التمديد للأسد من لبنان

التمديد للأسد من لبنان

التمديد للأسد من لبنان

 عمان اليوم -

التمديد للأسد من لبنان

وليد شقير

غريبة ومضحكة في الوقت نفسه تلك الاحتفالية التي ظهرت عند الفرقاء اللبنانيين الحلفاء للنظام السوري، بتلك العجقة والزحمة اللتين نظمتهما الأحزاب الموالية لبشار الأسد أول من أمس في لبنان، أثناء ما سمي يوم اقتراع السوريين في الخارج، في الانتخابات الرئاسية التي دعا إليها النظام، وكانت الخيط الفاصل بين الحل السياسي الذي كان يفترض بمفاوضات جنيف – 2 أن تضع أسسه، لكنها فشلت في ذلك منتصف شباط (فبراير) الماضي، وبين مواصلة الحل العسكري الذي لم يسعَ الأسد الى غيره منذ بداية الأزمة عام 2011.
لم تترك الأحزاب الموالية للأسد وسيلة إلا واستخدمتها في الضغط على العمال السوريين من أجل حملهم على التوجه الى السفارة السورية للاقتراع له. حتى أنها استعانت ببعض الأجهزة الأمنية اللبنانية الموالية لها، للمساعدة في هذا الضغط والتهديد بعدم السماح لهم بالانتقال بين لبنان وسورية، في عملية منظمة هدفها التعويض المسبق عن الفشل المرجح في استنفار السوريين داخل سورية نفسها للتمديد للرجل الذي دمر بلاد الشام، واستجلب إليها صنوف الإرهاب كافة وقتل عشرات الآلاف واعتقل وأخفى عشرات الآلاف، وهجّر الملايين.
هذه العملية المسرحية التي ضجت بها وسائل إعلامية لبنانية، وبالطريقة التي جرى فيها تخصيص وسائل النقل لبعض العمال والنازحين السوريين الى السفارة السورية، لم يكن متاحاً لأي فريق مراقبة أن يتابعها، أسوة بما سيحصل في سورية يوم الثلثاء المقبل، بحيث لا يستغرب بعض من تابعوا العراضة التي شهدتها ضاحية بيروت الشرقية – الجنوبية، أن يكون بعض المحازبين اللبنانيين الموالين قد أدلوا بأصواتهم في صناديق الاقتراع التي زرعت في مقر السفارة.
المفارقة أن تضخيم أعداد الذين تسببوا بازدحام السير على الطرقات، لإعطاء زخم للعراضة السياسية الهادفة الى ترغيب السوريين وترهيبهم، ومعهم اللبنانيين، جاءت بعد 3 أيام على خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي نسب الى نفسه، من جملة الانتصارات التي يعتبر أنه حققها ضد ثورة الشعب السوري، انتصار إسقاط التمديد للرئيس ميشال سليمان الذي كان الأخير يرفضه منذ أكثر من سنة. وظل يعتبره محرقة في ظل السياسة التي يتبعها الحزب في سورية وتوريطه لبنان في حربها، ولاعتقاده أن أي رئيس سواء كان هو إذا جرى التمديد له، أو غيره (إذا انتخب الرئيس الجديد)، سيكون نصيبه الفشل والخيبة، في ظل جموح الحزب الى الانخراط في الداخل السوري. افتعل الحزب انتصار إسقاط التمديد الذي كان يحتاج تعديلاً دستورياً الأكثرية المطلوبة لتحقيقه تشمل نواب الحزب، لينتقل هكذا، الى الانغماس في تمديد دموي للأسد للحرب السورية غير المسبوقة في التاريخ بمآسيها، وسائله بدل التعديل الدستوري، البراميل المتفجرة، والغازات السامة والتطهير الديموغرافي ومحو أحياء وقرى وبلدات غادرها المقترعون. لكن أوراق هؤلاء ستسقط في الصناديق بالنيابة عنهم، وبأسمائهم، فيما هم إما مهجّرون داخل سورية، أو في لبنان والأردن وتركيا وسائر بقاع الأرض.
والمفارقة أيضاً أنه في وقت حجب «حزب الله» وحلفاؤه النصاب عن جلسات انتخاب الرئيس اللبناني على مدى شهرين ونيّف، وصولاً الى الفراغ الذي يشهده لبنان في سدة الرئاسة، سعى الى تأمين «النصاب الشعبي» للرئيس السوري، عبر تفرغ قياديي الحزب و «ماكينته الانتخابية»، لاستقدام المد الشعبي المضخم للاقتراع له. وهي مفارقة إن دلّت على شيء فعلى القعر الذي بلغه الوضع السوري مقارنة بسطوة النظام السابقة، على سورية ولبنان معاً، بعد أن كان يفاخر ويجتهد في ابتداع وسائل القهر والقمع والإرهاب ليثبت أنه هو من يضمن نصاب السياسة والحكم والحياة السياسية اللبنانية، وهو من يأتي بالرؤساء والحكومات والنواب... وحرّاس البلديات.
وفي وقت يتوهم من قاموا بعراضة الاقتراع للأسد أن التمديد له في الرئاسة هو تثبيت لانتصار ميداني بعد أن استطاعت قواته بمعاونة إيران و «حزب الله» وسائر الميليشيات العراقية والأفغانية تحقيق تقدم على الأرض في بعض المناطق، لا تؤشر مسرحية الرئاسة السورية إلا نحو انتقال الأزمة الى مرحلة جديدة من التصعيد واستمرار الحرب التي تستنزف أطراف القتال في سورية... وسيبقى لبنان مستنزفاً معها، طالما بقي الفراغ الرئاسي مشروطاً بمجيء رئيس لا يجادل الحزب في تورطه في هذه الحرب.

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التمديد للأسد من لبنان التمديد للأسد من لبنان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab