منذر جوابرة الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي

منذر جوابرة: الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي

منذر جوابرة: الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي

 عمان اليوم -

منذر جوابرة الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي

بقلم : حسن البطل

أصحابه قالوا لي: تنتظرك مفاجأة! فعلاً فاجأتني لوحات منذر جوابرة «الزمن المكسور» الـ27 الرئيسية الكبيرة (وعشرات غيرها صغيرة). 

ربما خطر في البال ما قاله الأديب ـ الوزير أندريه مالرو في روايته «الأمل ـ المصير الإنساني» عن مشاركته في الحرب الأهلية الإسبانية. ثائر سأل ضابطه: ما خير ما يمكن للمرء أن يفعله؟ قال له الضابط غارسيا: «أن يحوّل إلى الوعي أعمق تجربة ممكنة».

في اللوجستيك العسكري هناك التمويه (كومفولاج) للمواقع وألبسة الجنود. في الفن التشكيلي هناك إقحام مواد مختلفة على ألوان اللوحة (كولاج).

لدينا في نضالنا تجربة الانتفاضات، كما لدينا هذا الاعتقال السياسي. كيف حوّل جوابرة الصورة الفوتوغرافية المباشرة والملصق التعبوي (البوستر) للانتفاضة إلى عملٍ فني في معرض سابق له «الملثّم» الذي جال فلسطينياً وعربياً وعالمياً.

ثم كيف حوّل، الآن، صور وملصقات الاعتقال من مجال الصورة والملصق إلى لوحات فنية لم يسبقه إليها أحد؟

منذر المولود 1976 شارك غلاماً في الانتفاضة الأولى، ومنذر الأربعيني لم يجرّب الاعتقال السياسي. هذا كان يؤرّقه، إلى أن شارك في فيلم عن معتقلين سياسيين، ثم تعايش مع تجربة معتقلين سياسيين سابقين.. ومن ثم ألبس الفني الجمالي ثوب الالتزام النضالي/ الوطني/ الإنسان.

إن فاتكم معرضه عن «الملثّم» فلا تفوتوا معرضه في زمنه «المكسور» عن الاعتقال السياسي. لماذا؟ صار في المكتبة الفلسطينية ما يدعى «أدب السجون». شهادات موثقة صارت روايات ذات قيمة معتبرة كما في كتب عائشة عودة مثلاً.

إلى أدب السجون هناك فن للمعتقلين السياسيين: بسيط وفطري وهو يشكل هدايا المسجونين لأحبائهم خارج تجربة الاعتقال، معظم هذا الفن يعتمد على خيوط الصوف (تذكروا الأسطورة الإغريقية).

ما فعله الفنان جوابرة هو أن أمسك طرف الخيط، الأبيض والأسود غالباً والملوّن أحياناً، وجعله تمويهاً (كومفولاج) وكولاجاً وحيداً، وألبسه غلالة واقعية شفّافة (نصف شفّافة) فوق لوحاته، طولانياً وعرضانياً غالباً، ومائلاً أحياناً.. للسجين السياسي.

لسواه، من أتباع الفن البصري (أوب ـ آرت) أن يكرّسوا الجمالي أولاً، لكنه الفنان الفلسطيني سليل النكبة وابن المخيم (مخيم العروب) مزج الجمالي بالالتزام، بعيداً عن مدرسة «الفن ـ للفن». الموضوع أولاً دون إسقاطه في فخ الجماليات.

للمعتقل السياسي، خلف شبكة خيوط، قُل استعارة من قضبان الحديد والأسلاك، وحتى من نشيد: لا بدّ للقيد أن ينكسر، كل هذه الألوان الحيّة والبهيّة لصورة وهيئة المعتقل.

يبدأ السجن بالاعتقال؛ ويبدأ الاعتقال بقيود على اليدين.. وماذا، أيضاً؟ بعصابة على العينين. لذا، معظم شخوص المعتقلين في لوحاته، وهم فرادى قصداً لا جماعات كما في الصور والملصقات، معصوبي العيون، حتى ولو أمسك واحدهم بيديه منظاراً بعيداً عن عينيه.

قال الصوفي: (يراني ولا يرى ما أرى!) أو يتمرجح كالطفل على أُرجوحة الأطفال وعصابة على عينيه.

لا يكفي مزج الجمالي بالالتزام النضالي، دون موهبة فنية تمسك زمام تقنيات الرسم واللوحة، لتكون هذه تراكيب منسّقة، وجوابرة موهوب، ولعلّه من أكثر جيل الفنانين الفلسطينيين موهبة ودأباً، أيضاً، وله في كل معرض جماعي أو فردي بصمته الفنية، وبخاصة في معارضه الفردية، كما في «الملثّم» والآن في زمن الاعتقال السياسي «المكسور».

لماذا «زمن مكسور»؟ هناك ديمومة الزمن، وهناك ديمومة أخرى: اللحظة التي ستكسر حصار الاعتقال السياسي يوماً ما، زمناً ما.

فتى الانتفاضة الأولى كانت له توقعات أن يخوض يوماً ما تجربة الاعتقال السياسي. لم يخضع لهذه التجربة، لكنه نقل تجربة من جرّبها إلى أعمالٍ فنية؛ إلى لوحات «كولاج» صريحة ومباشرة وبسيطة وواقعية.. وجميلة، أيضاً، ومؤثّرة.

هل كان يمكن لجوابرة أن يستعيض عن خيوط الصوف، وهي هشّة وسهلة الانفراط، بأسلاك مثلاً؟ أم تعمّد خيطاً هشّاً ضعيفاً، كناية عن القول: لا بدّ للقيد أن ينكسر، أو «خيوط العنكبوت».

كان جوابرة من مؤسّسي «جاليري المحطة» مع عصبة فنانين شباب مجدّدين ونشطين، ثم طوى مرسم 301 في بيت لحم الفردي، وصار استشارياً منذ عام 2008 لمجلة «فلسطين الشباب».

يمكن للجمالي أن يخالف الالتزام، لكن يمكن للالتزام أن يكون جمالياً. يمكن لعسف الاحتلال وشروط المحتل أن تبدو قوية، لكن يمكن للقيود والقضبان والعصبة على العيون أن تكون في هشاشة وضعف خيوط الصوف القابلة للانفراط.

لدينا نهضة شبابية من روّاد الفن التشيكلي، لكن ليس لدينا نقّاد، كما حال مصر ولبنان مثلاً، ومن ثمّ فإن الذائقة الفنية تبقى مأسورة في الانطباع.. وفي «مفاجأة» جمالية ـ ملتزمة كما في معرض «زمن مكسور» من 25 تموز حتى 25 آب في «غاليري وان» برام الله.
***

«مجاورة»!

تتعاون ثلاث منظمات فلسطينية مع منظمة ألمانية في مشروع تشاركي لتعزيز المجتمع المدني. مدير عام جمعية «مسار» الفلسطينية، د. منير فاشه، طوّر عبارة الصوفي، جمال الدين الرومي «وراء الصواب والخطأ، يوجد حقل، سألتقيك هناك» إلى مفهوم ـ مصطلح «المجاورة».

هذا مصطلح عربي يتعدّى أي تعبير بالإنكليزية والألمانية، ومن ثمّ اعتمده التربويون الألمان بلفظه العربي.

اللغة الألمانية للفلسفة والمنطق، والفرنسية لعلم الاجتماع والدبلوماسية والأدب مثلاً، لكن للعربية مصطلح «مجاورة» الذي يتعدّى «حي سكني» بالإنكليزية مثلاً.

كان علماء الجغرافيا الألمان اعتمدوا مصطلحات عربية تتعدّى «الصحارى» إلى «سرير» و»حماد» و»سيف» لوصف تضاريس صحراوية من الحصى والحجارة وشكل الكثبان الرملية.

إضافةً إلى «انتفاضة» و»فدائيين».. إلخ!

omantoday

GMT 09:07 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 19:57 2021 الإثنين ,23 آب / أغسطس

الصورة، المقال؛ الملصق.. الخطاب!

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 05:25 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

أسبوعان أيلوليّان مفصليّان !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منذر جوابرة الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي منذر جوابرة الجمالي الفني بثوب الالتزام السياسي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab