونت الصور بعبارة "حرب النار".. لكن بعد نشر الصور وعبارة "حرب النار" بين مزدوجين، اتخذتها صحف إسرائيلية بيّنة على تحريض المنظمة عَبر المجلة المركزية؟ الثانية، خلال حريق جبل الكرمل في العام 2010، وفيها ساعد رجال الدفاع المدني الفلسطيني في جهود الإطفاء، ولاحظت الصحف الإسرائيلية أن سيارات الإطفاء الفلسطينية أحدث تجهيزاً عدّة وعتاداً من مثيلتها الإسرائيلية. في حينها تحدّث نتنياهو عن حاجة إسرائيل إلى طائرات إطفاء عملاقة "سوبر تانك". هل امتلكتها إسرائيل؟ لا أعرف سوى أن "سوبر تانك" روسية وأميركية كانت من ضمن طائرات ثماني دول هبّت لمساعدة إسرائيل على إطفاء 110 حرائق فيها (و120 حريقاً في مناطق الضفة أخمدتها طواقم الإطفاء الفلسطينية وحدها). في حريق العام 2010 لقي 44 إنساناً حتفهم، لكن في الحرائق الثالثة، الأكثر اتساعاً بنسبة 30%، مات إنسان واحد فلسطيني، وهو طفل في الثانية، من قرية بيتين شرقي رام الله، نتيجة لهو بقداحة أحرقت الستائر والبيت.. وأحرقته متفحماً! في حريق الكرمل 2010 تحدثت صحفهم عن حداثة سيارات جهاز الإطفاء الفلسطيني، أما في حريق خريف هذا العام، فقد تحدث البعض القليل هناك عن كفاءة وشجاعة رجال الإطفاء الفلسطينيين. تصادفت الحرائق الثالثة مع ريح "صرصر" الباردة والجافة، حيث تدنّت رطوبة الجوّ إلى 10%، فإذا صافحت صديقاً بحرارة شعرت بخشونة ملمس كفّه بفعل "القشب"، ولو كانت الرطوبة صفراً لكان ملمس الكفّ مثل جلد التمساح! التصريحات المسعورة لوزراء إسرائيليين عن شبهات حرائق بفعل فاعل، تناست أسباب حريق الكرمل 2010، ومنها أن غابات زرعتها إسرائيل لتنمو بسرعة، جلبتها من شمال أوروبا، وهي من نوع غير محبّ للجفاف، خلاف أشجار فلسطين، فإذا مسّها حريق لسببٍ ما، سرعانَ ما استعرت النيران، كما استعرت كلمات التحريض على ألسنة وزراء في الحكومة الإسرائيلية. حسب وزير حربيتهم، أفيغدور ليبرمان، الأقل سعاراً، فإن 17 من أصل 110 حرائق يشتبه بأنها كانت بفعل فاعل. لكن وزراء آخرين، برَّؤوا اليهود بأسرهم من "فعل فاعل". قسم من حرائق هؤلاء كان نتيجة إهمال وقلة احتياط، مثل إشعال النار في أعشاب جافة في حقولهم، كما يفعل الفلاحون عادة قبل حراثة الأرض تهيؤاً لمطر الشتاء الذي تأخّر. بين حرائق العام 2010 وحرائق خريف هذا العام، الاستثنائي في هبوب ريح قوية مع جفاف الجو، تزوّدت إسرائيل بأحدث طائرات من طراز فانتوم (F34) وكذا بست غواصات دولفين القادرة على حمل وقذف صواريخ نووية، مع التوصية على ثلاث أخرى من ألمانيا. بعد انخماد الحرائق، دعا نتنياهو، الذي لم يوفر ظنوناً بمسؤولية الفلسطينيين، لكنه شكر رئيس السلطة على عمل طواقم الإطفاء الفلسطينية، إلى تشكيل جهاز إقليمي ـ دولي للتعاون في مكافحة الحرائق. الاستيطان اليهودي نوع من حريق يستعر! ثماني أو تسع طائرات شاركت في إطفاء الحرائق، لكن الفريق التاسع الفلسطيني، لا يملك أي طائرات من أي نوع كان، بل سيارات إطفاء حديثة التجهيز ورجالها "شجعان وأكفاء" كما قال البعض القليل في الصحف الإسرائيلية. تحصل حرائق في بلاد ذات غابات شاسعة، تفوق مساحتها مساحة فلسطين، ونظراً لاتساعها وضراوة نيرانها، يتلبّد الجو وتمطر السماء بما يساعد على إطفاء الحرائق. رجاء، لا تقولوا لي إن حرائق هذا الخريف في بلادنا هي التي سيعقبها هطول مطر هذا الأسبوع، ولكنها تقلبات الجو التي تزداد تطرفاً كما يقول علماء المناخ. طفل واحد، رضيع فلسطيني، مات حرقاً، نتيجة اللهو والعبث بقدّاحة، وبعد تعليمات الدفاع المدني استعداداً لموسم المطر، صدرت تعليماته حول وسائل الوقاية والاحتياط من الحرائق. 110 حرائق في إسرائيل، و120 حريقاً أصغر في الضفة كانت خسائر الحرائق موت إنسان واحد، بينما حريق مدبر، وبفعل فاعل معلوم في قرية دوما، أسفر عن وفاة عائلة بكاملها باستثناء طفل واحد نجا. "هولوكوست مصغّر". لا نقارن بين حرق زيتونة فلاح فلسطيني، وحرائق غابات صنوبر إسرائيلية... لكن نقارن بين استعار الحرائق وسُعار التحريض العنصري، وتهويمات دينية! كل من شاهد أفلاما أميركية عن الحرائق، رأى كيف يضرم بعضها مُحبُّو الحرائق، وبعضهم من رجال الإطفاء الذين يريدون أن يبدوا "أبطالاً" في إخمادها. لم يهدموا بيوت مستوطنين أحرقوا غلاماً فلسطينياً حياً، أو عائلة بكاملها، لكن السُعار أن يطالبوا بهدم بيوت فلسطينيين مشتبه بهم، أو بإطلاق النار عليهم كما دعا حاخام صغير. هذا سُعار عنصري. 

omantoday

GMT 09:07 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 19:57 2021 الإثنين ,23 آب / أغسطس

الصورة، المقال؛ الملصق.. الخطاب!

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 05:25 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

أسبوعان أيلوليّان مفصليّان !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعار النار وسُعار الألسنة استعار النار وسُعار الألسنة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab