العودة التركية إلى سورية

العودة التركية إلى سورية

العودة التركية إلى سورية

 عمان اليوم -

العودة التركية إلى سورية

وليد شقير

تنبئ الاندفاعة التركية الجديدة نحو التدخل في سورية بمفاجأة جديدة من سلسلة المفاجآت التي أخذت تتوالى نتيجة رد فعل الدول الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية، على صعود تنظيم «داعش» في العراق، منذ مطلع حزيران (يونيو) الماضي.

وإذا كانت المفاجأة الأبرز التي شهدها الإقليم، هي سرعة انتقال القصف الأميركي الجوي لمواقع «داعش» والتنظيمات الإسلامية المتطرفة الأخرى، المتفرّعة من «القاعدة»، من العراق إلى سورية، بعدما كان الرئيس باراك أوباما استأخر هذا الانتقال في خطته الأولية التي أعلنها لمواجهة الإرهاب، فإن المفاجأة الثانية كانت الاشتراك العربي في أسراب الطائرات الحربية التي ضربت في بلاد الشام، لا سيما الاشتراك السعودي والإماراتي والبحريني والأردني، في هذه الضربات.

مغزى المفاجأتين، أن واشنطن انضمت الى الاعتقاد الخليجي والعربي القائل إن إضعاف «داعش» وأمثاله في العراق تمهيداً للقضاء على هذا النوع من الإرهاب، غير ممكن من دون توجيه الضربات إليه في سورية أيضاً، وعلى قاعدة أن نظام بشار الأسد ليس هو البديل من الإرهابيين، ولا يمكن أن يكون شريكاً في التصدي للإرهاب. لكن هذا التحالف الدولي - العربي لم يكن متوافقاً على ما إذا كانت المعارضة المعتدلة هي البديل، مع ما يتطلبه ذلك من وقت وجهد لتأهيلها، كي تكون جزءاً من حسم عسكري يطيح النظام، أو أن الضربات الجوية، بموازاة تقوية المعارضة كي تكسب مزيداً من الأرض، هو مقدمة لتسوية سياسيّة على أساس قرار جنيف، تقيم هيئة حكم انتقالية يشترك الأسد فيها تمهيداً لرحيله، كما يأمل الأميركيون. حتى أن التباين في الأولويات قائم بين المعسكر العربي في هذا التحالف. فهناك دول مثل المملكة العربية السعودية ترى أولولية رحيل الأسد، كمصدر للإرهاب، وكمنصّة تستخدمها إيران في تعزيز قدرتها على افتعال الأزمات في المنطقة. وهناك دول تعتبر ضرب الإرهاب والتطرف أينما كان، لا في العراق وسورية فحسب، بل في مصر وليبيا والسودان واليمن... هذا ما يتقدّم على ما عداه. ولا مانع من إشراك نظام دمشق في ذلك على أن يتكفّل الوقت بترحيله.

عجّل الرفض الإيراني لتسوية سياسية في سورية على أساس قرار جنيف، خلال مفاوضات واشنطن مع طهران، ثم المحادثات السعودية - الإيرانية، في التقارب الأميركي - الخليجي، لا سيما السعودي إلى درجة التطابق، في شأن التلازم بين محاربة الإرهاب ووجوب تغيير النظام في سورية. فطهران ليست في وارد التخلّي عن أيّ من أوراقها بعد تلقيها «نكسة» العراق، لأن التغيير في سورية ينسحب على دورها في لبنان، بل على العكس تنوي التشدّد بعد الآن، طالما أن لا أفقَ واضحاً في تسوية ملفّها النوويّ.

إلا أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التقط التوافق الأميركي - السعودي، والتشدّد الإيراني، ليعدّل من تحفظّه عن الاشتراك في التحالف الدولي لضرب «داعش» في سورية مطلع الشهر الماضي، وأخذ يعلن أنه شريك في هذا التحالف ويذهب أبعد من ذلك في الحديث عن الحاجة إلى قيام منطقة آمنة، أو منطقة حظر جوي في شمال سورية، وطلب تفويض البرلمان لإدخال قوّات إلى العراق وسوريّة والسماح لقوات أجنبية بأن تستخدم الأراضي التركيّة لمحاربة الإرهاب.

قد تكون المفاجأة الثالثة أن نصحو قريباً لنسمع بالقوات التركية وقد دخلت الأراضي السورية، تحت عنوان حماية الأكراد الذين هجّرت «داعش» عدداً كبيراً منهم إلى تركيا، وتتهيأ لارتكابات ضدّهم، كتلك الفظاعات التي مارستها حيالهم شمال سورية، وقبلها حيال أقليات أخرى في العراق. يسعى أردوغان الى أن يكون بديلاً من طهران في حجّتها أن الحرب على «داعش» غير مفيدة بلا تقدّم على الأرض، لتسويغ الحاجة إليها وإلى النظام السوري، وإلى إحداث التوازن مع دورها الإقليمي الذي يطمح أركان التحالف إلى الحدّ منه. إلا أنه يجنح نحو التفرّد في الانتقال بالأزمة السوريّة إلى مرحلة جديدة، على خلفية استمرار خلافاته مع دولتين عربيّتين رئيسيّتين هما مصر والسعودية، ما يعيد التعاطي مع بلاد الشام على قاعدة الصراع على سورية، وليس فقط مع نظامها و «داعش».

شعاع الاندفاعة التركية سيطلق الأسئلة الصعبة حول طبيعة الردّ الإيراني، وسيوسّع البحث تدريجاً بدور القوات المتعددة الجنسيّة في معالجة الأزمة السوريّة، وهو أمر طُرح في تحرك الموفدَين الدوليّين السابقَين كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي. هذا فضلاً عن أنه يعيد إلى الواجهة إشكاليات أبرزها علاقة أنقرة مع الرياض والقاهرة. فهل ستقبلان بالتفرّج على تنافس إيراني - تركي على بلاد الشام؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة التركية إلى سورية العودة التركية إلى سورية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab