فواز طرابلسي  حرير وحديد

فواز طرابلسي : "حرير وحديد" ؟

فواز طرابلسي : "حرير وحديد" ؟

 عمان اليوم -

فواز طرابلسي  حرير وحديد

حسن البطل

فاجأني (أو لم يفاجئني؟) اللبناني فواز طرابلسي ـ أعرف أنه عضو م/س "منظمة العمل الشيوعي" في قيادة حليف الفلسطينيين محسن ابراهيم. المفاجأة في تأليفه كتابه "حرير وحديد ـ من جبل لبنان إلى قناة السويس" حيث كان لبنان عقدة "المسألة الشرقية"، أو صراع الامبراطوريات على امبراطورية "الرجل المريض" العثماني. هذا "السياسي" الشيوعي المحلي كشف عن موهبة المؤرخ ـ الروائي .. كلا، لم يفاجئني أن يدخل غمار التأليف والتوثيق في سباق جمع تفاصيل واقعية يهملها، عادة، المؤرخ العام لسياسات الدول؛ ولا يهملها السياسي ـ الأديب في سيرورة مصير أشخاص مجهولين أو قادة وملوك. بأسلوب قصصي واقعي مشوّق وطلي يضيف فواز طرابلسي إلى العلاقة الصراعية المعقدة الأوروبية ـ المشرقية (العربية) لا كما يفعل اللغوي الفرانكفوني أمين معلوف بإتقان أكبر، ولا كما فعل المفكّر ـ المنظّر الفلسطيني عزمي بشارة في رواياته العاطفية، أو كما فعل المناضل غسان كنفاني في رواياته، أو السياسي ـ الأيديولوجي اميل حبيبي في رواياته. كان القرن التاسع عشر عكراً في فرنسا (الكومونة، امبراطورية نابليون وغزواته، نزاعات ملوكه وقواده وأمرائه مع الشعب الفرنسي)، وكان عكراً في صراع الامبراطوريات الفرنسية والانكليزية والعثمانية.. من لبنان إلى الجزائر إلى مصر.. عبر أوروبا. كان لبنان، آنذاك، هو "جبل لبنان" دون الأقضية الأربعة، وكان صراعه الضاري يدور بين أمراء الحرب الدروز والموارنة، وكان جبل لبنان هو جبل صناعة الحرير، وكانت انكلترا والأستانة تدعمان الدروز، بينما تدعم فرنسا الموارنة، والنزاع الدرزي ـ الماروني دوّخ ابراهيم باشا، نجل محمد علي باشا، في صراعه مع امبراطورية آل عثمان، ولبناء "وحدة عربية" نواتها مصر وسورية. اصلاحاته لبناء دولة على حساب الاقطاعيات فشلت. في خلفية الصراع البريطاني ـ الفرنسي حصلت معركة "الطرف الأغر" وانتصر الأسطول البريطاني بقيادة نلسون على أساطيل فرنسا واسبانيا. من هذا الانتصار بدأ النشيد البريطاني "سودي بريطانيا .. سودي فوق الامواج" وإلى قرنين بعد ذلك، بقيت الشركات الصناعية البريطانية تفاخر بعبارة "عبر البحار ـ اوفر سيز". ربما لهذا السبب، صار النشيد الالماني، بعد خسارتها الحرب العالمية الاولى: "المانيا.. المانيا فوق الجميع" العام 1922، واعتمدت المانيا النازية النشيد، ثم اعتمدت المانيا الموحدة نشيد المانيا الشرقية. إلى وقت طويل اعتبر موارنة لبنان الكاثوليك فرنسا "الأم الرؤوم" وهذه الدولة اعتمدت على الموارنة في النزاع اللبناني، الذي صار في القرن العشرين، نزاعا اسلاميا ـ مسيحياً، وفي القرن الواحد والعشرين نزاعاً سنياً ـ شيعياً. بغزو نابليون مصر، ثم انكسار فرنسا في معركة "ابو قير" البحرية طوي مجد فرنسا في مصر بعد دورها في افتتاح قناة السويس، ووقعت بلاد النيل تحت النفوذ الانكليزي. انتقل الصراع الفرنسي ـ البريطاني من لبنان الى مصر .. والى الجزائر، حيث فكّر الفرنسيون بتوطين موارنة لبنان في الجزائر دون نجاح، ثم خاف الفرنسيون أن يمتد النفوذ الانكليزي الى الجزائر "امتداد فرنسا وراء البحر"؟ ها هنا فصل مشوق عن صراعهم مع عبد القادر الجزائري "مزيج من امير وقديس" كما وصفوه الذي خذلته السلطنة العثمانية والانكليز، فأعلن "الجهاد" ضد حملة فرنسية من 120 ألف جندي نسفوا القلاع والبيوت والمساجد، وأحرقوا المحاصيل الزراعية، بل وقلب عبد القادر عندما أحرقوا له كتبه (بينها المصحف والإنجيل والتوراة وابن خلدون وابن عربي". ابتكر عبد القادر فكرة "الزمالة" عاصمة متنقلة من 70 ألف نسمة و12 ألف مقاتل وألفي خيّال وأربعمائة حارس وفيها صنايعة يهود.. وتتحرك بسرعة خلال الليل.. وتضرب وتنسحب! قال القائد الفرنسي: "على جنودنا ان تنبت لهم أجنحة ليستطيعوا القبض عليه".. هذا من الحيلة لا من الجبن.. كما قال عبد القادر في رسالة لقائد الحملة الفرنسية. سلطان المغرب خشي أن يمتد نفوذ عبد القادر ليحكم بلاده، فخذل عبد القادر، الذي قاتل تحالف الفرنسيين وجيش السلطان وانتصر.. ثم افلت من الجيش المغربي ليقع في كمين فرنسي محكم. وقع الأمير في الأسر: الانتحار أم الاستسلام؟ فاختار الأخير "يجب افساح المجال امام من يجدّد المقاومة من بعدنا" رافضاً الاستسلام للمغاربة "لن أقدم رأسي لمسلم خانني". الرواية ـ التأريخ غنية جداً بالتفاصيل المشوقة، وبخاصة تفاصيل تربية وصناعة الحرير، وأيضاً بالعبرة من صراعات الامبراطوريات ضد شعوبها وضد شعوب ودول تريد احتلالها "تتنقل شخصيات هذه الحوليات عبر البحر الأبيض شرقه وغربه خلال القرن التاسع عشر". *** فواز طرابلسي :"حرير وحديد ـ من جبل لبنان إلى قناة السويس" رياض الريس للكتب والنشر ط أولى 2012. على غلاف الكتاب خلاصته "أنامل نسّاج لا يرحم، يسميه البعض القدر، والآخر الاستعمار، والثالث "التاريخ".  

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فواز طرابلسي  حرير وحديد فواز طرابلسي  حرير وحديد



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab